كتب مسعود محمد: الضربات تتوسع ووصلت الى العمق اللبناني في الغازية امس، بظل تتعدد آراء اللبنانيين في كيفية التعاطي مع «ا ل ح ز ب»، ولكنهم جميعاً لا يرغبون في أن تتوسع الحرب في لبنان بل يريدون أن يعود الإستقرار إلى الجنوب وأن يطبق القرار 1701 من الجانبين، وهو قرار لا يحتاج إلى آليات جديدة لتطبيقه، وليس سراً أنّ من أخذ لبنان إلى الحرب هو نفسه الذي يعطل الإنتخابات الرئاسية وهي الخطوة الضرورية للبدء بالخروج من الدوامة التي يعيشها لبنان والناجمة عن عدم إعادة تكوين السلطة ومصادرة قرارها.
وليس سراً إنّ ما يقوم به «ا ل ح ز ب» في لبنان ليس موضع إجماع أبداً، ولكن اللبنانيين المعارضين له ليسوا بصدد مواجهة عسكرية وهم لا يملكون الإمكانيات، وهم يخوضون مواجهة سياسية تفتقر الى الاجماع وتوحيد موقف المعارضة، وهي رغم شرعيتها وتمثيلها على الأقل لنصف الشعب اللبناني الا انها لا تلقى من جانب «ا ل ح ز ب» وهو يمعن في تهميشهم المعارضة، ولا يقوم بأي مبادرة تظهر حسن النوايا في جميع المواضيع الخلافية.
للمرة الأولى منذ حرب غزة، امتدت الضربات والمواجهات على الحدود الجنوبية أمس الى جوار صيدا. وأدّت غارتان إسرائيليتان تباعاً الى تدمير منشآت في بلدة الغازية، قال الجيش الإسرائيلي انها «مستودعات أسلحة» تابعة للحزب، وأفاد موقع «العهد» الالكتروني التابع للحزب أن الغارتين استهدفتا «مستودعاً تابعاً لمعمل لصناعة المولدات، ومستودعاً آخر تابعاً لمعمل لتصنيع الحديد.»
وفي مقابلة أجرتها قناة «الجزيرة» القطرية مع عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، وضع الضربات والغارتين في سياق المواجهات الدائرة بين «الحزب» وإسرائيل.
ورداً على سؤال، قال فضل الله: «لا حديث (حول الوضع في الجنوب) قبل انتهاء حرب غزة». ورفض ما سمّاه «الشروط الإسرائيلية»، قائلاً:» أهل الأرض هم من يقررون. وما يطرحه الموفدون لا مكان له في النقاش.»
في المقابل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري «إنّ الجيش الإسرائيلي كان وراء غارات جوية كبيرة بالقرب من صيدا في لبنان»، وأضاف: «إن الضربات تأتي رداً على طائرة بدون طيار محمّلة بالمتفجرات تابعة للحزب ضربت حقلاً مفتوحا» في منطقة طبريا قرب بلدة أربيل الشمالية».
ولفت الإعلام الإسرائيلي الى أنّ الهجوم المشتبه به بطائرة بدون طيار، وقع على بعد حوالى 30 كيلومتراً من الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، وهو أعمق بكثير داخل إسرائيل من معظم الهجمات التي شنّها الحزب، والتي استهدفت إلى حد كبير المنطقة الحدودية والجليل الأعلى.
وهذا يفسر ما كتبه الرئيس السابق للحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على موقع «اكس» محذراً من انزلاق الى المجهول بعد الاعتداءات المتكررة على لبنان من قبل إسرائيل متخوفاً من «حرب مفتوحة طويلة قد تستغرق أشهراً أو أكثر.» ونصح كمراقب بضرورة حصر النزاع إذا أمكن في حل المشاكل العالقة الحدودية والتقيد بالقرار 1701 واتفاق الهدنة.»
أصبح جلياً ان الاحتلال الإسرائيلي سيفرغ بالتفاهم مع الولايات المتحدة، وفق مطلعين، كل ما فيه جعبتهم من أهداف عسكرية وأمنية في غزة ولبنان وسورية والعراق وربما في إيران ومن غير المستبعد الدخول بعملية برية الى رفح، وذلك لمحاولة تحقيق إنجازات ميدانية ولو معنوية لتحسين الوضع التفاوضي للاحتلال في المفاوضات وإجبار حركة حماس على خفض سقف مطالبها وشروطها خلال التفاوض في القاهرة.
