خاص “أخباركم” – كتب ميشال ن. أبو نجم
جبران باسيل في عاصمة الشمال طرابلس للمرّة الثانية في غضون شهرين. خبر ليسَ تفصيلاً في سياق الحياة السياسية اللبنانية التي غالباً ما تعيش على تكريس الصراعات والإنقسامات والصور النمطية. فبعد افتتاح شارع “مينو” وترميمه بمبادرة من شباب “التيار” كانعكاس للعمل السياسي الذي يرغب بتكريسه، يزور رئيس التيار الوطني الحر طرابلس الخميس المقبل، في جولةٍ موسّعة تستكمل ما بدأ في الزيارة السابقة من سياسة لمد اليد وتعزيز التواصل.

بعدما شملتْ الزيارة السابقة سياسيين وافتتح فيها باسيل شارع مونو، تتضمن الزيارة الحالية لقاء المرجعيات الدينية، المسيحية والإسلامية، وزيارة للشارع نفسه، ولقاء حوارياً مع مجموعة من شباب طرابلس، من المتوقع أنْ تتخذ طابع مناقشة الملفات الإنمائية والسياحية والثقافية.
وتؤكد أوساط متابعة أن الخطوة الثانية لباسيل في اتجاه طرابلس، تأتي في إطار من تثمير التواصل والإنفتاح المستمرين منذ فترة ليست بقصيرة. ذلك أن العديد من الشخصيات السياسية الطرابلسية، سارعت إلى الإشادة بالخطوات الإنفتاحية وتأكيد ملاقاة عاصمة الشمال أي يد ممدودة، فضلاً عن رفض سياسة الإنغلاق وإقفال المدينة على نفسها. وتواكب وسائل إعلام “التيار” الزيارة بلقاءات مع شخصيات طرابلسية وفتح الهواء لها، للتعبير عن رأيها بهذا الإنفتاح والخطوة التي لا يمكن أحداً أن يعترض عليها.
وتشير الأوساط المتابعة نفسها، إلى أن السياسة التي يعتمدها “التيار” تجاه طرابلس، سبقها خطوات مكثفة على الأرض منذ فترة طويلة، مهدت الأجواء لتغيّر المناخ السياسي في المدينة تجاه حركة “التيار” الديناميكية. فهناك العناوين المشتركة التي يرفعها “التيار” كالتنمية في مدينة يعلم الجميع ما عانته من حرمان تاريخي، وتطوير السياحة فيها وهي التي تراقب نهضة البترون الهائلة، قادرة على تشكيل مساحات تلاقٍ بين كل الأطياف السياسية والطائفية، ومن بينها التيار الوطني الحر والبيئة الطرابلسية. وإضافة إلى عناوين العمل المشترك، اجتهد شباب طرابلس في “التيار” في التواصل السياسي والإجتماعي مع الشخصيات الدينية والسياسية، وطوروا معها “إشارات” التلاقي والتعاون.
هذه الأوساط المتابعة في “التيار”، تعلم جيداً أنَّ نهج الإنفتاح لا يلغي استمرار العقبات الحالية، والناتجة عن الصور والأحكام المسبقة، وهذا ما يتطلب مساراً متواصلاً من الحوار وتقديم نموذج عملي على الأرض، كما حصل في شارع “مينو”. لكنها تتمسك بأن ما يحصل اليوم، يشكل ركيزة متينة يُبنى عليها للمرحلة المقبلة، خاصة وأن “الشباب” الممسكين بالعمل الحزبي “التياري” في طرابلس، خبروا كل الصعوبات وباتوا يحملون تجربة مكثفة في التعاطي مع الواقع المتنوع وكل ما تعكسه طرابلس من وجدان وتصورات سياسية.

هناك خطوات عامة تساعد باسيل في زيارته. ذلك أن الموقف العام للتيار الوطني الحر من حرب غزة ومن العدوانية الإسرائيلية المستمرة، تشكل مساحة تقاطع واسعة مع الوجدان الطرابلسي. وقبل أيام قليلة من زيارة طرابلس، كان “التيار” يسلط الضوء على خلاصات وثيقة الأخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب، في ندوة جمعت أطيافاً متنوعة إسلامية ومسيحية، ومن بين الحضور ناشطون في بيئات إسلامية ويختلفون في الرأي السياسي مع “التيار”، لكنهم لبوا الدعوة إلى لقاء فكري – ديني جامع.
ومع تواصل المؤتمرات التي تهدف للتواصل مع شرائح المجتمع اللبناني، وترسيخ كسر الحصار الذي تعرض له “التيار” مع “17 تشرين”، بات بجعبة هذه القوة السياسية كل الوسائل اللازمة، والمساعدة، لتوسيع دائرة تواصله لا بل تقديم صورة مختلفة تزيل الكثير من سوء الفهم الذي شاب علاقة “التيار” بعد ال2005 مع بعض البيئات الطائفية والسياسية، وخاصة مع الوجدان السني اللبناني.