كتبت عايدة الاحمدية: بمناسبة يوم المرأة العالمي تحدثت الدكتورة حبوبة عون، نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لموقعنا “اخباركم اخبارنا” عن تجربتها كامرأة في العمل السياسي والتحديات التي تواجهها. وشددت على أهمية مشاركة المرأة في اتخاذ القرار وكيف يمكن تغيير تصورات المجتمع تجاه دور المرأة في المشهد السياسي، متناولة معاناة المرأة الفلسطينية وتضحياتها
تقول الدكتورة حبوبة عون: “بمناسبة يوم المرأة العالمي، أتمنى أن ينعم العالم كله بالخير، لأنه إذا كانت المرأة بخير، فالعالم كله بخير.
وعن تجربتها كإمرأة في العمل السياسي وتبوؤها مركزاً متقدماً في حزب عريق، تقول الدكتورة عون: “تجربة العمل السياسي من موقع حزبي أمر جميل، ولكن في لبنان، الناس ليست معتادة بعد على فكرة أن تكون امرأة تتبوأ موقعاً حزبياً رفيعاً. يتخوفون أن لا يكون الرأي راجحاً، وينظرون إليها بتساؤلات واستغراب. يستغربون أن المرأة تتكلم وتناقش وتعطي رأيها. إنها تجربة متقدمة، تجربة فيها عراقيل لأن المجتمع غير مهيّئ بعد، لكنها تجربة جميلة لأنها تجعلك تدخلين في موقع القرار وكيف يتغير بالنقاش. حتى نغمة الصوت وطريقة الاستماع تتغير. ولكنها طبعاً تجربة جميلة ومتقدمة وتحتاج إلى نفس طويل.”
وحول التحديات التي تواجهها المرأة في العمل السياسي، تقول: “ليس هناك مانع أمام تعميق مشاركة المرأة في العمل الحزبي إلا خوف الرجل من المنافسة. الإنسان، كان امرأة أم رجلاً، تركيبته العقلية التي خلقها الله هي واحدة. المهم أن يعرف الإنسان كيف يسخر ما يعلمه وما يملكه من مهارات لخدمة قضية وطنية. الكل لديهم محفزات. بالنتيجة، كلنا لدينا قضايا نعمل عليها، إن كان رجلًا أو امرأة. ولكن عندما نصل إلى موقع قرار، تظهر المنافسة أكثر. والمنافسة الشريفة بين الرجل والمراه هي نفسها المنافسة بين رجل ورجل وامرأة وامرأة وامرأة ورجل بشكل عام. وهذه المنافسة تخلق دينامية وتقدماً في المجتمع.”
تضيف، “العائق الأكبر هو كيف ينظر الرجل إلى هذه المنافسة. في كثير من الأماكن، يخاف الرجل على موقعه. هناك خوف من الرجل بأن يتراجع دوره الذكوري. وهذا موروث طبيعي للتفكير في مجتمعاتنا. وهذا أمر ليس بالسهل تخطيه وأن نعود المجتمع عليه وبعض الرجال…”
وتوضح الدكتورة حبوبة عون ان” هناك فئة من الرجال المتقدمين جدًا يأخذون الأمور بعين الاعتبار ويحترمون آراء النساء، لكن هناك جزءًا آخر يرفض ذلك ويثير توترًا بين النساء، حيث يشككون في قدرة المرأة على المشاركة السياسية. يتعين علينا أن نتخلص من هذا التفكير التقليدي ونعزز الرأي والعلم بشكل جريء، دون أن نتناول الأمور بشكل فاحش. المرأة أصبحت من أبرز صانعي القرار، وأنا شخصيًا كمديرة في الجامعة ونائب رئيس حزب، أثبت دوري بفاعلية في مواجهة التحديات الذكورية.”
عما إذا كانت المرأة تستطيع أن تكون صانعة قرار، تقول نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي،” إن صنع القرار، وخاصة في القضايا المصيرية، هو عملية تشاركية وليست وجهة نظر واحدة في كل زمان ومكان. في القضايا كافة، يجب أن تكون المجموعة المعنية مشاركة وحاضنة للقرار، ونحن كأفراد يجب أن يكون لدينا وضوح في آراءنا وتصرفاتنا. صنع القرار الناجح هو اليه مشتركة من الفئة المستهدفة بهذا القرار، إلى الناس المشاركين به، ولهم حق الموافقة أو الرفض. لذلك، يكون صنع القرار أفضل بالتشارك، وعدم تبادل وجهات النظر يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير مرضية.”
وبخصوص الخطوات التي اتخذها الحزب الاشتراكي لصالح المرأة، أوضحت الدكتورة عون أن الحزب اتخذ قرارًا داخليًا بتخصيص 30% من المواقع الحزبية للسيدات. على الصعيدي الوطني، كان الحزب مشجعاً لنظام الكوتا في مجلس النواب، مع التأكيد على أن هذه الخطوة إيجابية. ويعتبر الموقف الإيجابي من حقوق النساء في لبنان هو جزء من رؤية الحزب.”
