![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/07/871685116024b702b1dc6f5c65686999e7aae493aa16651cf53-compress.jpg)
كتب مسعود محمد: اغتيال الوزير محمد شطح أتى بلحظة شبيهة بتلك التي نعيشها اليوم حيث رفع فيها حينها حزب..الله سقف الخطاب السياسي ليبلغ حد التهديد المباشر سواء عبر بيانات كتلته النيابية أو الخطاب الناري لأمينه العام حسن نصرالله الأمر الذي رسم صورة قاتمة للمرحلة المقبلة من حيث استمرار الفراغ في المؤسسات الدستورية، وامتداده إلى موقع الرئاسة الأولى، ومن حيث التدهور المتواصل للوضع الأمني، مع ما ينتج عن كل ذلك من نزيف مالي واقتصادي. زيادة عن ذلك هناك حرب استنزاف على حدودنا الجنوبية يقول امين عام الحزب انه يخوضها ليخفف الضغط العسكري عن غزة دون ان يتحقق ذلك فعلاً اذ قتل حتى اللحظة أكثر من عشرين الف مواطن فلسطيني وسويت مناطق كاملة بالأرض والغيت عائلات كاملة من السجلات بسبب الموت وقتل اكثر من مئة شاب لبناني بتلك الحرب دون نتيجة فعلية لا بل نتيجة سلبية لصالح لبنان ومزيد من التدهور الاقتصادي ورجعت للتداول صفة “مهجر جنوبي” بعد ان كانت الأرض حررت وعاد المواطن الجنوبي الى قراه ومدن الجنوب.
التهديد الأكبر قبل اغتيال شطح صدر عن أمين عام حزب.. الله السيد حسن نصرالله الذي قال. ” ممنوع تشكيل حكومة أمر واقع ونقطة على السطر ما حدا يلعب معنا …!”. واليوم يقول الأمين العام نفسه ما في رئيس الا اذا كان مرشحنا “سليمان فرنجية”.
وكأن الشهيد كان يعرف انه راحل فغرد آخر تغريداته محذرا من ان حزب الله يريد ان يعيد لبنان الى عهد التسلط عهد النظام السوري، واورد شطح في تغريدته ان “حزب الله يهول ويضغط ليصل الى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عام: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجي””.
أن القاتل الذي ارتكب جريمة اغتيال الوزير السابق محمد شطح هو نفسه المتورط في إراقة الدم السوري واراقة الدم اللبناني في 7 أيار وعبر سلسلة طويلة من الاغتيالات التي ابتدأت بالرئيس الشهيد رفيق الحريري ولم تنتهي بالوزير الشهيد محمد شطح الذي اغتيل بلحظة يراد بها ان يلغى الاعتدال وتسود لغة داعش والنصرة والتشدد، نحن امام لحظة قد يقوم بها الحزب من جديد باغتيال شخصية ما لتثبيت الواقع الذي يعمل على فرضه مرة بالحسنى عبر ما يسميه حوار لفرض رأيه فيه على قاعدة “نحن من يقرر” ولكم وضع بصمة القبول “لزوم الديمقراطية الشكلية” واذا ما نفع الامر يهدد ويرمي تهم العمالة على كل من يخالفه الرأي وصولاً للتصفية الجسدية اذا ما لزم الامر كما فعل مع لقمان سليم وقبله هاشم السلمان.
لا يعتبر شطح شخصية أمنية أو عسكرية، وكان معروفاً باعتداله وثقافته الواسعة وبتوليه العلاقات الخارجية في تيار المستقبل. يجب أن ينظر بالتالي الى اغتيال محمد شطح في سياق موقعه ودوره الاستشاري والدبلوماسي، فالضربة كانت موجهة أولاً الى سعد الحريري رئيس تيار المستقبل والشخصية الرئيسية في تجمّع 14 آذار لإضعافه، واخراجه (وهذا ما حصل)، وباعتبار شطح من الحلقة القيادية الضيقة المحيطة بالحريري، كما أنها كانت موجهة الى وظيفته الدبلوماسية وعلاقته ببعض الدول العربية والأجنبية المقرّبة لتجمع 14 آذار (السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا)، وذلك لوضع لبنان تحت سيطرة النظامين السوري والايراني، وهذا ما نشهده اليوم عبر هيمنة حزب الله على الحياة السياسية اللبنانية.
