كتب المهندس باسل قس نصر الله: منذ مدة، تنادى رفاق المدرسة لكي نجتمع مرة كل أسبوعين.
كنا قد بدأنا نتعرّف على بعضنا البعض عندما كنّا في الصف الثالث الإبتدائي، في معهد الأخوة المريميين في حلب.. فهذا أحمد وهذا جورج وذاك صبيح والآخر كابي.
أعادتني هذه الدعوة إلى طفولتي وأصدقائي في مدرستي في حلب “الأخوة المريميين” Les frères maristes والتي هي نموذج لسوريا.. حيث كنا مجموعة صغيرة من أولاد المدرسة، جمعتنا مقاعد الدراسة ولم تفرّقنا الأديان. فكان الطفل منّا مسيحياً كان أم مسلماً، يلْطش من – الراهب المبتسم – “فرير جورج” السكاكر، ويساعد الشيخ المسلم في تحركه ضمن باحات المدرسة.
كنا في صفٍ دراسيٍ واحد، على مقاعد مرسومة من طفولتنا.. نلعب ونتبادل الدفاتر والطعام.. ندرس و”نشخبط” على صفحات دفاترنا، ولم نكن نعرف المسيحي من المسلم ولا السنّي من الشيعي ولا الكاثوليكي من الأرثوذكسي.
ببراءة، وُلدت صداقتنا ومحبتنا من دون أن يوجهنا أحدٌ إلى ذلك..
هكذا كانت مدرستنا في حلب، تضم الوطن بمسلميه ومسيحييه، وبأطفاله الذين كانوا أحياناً يتبادلون “السندويشات” بين بعضهم البعض.
حالياً، توزّع الطلاب في أنحاء العالم وبقيت شلّة منّا أصدقاء إلى يومنا هذا.. نجتمع ونتذكر ماضينا ومدرستنا وباحاتنا، وحتى باعة السندويش وحنفيات المياه، والأهم أساتذتنا..
إتصل بي “سعد سماني” وهو صديق مدرسة، وكان من صغره يعشق الشوكولاته وصناعتها، ويهرب من المدرسة لمتابعة تصنيعها حتى برع في إنتاج شوكولا “lee”.
كان أهله يملكون محل حلويات في حلب باسم “مينيون” (بالفرنسية)، لذلك كنتُ أناديه كما ينادي عادة الرجال في سوريا، باسم “أبو فلان”. وكان اسم والده “جميل”، فأخذت أناديه “أبو جميل مينيون”.
إتصل بي، وطلب مني أن أرسل له أسماء “الشباب” لكي يرسل لهم هدية عيد الميلاد، وقال: “المسلمون والمسيحيون”.
هكذا يتم بناء الأوطان، على أساس المحبة وليس التقسيم الطائفي.
كل عام وكلنا بخير، بمناسبة أعياد ميلاد المسيح وميلاد سوريا.
عيد الميلاد السوري لكل أطياف المجتمع..
اللهم أشهد إني بلغت.