كتب حنا صالح: في صبيحة اليوم الـ1647 على بدء ثورة الكرامة من الجنوب المحاصر بالنار وزيارة ميقاتي عون إلى باريس وإعادة تركيز الأضواء على أزمة النزوح السوري، أحداث كثيرة تستأثر بالإهتمام هذا الصباح. لكن يبقى “الفيلم الأميركي الطويل” بين تل أبيب وطهران في الصدارة.
ومع هذا الفيلم حيث يتفوق “الحائك” الأميركي، يتأكد المؤكد وهو إلى التفاوت النوعي في القدرات العسكرية والتكنولوجيا للبلدين، فإنه منذ إستهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، والرد الإيراني الإستعراضي(..) إلى ما جرى فجر أمس فوق أصفهان وتبريز وطهران، فإن ستارة أُسدلت على غزة والغزاويين وليس من الصعب التكهن بما يدور في خلد السنوار، هنية، الضيف ومشعل حيث لا جدال ما هي أولويات طهران!
بداية كان لافتاً جداً تعميم حالة إنكار، فإسرائيل لم تعترف رسمياً بالرد على الرد، ومن جانبها نفت طهران الأمر ولم تحدث ضربة إسرائيلية وتدرس ما الذي جرى ومن يقف خلفه. يتم كل ذلك تحت مظلة أميركية أرادت منع إحراج أي من الطرفين. ولافت أيضاً أن الوزير الروسي لافروف الغائب عن أحداث المنطقة أبلغ إسرائيل عبر القنوات الديبلوماسية أن إيران لا تريد التصعيد(..) والسؤال الذي يطرح نفسه هل ما يجريغطاء تقاسم خطير على الطريق للمنطقة تحت الرعاية المباشرة للأميركيين ومعهم الأطلسيين!
جانبان مهمان في العملية، في الأول واضح أن إسرائيل إستخدمت طائرات الشبح “آف 35″، ومن مكان بعيد إستهدفت بالصواريخ أهم قاعدة رادار إيرانية في أصفهان، وهو أبرز منسأة للدفاع الجوي عن موقع “نطنز” النووي.. وفي المعلومات التي لم تتأكد أنه تم من داخل إيران إطلاق مسيرات تنبه لها متأخراً الدفاع الإيراني.
أما الأمر الثاني فلماذا أصفهان بالتحديد هنا تكمن قوة الرسالة الإسرائيلية. اصفهان ليست كأي منطقة أخرى، بل هي المنطقة التي تضم أكبر قدر من القواعد العسكرية والمرافق البحثية المرتبطة ببرامج تطوير المسيرات والصواريخ البالستية، إلى منشأة “نطنز” النووية.
مما تقدم أرادت تل أبيب إرسال إشارات قوية إلى طهران عما تمتلكه من قدرات وأنها لا تريد تصعيداً أكبر فتبيع ذلك إلى إدارة بايدن، وتسقط التحدي الإيراني الذي تضمنه موقف طهران من أنه بعد الرد الإيراني ستعمد طهران الرد المركب أي سترد على كل الضربات الإسرائيلية. الآن ستعود تل ا[يب إلى عمليات التوحش ضد غزة ومزيد من الإستباحة للبنان الذي يمعن جزب الله في توريطه بحرب إيرانية إرتدت على لبنان بخسائر مخيفة!
بهذا الصدد حذّر ماكرون رئيس حكومة تصريف الأعمال من خطر عملٍ عسكري إسرائيلي وشيك ضد لبنان، ولفت الإنتباه قول ماكرون أن وقوع إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي في قصف حزب الله لموقع “عرب العرامشة” سيؤدي إلى ردٍ إسرائيلي. ونبّه إلى أن إسرائيل لن تعامل لبنان بأفضل ما تعامل به غزة، وحث الرئيس الفرنسي ميقاتي للطلب من حزب الله أن ينضبط. وأكدت باريس بعد إستقبال ميقاتي ثم إنضمام قائد الجيش إلى اللقاء أن باريس تعتزم “مواصلة الدعم الضروري للقوات المسلحة اللبنانية”.
أما ملف النازحين، الذي نبه جعجع يوم أمس أنه يمثل خطراً وجودياً على لبنان، وهو يضغط على مجمل الوضع اللبناني، فالزيارة أظهرت إهتمام الإتحاد الأوروبي الذي وضعه على بساط البحث بطلب من روما، فيما وعدت باريس بمساعدات لتخفيف وطأة هذا النزوح وتداعياته!
غير أن بعض ما لفت الإنتباه في زيارة رئيس الحكومة الواجهة، هو ما تسرب عن لقائه رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر، وهو “نصيحة” ميقاتي فرنسا إجراء حوار مع النظام السوري، لأن أي حل سيمر عبر سوريا(..)، وأن الأسد “ما زال جزءاً فاعلاً في المشهد ومؤثر فيه”(..) ليطلب الإستفادة من موقف رئيس النظام السوري تجاه الحرب على غزة وعدم تورطه وتورط سوريا وأن “ذلك يعد دلالة على حسن نواياه تجاه المعسكر الغربي وتحتاج إلى من يتلقف ذلك”! أما لماذا لم تتورط سوريا ورفضت ضغوط إيران وحزب الله فهذا حديث آخر غير ما زعمه ميقاتي!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.