كتب ابراهيم بيرم لأخباركم – أخبارنا: رغم ارتفاع منسوب التفاؤل بنتائج الجولة الاخيرة من المفاوضات الدائرة حالياً في الدوحة، بهدف التوصل الى اتفاق يضع حداً لجولة العنف التي تعصف بغزة وقطاعها منذ السابع من تشرين الاول الماضي، والمقرون بخطة لتظهير الخلاف والتباين بين واشنطن من جهة وحكومة بنيامين نتنياهو من جهة أخرى، فإن محور المقاومة بكل الوان طيفه، لا يزال مقيماً على حذره ولم يغادر بعد خشيته من مسلّمة طالما كررها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه مراراً، وفحواها ان اي اتفاق لوقف الحرب الاسرائيلية على غزة وحركة “حماس” في هذا التوقيت وفي مثل هذه الشروط والنتائج، معناه خسارة موصوفة له ولحكومته المترنحة، ولاسرائيل ومشروعها.
لذا، فان القناعة الراسخة لدى هذا المحور تنطلق من ان ما يسجل خلال الساعات الماضية من حماوة في الاتصالات واللقاءات وحركة الموفدين واطر التفاهم، لا يتعدى كونه مناورة سياسية اسرائيلية – اميركية مشتركة ومنسقة لأن كلاهما لم يجنحا بعد الى اقرار تفاهم يكون مفتاحه وقف نار دائم.
وعليه، فان محور المقاومة ولا سيما ركنه الاساسي، اي “حزب الله” ما زال يتصرف على اساس ان المواجهات الضارية التي انطلقت في غزة منذ السابع من تشرين الاول الماضي، والمعارك التي بدأت على طول الحدود اللبنانية مع الكيان الاسرائيلي بعد يوم واحد فقط، مستمرة وتتوالى فصولاً، وانه لم يحن الوقت الذي تستطيع فيه واشنطن ممارسة ضغوط حاسمة وجدية على نتنياهو لوقف حربه المفتوحة على غزة، بشراً وحجراً.
ويقول الخبير الاستراتيجي العميد الركن الياس فرحات في تصريح لموقعنا، ان محور المقاومة ما انفك يمضي قدماً في سياسة تعزيز دفاعاته من جهة، وفي تطوير اساليب هجماته الردعية من جهة أخرى. انطلاقاً من فرضية كامنة لدى هذا المحور، مفادها ان المعركة مع الكيان الصهيوني لم تضع أوزارها بعد، وان نتنياهو استطراداً لا يزال يعرف تمام المعرفة ان ما حققته حربه المفتوحة على غزة تحديداً وعلى الجنوب اللبناني امتداداً، من نتائج ميدانية غير كافية اطلاقاً لتوفر له فرصة الخروج بصورة نصر يباهي بها، وتؤمّن له ما يجنّبه السقوط النهائي وخسارة احلامه المعروفة في أن يصير واحداً من عداد القادة التاريخيين لبلاده.
ويتحدث العميد فرحات عن خطوات عدة خطاها المحور في اطار سياسة تعزيز دفاعاته وهجماته في الايام القليلة الماضية:
الاولى، اللقاء الذي عقد بين ممثلين عن جماعة “انصار الله” اليمنية (الحوثيون) ومندوبين عن 3 فصائل فلسطينية اساسية هي “حماس” و”الجهاد الاسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. وفي تقديري، ان القيمة الاساسية المضافة لهذا النبأ تتمثل في امور ثلاثة الاول، انعقاده في بيروت بالذات، والثاني في ايصال خبر الاجتماع الى وكالات الانباء العالمية لكي يأخذ هذا الحجم من التداول، والثالث ان البحث بين الاطراف الثلاثة المنضوين في محور واحد (كما ورد في البيان) تركز على “مسألة تنسيق الجهود وتكاملها لردع العدوان الاسرائيلي المستمر”.
الثانية، تتمثل في اعلان فصائل الحشد الشعبي في العراق (وهي ايضاً في محور المقاومة) عن انها قررت توجيه صواريخها ومسيّراتها في اتجاه القواعد والمواقع العسكرية الاسرائيلية في الجولان السوري المحتل وفي الداخل الاسرائيلي فقط، والكف عن مهاجمة القواعد الاميركية في العراق وسوريا والاردن على غرار ما فعلته سابقا مراراً.
اما الخطوة الثالثة فتتمثل في كلام وزير الدفاع الايراني بعيد لقائه بنظيره السوري في طهران، والذي اعلن فيه ان بلاده وسوريا باتت تضع في حساباتها الرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الاراضي السورية.
وخلص فرحات الى ان اي ربط بين هذه المستجدات، يوصلنا الى استنتاج جوهره ان قرار المحور يقضي بعدم الركون الى هدنة وتبريد قريبين، والاستعداد في المقابل لمواجهات مع العدوانية الاسرائيلية، مع ما يقتضي ذلك من زيادة الضغوط على اسرائيل لكي لا تتمادى في عدوانيتها.