كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1657 على بدء ثورة الكرام تحتاج الكارثة اللبنانية إلى قراءة أشمل، وعمل ميداني على الأرض فمصير الجميع على المحك. والبداية تفترض إعمال مخيلة الكفاءات السياسية والإقتصادية وبالأخص الحالات التشرينية لصياغة المختلف المحرج لمن ضرب عرض الحائط بحقوق اللبنانيين ومصيرهم، والمقنع القادر على إيقاظ المارد الشعبي من ثباته، أو نزوله عن مقاعد المتفرجين ليساهم حضور الناس برسم سياقٍ آخر مغاير لما يتم دفع البلد إليه.
ما يئن تحت ثقله الجنوب يتسع تباعاً ليشمل لبنان، ولئن تمكن نتنياهو من الذهاب إلى توسيع عمليات التوحش الحربي وإجتياح رفح، فإن الحريق اللبناني سيكون قابلاً لإتساعٍ أكبر أي خراباً عميماً. لعلاج مآسي المنطقة ممر وحيد، هو قرار إستثنائي يفتح بحزم المسار أمام حل الدولتين. مؤكد أن الذهاب إليه ليس باليد على المدى القصير، رغم إتساع القناعة الدولية به، والمحلية بالتأكيد، بأنه الأمر الوحيد القادر على تغيير صورة الشرق الأوسط، ما سيعني رسم حدود دقيقة للمتدخلين والمشاركين في صناعة الكارثة، خصوصاً إسرائيل: أدى إمعانها في الإجرام بإنتهاك حقوق الفلسطينيين إلى إطلاق موجات تطرفٍ مدمر، ولم تضمن أمنها.. وإيران التي أجادت التذرع بحقوق الفلسطينيين لإطلاق أخطر تطرفٍ هزّ إستقرار المنطقة والحدود التاريخية لدولها، ونجح في إقامة دويلات موازية تغولت على الشرعية والحقوق الأولية للمواطنين..وبدا للقاصي والداني أن حقيقة ما تسعى إليه هو مزيد من التوسع والهيمنة ولافت التقدم الذي حققته!
كل المبادرات الخارجية التي تحمل عنوان محاصرة النار المشتعلة وتنطلق من ضرورة خفض التصعيد كمرحلة أولى، تضع المصالح الإسرائيلية في المقدمة، والأمر لا يحمل أي مفاجأة، فبعد السابع من تشرين الأول، شهدنا التماهي الأميركي الأطلسي مع العدو الإسرائيلي وغياب مدو للقوى الأخرى مثل روسيا والصين. لكن قراءة محايدة بشأن المبادرات التي تقدم توفير الأمن لشمال إسرائيل، سيبرز أن وجهاً آخر لهذه المبادرات، هو ما سيوفر الأمن في الجنوب، لعودة النازحين قسراً رغم الصعوبة المادية للعودة نتيجة الدمار الذي أصاب نحو 60 قرية وبلدة. وهو ما سيعطي لبنان فرصة تلتقط فيها الأنفاس، تتيح نقاشاً داخلياً مختلفاً قد يفرمل إنحلال الدولة والتسيب البالغ الخطورة، وكان آخر وجوهه ما شهدته عكار يوم أمس من إنفلات السلاح الميليشياوي في عراضة قاتمة روّعت المواطنين وأسقطت جرحى، وشهدت تخلٍ من بقايا السلطة وأجهزتها وقواها الأمنية عن دورها ومسؤوليتها وواجبها. إنها رسالة مقلقة أحد وجوهها منع إنتشال لبنان من المحرقة، والوجه الآخر إصرار على وصم البيئة السنية بالتطرف وهو ما سعى إليه دوماً محور الممانعة الذي تقوده طهران.
اليوم الطويل للمباحثات التي أجراها الوزير الفرنسي ستيفان سيجورنيه إنتهى إلى إعلانه باسم فرنسا “رفض السيناريو الأسواء في لبنان وهو الحرب”. وبعدما حذّر من خطر جدي بحرب إسرائيلية، حث على تطبيق القرار الدولي 1701 كاملاً، وأن على اليونيفيل أن تلعب الدور الحاسم لتفادي السيناريو الأسوأ وعلى كل الأطراف أن تسمح لليونيفيل القيام بمهامها كاملة..ولفت إلى إستعداد فرنسي لدعم الجيش، مؤكداً أن عودة الإستقرار تتطلب إعادة إنتشاره في الجنوب. وقال أن فرنسا تنتظر الرد الإسرائيلي على مقترحاتها بعدما أخذت بإقتراحات وتعديل الجانب اللبناني. هنا يبدو النقطة الأهم الإستعاضة عن عبارة إنسحاب ميليشيا حزب الله من الجنوب إلى شمال الليطاني بعبارة إعادة تموضع! أما كيف سيطبق القرار الدولي فما من جواب على هذا السؤال وكيف يمكن لليونيفيل أن تلعب دوراً مؤثراً لترسيخ الهدؤ فالأمر بيد الغيب؟!
وبعد تستمر بقعة الضوء التي تصنعها النخب الأميركية في 39 جامعة، في تحرك طلابي شبابي، يوازي وربما يزيد، عن تحرك مماثل قبل أكث من 6 عقود، رفضاً لحرب الفيتنام وللتجنيد الإجباري آنذاك. التحرك يستقطب النخب الأميركية ويحرج الإدارة والساسة وصناع القرار، وكفى محاولات يائسة لإختزاله بصورة حمساوية أو علم لحزب الله. إنه التحرك الأفعل لدعم حق الشعب الفلسطيني بدولته والمنطلق وقف الحرب على غزة والإبادة الجماعية، وهو التحرك الأفعل الذي حمل عناوين معاقبة مرتكبي المجازر كما رفع شعار قطع التبادل العلمي المعرفي بين الجامعات الأميركية والإسرائيلية. للتذكير في التحركات المشابهة ضد حرب الفيتنام رفعت أيضاً الأعلام الفيتنامية وأعلام ورايات قوات “الفيتكونغ”. خلص فضوها سيرة!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.