الى هذين العاملين الفاعلين في رصيد شطح كهدف للاغتيال، يمكن إضافة نقطتين، الأولى أن شطح هو ابن مدينة طرابلس، وهو ما يجمعه بالوزير السابق أشرف الريفي، فطرابلس هي المدينة اللبنانية التي تحدت لعقود طويلة ومازالت تتحدّى السلطات السورية بشكل مباشر وتؤوي عشرات آلاف اللاجئين السوريين، وناصرت الثورة السورية، والثانية هي أنه كان دائم الانتقاد لممارسات حزب .. الله ووكلاء النظام السوري في لبنان وهذا أيضاً ما يجمعه بصديقه النائب أشرف ريفي.
تم اسكات صوت شطح، ليعلو بعد ذلك الصوت الداعي الى الحوار مع حزب.. الله، والاستسلام لإرادته تحت ضغط الاغتيال، والسلاح الغير الشرعي العابر للحدود نحو سوريا والعراق واليمن واميركا اللاتينية، لتثبيت دور ايران الإقليمي والدولي عبر ممارسة الاٍرهاب الدولي، وقتل الشعب السوري وتهجيره. فتم التسويق لانتخاب حليف حزب.. الله والنظامين السوري والايراني ميشال عون، وها نحن نشهد الفصل الأخير لسيطرة حزب الله على لبنان بعدما استخدم الجنرال واستفاد من الغطاء المسيحي الذي امنه له ليعود ويستغني عنه وعن تياره الذي بدأ رئيسه جبران يزعجه رغم عدم ثباته على موقف واضح ضد الحزب الا انه بارع بالـ “حرتقة” وتمرير الرسائل فهل يكون مصيره كمن حرتقوا قبله؟
وصلت الجرأة بالحزب بالتطاول على بكركي التي اعطي مجد لبنان لها عبر تخوين المطران موسى الحاج ممثل البطريركية المارونية في لبنان وسائر انطاكيا في القدس عبر تعمّد “فبركة” الأخبار الكاذبة والترويج لها، بدل تثبيت الوجود المسيحي في فلسطين ارض ولادة المسيح منذ 2024 عاماً. قبل ان يتهم الحزب المطران نسأله من يقدم المعلومات عن كل تلك البيوت التي تقصف في الجنوب ولماذا سقط هذا العدد من الشباب اللبناني لم ولن ننسى مشهد نثر الأرز على دبابات الاحتلال وهي تدخل الأراضي اللبنانية.
علينا رفع الصوت عالياً وعدم الرضوخ لحملات التخوين والترهيب، والاستعاضة عنها بالعمل على ما يخدم الكنيسة والأبرشيّة والمسيحيين في الأراضي المقدسة لتثبيت وجودهم، هل يعي الحزب ما معنى الغاء الهوية والوجود المسيحي في فلسطين؟ هل اصبح شريكاً بإخراجهم من ارضهم؟
المطلوب في هذه اللحظة وقوف ما تبقى من القوى السيادية وقفة رجل واحد بوجه الهجوم الذي نتعرض له لمنع قيامة الدولة، وعليها العودة للشعار الأصل “العبور الى الدولة”، القوى السيادية مطالبة بالعودة الى الشارع ومواجهة قتلة الشعبين السوري واللبناني، عليها تجديد اعلان ايمانها بلبنان ومواجهة السلاح سلميا بصدور عارية، سلاح حزب.. الله ليس أقوى من سلاح الإحتلال السوري الذي كلن جاثما على صدور الشعب اللبناني لمدة ثلاثين عاما، لقد أخرج جيش الاحتلال السوري بانتفاضة سلمية زلزلت كيانه، لنعود الى الشارع ولنطلق الانتفاضة بوجه السلاح.