وعن رسالتها للمرأة اللبنانية تقول،” على مر العصور كانت امرأة صامدة، تربي الأجيال والقادة والقيادات.لا أريدها أن تتخلى عن هذا الدور ولا أن تهمل نفسها في الوقت نفسه.يجب أن يكون لديها توازن بين كل القرارات التي تتخذها، من جهة، الاهتمام بنفسها على المستوى الفردي والشخصي، أن تبقى بأجمل إطلالة وأن تحافظ على راحتها النفسية.
وبالوقت نفسه، أتمنى منها أن لا تهمل دورها كأم وابنة وأخت وزوجة وعمة وخالة، وكل هذه الأدوار التي تلعبها، لأنها أدوار أساسية.
فهي من تربي صانعي المستقبل.فمهما كان القائد كبيراً، يذهب ويبكي على كتف أمّه ويقبل يدها.فالمرأة لها دور مهم وأساسي في صناعة جيل وصناعة وطن وصناعة شباب نثق بهم ويحملون هم وطنهم.”
و للمرأة العربية تقول:”استمري على طريق التطور والانفتاح، ولكن بتوازن ما بين دورك العلمي والوطني ودورك الخاص وهو دور إظهار الشخصية والأنوثة والجمال والترتيب.
فالمرأة العربية أينما وجدت قادرة على أن تثبت نفسها وتعمل على تمكين موقعها.”
اما المرأة الفلسطينية، فتعتبرها قدوة في الصمود والتحدي.و تُحيي الدكتورة عون إصرارها وقوتها، وتشير إلى دورها الكبير كأم ومثال للصمود في ظروف صعبة، حيث تضحي حتى تضمن لأطفالها الطعام وتكون مصدر قوة وأمان.وتقول “إذا نظرنا إلى ما يحدث في غزة على كل المستويات، لا يسعنا إلا الانحناء اجلالًا لهذه المرأة الصامدة، لذلك القلب ولذلك العقل ولذلك الإنسان. هي المرأة الفلسطينية التي تعاني وتصمد، وجدت لتدعم مع معاناتها وصمودها. إنها أم للمصابين أو لأطفال ليس لديهم ما يأكلونه. هي المرجع لكل شيء، تهتم في التفاصيل، وعلى الرغم من أنها بحاجة لمن يهتم بها، فكم هو عظيم دور الأم الفلسطينية التي قد تنام بلا طعام حتى تطعم.”
وبشأن ما تتعرض لها المرأة الفلسطينية من اعتداءات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، تقول الدكتورة عون: “ما تتعرض له المرأة الفلسطينية يجعلني أتذكر أيضًا سيدات من العراق وسوريا اللواتي تم اغتصابهن أمام أزوجهن وأولادهن، وقتلهن مع عائلاتهن في انتهاكات خلال الحروب. يتم المس بعرض المرأة وشرفها، لأنهم يستسهلون ضعفها.
أما بالنسبة للسكوت العالمي حيال كل المجازر التي تحدث في حق الأطفال والنساء، تلفت الى “إننا نرى مناصرات دولية لحقوق المرأة تلقي الضوء على حالات محددة. يجب أن نسلط الضوء على الانتهاكات التي تطال المرأة. نقول إن القانون الدولي الإنساني يلزمنا بأن نحترم حقوق الأسير والجريح والعدو أيضًا، ويجبرنا على احترام المرأة وكل ما تعنيه من خصوصيات، سواء كانت أخلاقية أو أدبية أو جنسية. كل هذه القصص التي يستسهلون بها الاعتداء على النساء، لأنهن ضعيفات وليس لديهن القدرة على المقاومة، نحن لا نريد للمرأة أن تكون في موقف ضعف، وأن ينتهك جسدها وعائلتها وعرضها وشرفها، ونظل ساكتين.”
وعن سبب عدم رفع الصوت حول الانتهاكات التي يمارسها العدو الإسرائيلي بحق نساء فلسطين، تقول الدكتورة عون اسْتِنْكارًا لمجازر الإبادة التي تحصل هناك. تحدث تحركات على المستوى الداخلي والعالمي، ولكن في الماضي كانت هذه التحركات أقوى وكانت تظهر في وسائل الإعلام. قد يكون (الحظر) الحالي على بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي سببًا في عدم التكلم عن المرأة في غزة. ومع ذلك، يجب علينا توجيه رسالة أقوى للحفاظ على خصوصية المرأة وجماليتها. الله ميزها، ولا يجب أن نخرج عن هدي الله وعطاياه. ومن هنا أقول: احترموا المرأة، وإحترموا أولًا وآخرًا القانون الدولي الإنساني.”