كتب باسل عيد: في أجواء من الحزن والالم الشديدين الذين اعتصرا قلوب ذويهما ومحبينهما وفي مأتم مهيب، شيع صباح اليوم الأربعاء جثمانا الشهيدين الصحافيين فرح عمر وربيع المعماري، الذين قضيا أمس الثلاثاء بفعل استهداف مسيرة إسرائيلية لموقع تواجدهما في جنوب لبنان.
وعند التاسعة والنصف صباحا وصل النعشان ملفوفان بالعلم اللبناني الى الباحة الخارجية لقناة الميادين في بيروت، وكان في استقبالهما حشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والاعلامية والدينية والحزبية وزملاء الشهيدين في “الميادين” ومن سائر الوسائل الاعلامية بالاضافة الى أهاليهما الذين اتشحوا بالكوفية الفلسطينية.
ولدى وصولهما علت الزغاريد والتصفيق ونثر الورود، فيما بثت آيات قرآنية عبر مكبرات الصوت.
وأم رئيس اتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود المصلين على الجثمانين، وتلا قبل الصلاة كلمة تأبينية أكد فيها على شهادة فرح وربيع وبأن روحيهما ارتفعت مباشرة من الارض الى السماء وبأنهما اصبحا في أفواه طيور الجنة وانهما مطمئنان ومرتاحان.
وتوجه بالتحية الى أهل الشهيدين واهالي شهداء غزة والضفة والشهيدات الثلاث في عيناتا.
وختم: عمر ومعماري شهداء على طريق القدس في وجه الصهيونية وهم مقبولون عند الله ومغفورة ذنوبهم ومطمئنة قلوب احبائهم.
وبعد صلاة الجنازة ألقى أهل الشهيدين وزملائهما النظرة الاخيرة على النعشين وسط حالة من التأثر الشديد، ليحملا بعدها على الأكف من قبل عناصر “الهيئة الصحية الاسلامية” ليجوبوا بهما في باحة “الميادين” وسط تصفيق حاد وزغاريد الحضور، لينقلا بعد ذلك الى مثواهما الاخير، حيث دفن معماري في روضة الشهيدين في بيروت ودفنت عمر في مسقط رأسها في مشغرة بالبقاع الغربي.
شكوى لمجلس الأمن
في المواقف، اعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب انه “سنتقدم بشكوى لمجلس الأمن الدولي ونطالب بإدانة استهداف الصحفيين”، مشيرا الى ان “إسرائيل تتعمد استهداف الصحفيين بهدف قمع حرية الرأي والصحافة”.
من جهته أشار وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية زياد مكاري، إلى أن الحكومة اللبنانية ستتوجه بشكوى إلى مجلس الأمن بعد مقتل صحفيين اثنين من “قناة الميادين” في غارة جوية إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان.
وفي تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”، قال مكاري: “ما المتوقع من إسرائيل التي لا تميز بين شيخ أو طفل وبين طبيب ودبلوماسي وصحفي، بالنهاية الحقيقة موجعة لكيان مثل الكيان الإسرائيلي والحقيقة هي أهم حرب بظل غياب العدالة الدولية وبظل هذا التضامن من حكام الغرب مع إسرائيل”.
تنديد داخلي وخارجي بالجريمة
وكانت صدرت، أمس الثلاثاء، سلسلة مواقف داخلية وخارجية منددة بالجريمة الاسرائيلية التي استهدفت عمر والمعماري أبرزها من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي اتصل ب”الميادين” مستنكرا. وعبر ميقاتي عن ادانته الشديدة للاعتداء الاسرائيلي الذي إستهدف الاعلاميين في الجنوب،
وقال: “هذا الاعتداء يثبت مجددا ان لا حدود للاجرام الاسرائيلي ،وان هدفه اسكات الاعلام الذي يفضح جرائمه واعتداءاته.
وإلى جانب الاستنكار الداخلي الواسع من قبل سائر القوى والشخصيات والاحزاب اللبنانية، صدرت عدة مواقف خارجية دانت الاعتداء وعزت “الميادين” بشهيديها.
ودان وزير الاتصال الحكومي في الأردن، مهند المبيضين القصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة صحافيين بقناة الميادين في جنوب لبنان.
وقدم السفير الكوبي في لبنان، خورخي ليون كروز تعازيه للميادين في مبنى القناة قائلاً: “نحن على ثقة بأن هناك المئات من فرح وربيع في الميادين”. وأشار، من أمام مقر القناة، إلى أننا “طالبنا بالوقف الفوري للنار في غزة، وبفتح كل المعابر الإنسانية”.
بدورها، أعربت نقابة الصحافيين العراقيين عن استنكارها الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق صحافيي الميادين.
وقدم المكتب الاعلامي للمجلس الأعلى الاسلامي العراقي التعزية لقناة الميادين باستشهاد مراسلة القناة فرح عمر والمصور ربيع المعماري.
كما دانت الصحافة العربية والعالمية، جريمة الاحتلال الإسرائيلي بحق صحافيي شبكة الميادين الإعلامية.
وأكّد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزّة، أنّ جريمة الاحتلال بحق صحافيي قناة الميادين، وسياسته في استهداف الصحافيين وقتلهم “لن تُفلح في طمس حقيقة هذا الاحتلال الدموي”.
وشدّد المكتب الإعلامي على إدانته بأشد العبارات “استهداف جيش الاحتلال المجرم للزملاء الصحفايَّيْن العاملين في قناة الميادين الفضائية الشهيدين البطلين، فرح عمر، وربيع المعماري”.
بدوره، قال حزب العمال في الأردن إنّ مواصلة الاحتلال قتل الصحافيين إنّما “يهدف إلى قتل الحقيقة وخنقها كي يتمكن من مواصلة بث أكاذيبه للعالم”.
ومن العراق، أكّد الحشد الشعبي أنّ “جرائم الاحتلال بحق الإعلام، ولا سيما قناة الميادين، تشير إلى أنّه يعيش حالة من الهستيريا والسعي لتكميم الأفواه”.
من جهتها، أدانت وزارة الإعلام في حكومة صنعاء استهداف الاحتلال لطاقم قناة الميادين في جنوب لبنان، مشيرةً إلى أنّ هذا القصف المتعمّد سبقه الكثير من الاعتداء الممنهج للطواقم الإعلامية.
من جانبه، قال السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني إنّ “قدر الميادين أن تقدّم التضحيات على مذبح الحقيقة والكلمة”، مشيراً إلى أنّ هذا “العمل الجبان هدفه إرهاب القناة وإسكات صوتها المقاوم والطليعي في فضح وحشية الاحتلال”.