كتب ابراهيم بيرم: برزت في بيروت في الفترة الماضية، مشكلة اسمها “تأمين ادوية الامراض المزمنة والمستعصية”، وقد انبرى رئيسا لجنتي الصحة العامة والشؤون الخارجية في مجلس النواب الدكتور بلال عبد الله وفادي علامة للبحث عن حلول من خلال استعطاء بعثات وسفارات بغية توفير ادوية اعتادت وزارة الصحة تأمينها مجاناً للمرضى وفق آلية قانونية وطبية.
الامر يتصل بنحو 12 ألف و500 مريض والمطلوب تأمين 260 دواء لهم، لكن الواقعة تعكس امرين صعبين هما:
- مدى الانهيار المريع الذي بلغه النظام الصحي الرسمي في لبنان بكل مؤسساته (وزارة الصحة، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تعاونية موظفي الدولة، الى المؤسسات الطبية في الاسلاك العسكرية..) وابرز مظاهره المأساوية تكمن في عجز الوزارة عن تأمين ادوية الامراض المزمنة لنحو 13 الف مريض اعتادوا ان يقصدوا مبنى الوزارة في بئر حسن والكرنتينا للحصول على تقديمات وضعت آليات الاستفادة منها منذ عقود.
- ان الدولة ممثلة بحكومة تصريف الاعمال، باتت تفتقد الى آليات او استراتيجيات لحل معضلة حياتية ملحة من هذا النوع، لذا لم يكن أمام النائبين عبد الله وعلامة، إلا أن تصديا للأمر وبادرا إلى هذه الخطوة الجريئة.
يقول النائب عبد الله لـ “موقعنا” في معرض تعريفه لهذه الخطوة: “لا يمكن أن نعقد كل الآمال والرهانات على تلك الجولة الاستعطائيّة التي انطلقنا بها لتوّنا، كما لا يمكن أن نظل نراوح في دائرة اليأس والتشاؤم. المهم أننا انطلقنا ونحن مصممون على العودة بمكتسبات تبدّد خوف المرضى المنتظرين”.
وعن الدوافع التي حدت به وبزميله علامة اتخاذ قرار المضي في “مغامرة” كهذه، يقول: “لقد صار معلوماً أن اموال حقوق السحب الخاصة قد اوشكت على النفاد، وليس خافياً أننا صرفنا نحو 500 مليون دولار منها على تأمين الادوية للأمراض المزمنة”.
الامر الثاني، يضيف عبد الله، أن المطلوب لتأمين هذه الادوية مبلغ شهري يترواح بين 30 الى 53 مليون دولار. ولم يعد جديداً القول بأن حاكمية مصرف لبنان الحالية سبق لها وابلغت الى وزارة المال والحكومة عموماً، أن المركزي لم يعد اطلاقاً في وارد توفير اموال لنفقات الدولة واحتياجاتها كما كانت العادة ايام الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة. والمعلوم ايضاً ان الحاكمية الحالية ظلت ملتزمة بكلمتها ولم تبدل، مما يعني انها جادة وليست في وارد اعادة النظر.
الى جانب ذلك ، يستطرد عبدالله: “لسنا على يقين من موعد اقرار الموازنة العامة التي لحظنا في مشروعها الحالي اموالاً لوزارة الصحة لتوفير ادوية الامراض المزمنة والمستعصية”.
لذا يستنتج عبد الله “ان الوضع امامنا صار صعباً جداً ويبعث على الخشية من أن يأتي يوم من الايام وتعجز وزارة الصحة العامة عن تأمين دواء لمريض يقصدها طلبا لدواء مرض مزمن، وعندها سنكون أمام كارثة انسانية، لذا اخذنا المبادرة وشرعنا في تحركنا بالتنسيق مع الحكومة ووزارة الصحة”.
ورداً على سؤال قال عبد الله: “لقد اخترنا الذهاب الى الدول الشقيقة والصديقة المتعاونة، وتحديداً الدول القادرة من جهة، اضافة الى دول نعرف سلفاً أن لديها مصانع متطورة تنتج انواعاً من هذه الادوية التي نحن في أمسّ الحاجة اليها من جهة اخرى. ولأننا نعرف ايضاً ان الحصول على مساعدات مالية من هذه الدول أمر دونه عقبات وتدابير تقنية صعبة، فاننا تحدثنا مع البعثات التي قيض لنا ان نلتقي مع اركانها بلسان واحد وصريح وهو اننا لسنا في صدد طلب معونات مالية بل نريد مساعدات طبية عاجلة في مقدمها بطبيعة الحال ادوية الامراض المزمنة والتي تؤمنها الدولة للمرضى منذ زمن بعيد، وأنّ لهم حق الاطلاع والمتبعة لآليات التوزيع واستفادة المرضى المستحقين من هذه الادوية”.
وقال عبد الله رداً على سؤال آخر: “لقد زرنا الى الآن بعثات كل من الكويت والسعودية وقطر والولايات المتحدة والهند والبرزيل وسويسرا، وفي جعبتنا ان نزور ايضاً بعثة باكستان الى بعثات اخرى نتظر تحديد موعد زيارتها”.
ويعرب عبد الله عن تفاؤله بأن “ينتج هذا الجهد القصد المتوخى منه لأنه قصد انساني”.