
كتبت عايدة الاحمدية: فيما يمر لبنان في فترة حرجة تتعلق بملء الشغور في المؤسسة العسكرية يبرز السؤال حول مستقبل الجيش اللبناني في ظل الانقسامات السياسية والتنافس على السلطة الني تحكم هذا الملف
فبعد ان أعلنت مصادر متعددة عن توافق سياسي على تعيين العميد طوني قهوجي في جلسة وزارية يحضرها وزير الدفاع، أصدر البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، تحذيرًا عالي السقف بشأن عدم التدخل في شؤون الجيش و دعا في عظة الاحد الى “عدم المسّ بقيادة الجيش العليا حتى انتخاب رئيس للجمهورية وشدد على انه لا يجوز الاعتداد بما جرى في مؤسسات أخرى تجنباً للفراغ فيها فالأمر هنا مرتبط بحفظ الأمن على كامل الاراضي اللبنانية والحدود ولا سيما في الجنوب بموجب قرار مجلس الأمن 1701″، مضيفاً “أي تغيير في الجيش يحتاج الى حكمة ولا يجب استغلاله لمآرب شخصية. وقال: “انتخبوا رئيساً للجمهورية وأوقفوا المقامرة بالدولة”
كلام الراعي الذي استند الى الدستور الذي يقول ان مرسوم تعيين قائد الجيش يحتاج لتوقيع رئيس جمهورية وحكومة أصيلة، أعاد خلط الاوراق من جديد واستبعد طرح تعيبن قائد جديد للجيش لا سيما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نحيب ميقاتي سبق واكد مرارا انه لن يسير باي قرار دون توافق وموافقة البطريرك الماروني، امام ذلك يعود موضوع قيادة الجيش الى نقطة الصفر.
وفي هذا الإطار سيعاد البحث في المخارج الممكنة لتلافي الفراغ في المؤسسة العسكرية. فكيف سيكون المخرج في ظل المواقف المتباينة.
على خط الحكومة فان التمديد او تأجيل التسريح ما يزال مستعصيا حيث ان مسألة الشغور في المؤسسة العسكرية تحتاج لموافقة وزير الدفاع العميد المتقاعد موريس سليم وهذا امر مستبعد نظرا للرفض القاطع الذي يظهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تجاه بقاء العماد جوزيف عون على رأس المؤسسة العسكرية، فضلا عن ان التمديد يفتح الباب أمام الطعن، لأن لا شيء في قانون الدفاع يجيز التمديد.
ايضا الحل القانوني والمتمثل بتأجيل التسريح من الخدمة العسكرية بمذكرة يوقّع عليها وزير الدفاع يدخل في خانة موقف التيار من عون.
اما الحل الاخر الذي يمكن ان يكون عبر مجلس النواب بإصدار قانون يعدل السن القانونية لتسريح قائد الجيش يبدو انه لم ينضج حتى الساعة اذ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا يزال يتشدد في ان يصدر القرار عن مجلس الوزراء وليس عن مجلس النواب.
باسيل من جهته لا يزال يراهن على تكليف العضو المتفرغ في المجلس العسكري اللواء بيار صعب بمهام قائد الجيش بالإنابة. الامر الذي يرفصه البطريرك الراعي كون مركز قيادة الجيش يجب ان يتسلمه ماروني
اما موقف حزب الله ما يزال يتأرجح بين خيارين: إما المضي بخيار التمديد بسبب الظروف الأمنية الحرجة، وإما المضي بتوفير الغطاء لحليفه المسيحي جبران باسيل.
الحزب التقدمي الاشتراكي وفي ظل هذه المتاهة يرى الحل اما في تعيين رئيس أركان جديد للجيش (منصب يشغله درزي) مع إنجاز تعيين المجلس العسكري او بالذهاب الى رفع سن التقاعد للعاملين بالسلك الأمني والعسكري.
وهذا الراي تلاقيه فيه القوات اللبنانية التي ستشارك في جلسة تخصص لهذا الغرض، رغم مقاطعتها الجلسات النيابية في ظل الفراغ الرئاسي.
القوى السنية بدورها لا تعارض هذا الطرح ولكن شرط التمديد لمدير عام الأمن الداخلي (منصب يشغله سني) اللواء عماد عثمان، الذي يحال على التقاعد في مايو/أيار المقبل.
في ظل هذه الاجواء التمديد للقيادات العسكرية بحاجة إلى مزيد من النقاش، كي لا يكون الموضوع في إطار التحدي لأي طرف.
وسط ذلك تؤكد مراجع قانونية ان ثمة راي قانوني يقول ان قانون الدفاع ينص بوضوح في مادّته الـ 27 على أنّ “رئيس الأركان ينوب عن قائد الجيش في حال غيابه ويمارس مهامّه وصلاحيّاته طوال فترة غيابه و”قائد الجيش قادر على تعيين رئيس للأركان بالوكالة، وبإمكانه أن يصدر قراراً بتعيين الضابط الذي يختاره بالتكليف مؤقتاً لتسيير أعمال رئاسة الأركان، الى أن يُعيّن رئيس للأركان أصيل، وهذا الأمر لا يحتاج الى قرار من وزير الدفاع.
ويتحدث الوزراء عن دراسة قانونية، أعدها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة تأخذ بعين الاعتبار الإنابة عن توقيع وزير الدفاع على طلب تأجيل تسريح العماد عون، بذريعة أنه لم يتجاوب مع الرسالة التي كان أرسلها إليه ميقاتي والمتعلقة بالتعيينات في المؤسسة العسكرية لملء الشغور، لأنه من غير الجائز اللعب باستقرار المؤسسة العسكرية، ولكن هذا الطرح الذي يتحدث عنه بعض الوزراء قد يصطدم بمسالة تامين النصاب لا سيما ان “ا ل ح ز ب” لا يربد ان “يكسر الجرة” مع التيار الوطني الحر.
في خضم هذه المتاهة السياسية والعسكرية، يتطلع اللبنانيون إلى حل يحفظ وحدة واستقرار مؤسساتهم، خاصة الجيش الذي يلعب دورًا حيويًا في حفظ الأمن والاستقرار. إما أن يتم التمديد لقائد الجيش الحالي أو تأجيل تسريحه بموافقة وزير الدفاع. ورغم التحديات القانونية والسياسية، لا بد من ان يتواصل البحث عن حل قائم على الحوار والتوافق، يحقق مصلحة البلاد ويمنع الانزلاق إلى الفراغ في المؤسسة العسكرية، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الأمنية الحرجة التي يشهدها لبنان.