ويبدو انه سينتظر لبنان كثيراً قبل استعادة الهدوء على حدوده. وهو من ربط الهدوء بصفقة مع حماس تبدو بعيدة في ظل تصعيد حماس وطرح زعيمها إسماعيل هنية شروط صعبة رفع مطالبه فيها إلى الحد الأقصى: «وقف مطلق للعدوان، وانسحاب القوات الإسرائيلية خارج القطاع، ورفع الحصار، وعودة النازحين… والالتزام بإعادة إعمار القطاع». رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو اعتبر بان القبول بها سيشكل هزيمة لدولة إسرائيل.
حتى اللحظة لا مكان للبنان أو لحربه في التسوية الآنية الا ان المشروع الأميركي الأشمل للمنطقة الذي يتضمن حل الدولتين، والتطبيع العربي الإسرائيلي، سيجد نفسه تحت بند إيجاد تسوية دبلوماسية للمواجهة بين «ا ل ح ز ب» وإسرائيل.، وهذا سيفتح باب النقاش حول تطبيق الـ 1701 وهذا ما ينتظره الحزب فتلك اللحظة ستتيح له شراكةً في ترتيبات الشرق الأوسط الجديدة، فيحفظ دوره، ويلبي حاجة إيرانية ملحة، وهذا ما حذر منه الرئيس السابق ميشال عون في مقابلة مع محطة الـ OTV التي قال فيها ان «ترجمة تطورات غزة والجنوب بصفقة رئاسية أمر غير جائز سيادياً والا تكون تضحيات الشهداء ذهبت سدى وتكون أكبر خسارة للبنان.»
وأردف، «انتخاب الرئيس يكون بعقد جلسات متتالية والتصويت بين المرشحين المطروحين».
وحتى يحين وقت التسوية المنتظرة من الحزب. بإيعاز إيراني، سيتضاعف الثمن من دماء المواطنين، ولن تكون الدولة اللبنانية موجودة للتوقيع حينها، فانتخاب الرئيس اصبح بعيداً، والحكومة هي لتصريف الاعمال ولا تستطيع ان تحل محل الرئيس الغائب، حتى ولو خرق الرئيس ميقاتي الدستور مدعوماً من الثنائي، فهو عملياً مع وزير خارجيته اصبح أداة ديبلوماسية تحمل رسائل الحزب للتسويق لفكرة ربط ساحة لبنان بغزة التي قال عنها الرئيس ميشال عون.
“لسنا مرتبطين مع غزة بمعاهدة دفاع ومن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية، لكن قسما من الشعب اللبناني قام بخياره، والحكومة عاجزة عن أخذ موقف، والانتصار يكون للوطن وليس لقسم منه”.
ولفت الى، أن “القول إن الاشتراك بالحرب استباق لاعتداء إسرائيلي على لبنان هو مجرد رأي والدخول في المواجهة قد لا يبعد الخطر، بل يزيده”.
ومن التطورات الميدانية، الى المستجدات الديبلوماسية. فمن المقرّر أن يجتمع سفراء اللجنة الخماسية في قصر الصنوبر الرابعة عصر اليوم، للاطلاع، بحسب معلومات «نداء الوطن»، على نتائج لقاءات السفير السعودي وليد البخاري في الرياض، خصوصاً مع المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا. ويتوقع تحديد الخطوات التالية، بحيث لا تكون زيارة السفراء الجماعية الأخيرة الى عين التينة يتيمة، وسيتم وضع برنامج لزيارات مماثلة ذات تأثير مباشر على الاستحقاق الرئاسي، كما سيجرى تقييم للقاءات التي عقدها السفراء إفرادياً مع قيادات لبنانية.
وسبق تحرك سفراء «الخماسية» في لبنان اتصال هاتفي أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد خلاله «ضرورة بذل الجهود بهدف تجنّب التصعيد واشتعال المنطقة، خصوصاً في لبنان والبحر الأحمر، حيث مخاطر التصعيد قائمة»، كما ورد في بيان قصر الأليزيه .
وتوقعت قناة «ان بي ان» التابعة للرئيس بري زيارة كل من الموفدين الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان ايف لودريان لبنان.