الثلاثاء, أبريل 22, 2025
22.6 C
Beirut

“الجماعة”… غايات في نفس يعقوب!

نشرت في


كتبت فاطمة حوحو لأخباركم – أخبارنا: من المضحك – المبكي أن تصدر “الجماعة الإسلامية” بيان استنكار لما جرى في بلدة ببنين في عكار أثناء تشييع “شهيدين” لها، هما مصعب وبلال خلف استهدفتهما اسرائيل في البقاع الغربي. كان الفاعلون من الملثمين الذين حملوا قذائف “آر بي جي” والأسلحة الرشاشة، وأطلقوا النار عشوائياً أثناء التشييع، فأصابوا طفلاً برأسه وإمرأة. وأخذوا يستعرضون قوتهم العسكرية غير آبهين بأرواح الناس الذين يحيطون بهم، علماً أن الحادثة ستمر كالعادة من دون أن يحاسبهم أحد. فالفوضى المسلحة قائمة ومتنقلة في كل الأرجاء، ولبنان الدولة لا وجود له.
لكن السؤال الذي يتبادر الى الأذهان: هل يكفي إعتذار “الجماعة” ليكفكف الدموع ويمنع تالياً الخوف الذي زرعه عناصرها المسلحة في قلوب الآمنين، وهل تكفي البيانات الدعائية بالقتال ضد اسرائيل ونجدة الأخوة الفلسطينيين في حرب غزة؟
من أين خرجت هذه القوة العسكرية للجماعة، ومن أين تتسلح؟ مَن يقدم لها الدعم لتزجّ بالمقاتلين في “قوات الفجر” وما هو مشروعها في لبنان؟ هل تقبل بالتنوع والاختلاف، وما هو سر تقاطعها مع “حزب الله” و”حماس” والدول التي دعمت وتدعم التطرف الإسلامي هنا أو هناك، بهدف تغيير الواقع السياسي وفرض دويلات طائفية تتناحر حتى تفني ما تبقى من الوطن.
السلاح الذي قيل على لسان قيادات “الجماعة” إنه موجه حصرا ضد العدو الإسرائيلي، لماذا “يتمختر” في بيروت ويستعرض في عكار؟ ولماذا لا يحصر نشاطه في التصدي لاسرائيل، وهو ما يتطلب سرية العمل وليس عراضات مسلحة؟ علماً أن هذا السلاح لا شرعية له كونه سلاح ميليشيا، كما هو حال سلاح “حزب الله” وفقاً لاتفاق الطائف، وعملاً بالقرار 1701.
لقد كره اللبنانيون العراضات المسلحة، أكانت تأتي من هذا التنظيم أو ذاك. ففي ذاكرتهم ما يكفي، سواء خلال حروب الميليشيات في الحرب الاهلية، او في عروض القوة المسلحة تحت عناوين سياسية برّاقة من نوع “المقاومة” او “تحرير فلسطين” أو “الزحف نحو القدس”… كلها شعارات محقة، إلا ان سبيلها لا يكون في استعراض ميليشياوي غير مستساغ ولا مقبول، ولا يمكن للناس الابرياء أن يدفعوا أثمانه كرمى لارتباطات واهداف سياسية لا تخدم الا من يموّل ومن يدفع ومن يستعرض بهدف السيطرة.
ماذا يعني اطلاق الرصاص والقذائف بين الناس، وهل قتال اسرائيل يكون في شوارع بيروت او قرية بعيدة مئات الكيلومترات عن الحدود مع اسرائيل؟
وهل يمكن لهذا السلاح البسيط المؤلف من رشاشات او قذائف تستخدم في حروب الشوارع، او اللباس العسكري والأقنعة السوداء، ان يحقق انتصاراً على العدو الخارجي، وهل فعلاً انتشاره خارج المناطق الحدودية اذا سلمنا جدلاً هو لمهمة الدفاع عن لبنان التي هي حصراً للجيش اللبناني و ليس لميليشيا؟ إنه منطق اللامنطق بالطبع، او هو رسالة للخارج، ام أن هدفه ايصال رسالة للداخل أيضاً، كأنه يقول انه سلاح ربما للدفاع عما يتردد من مقولات “مظلومية السنة”، أو محاولة لكسب جمهور منكسر في المعادلة اللبنانية.
تختصر التجربة السياسية للجماعة الاسلامية في السيطرة على بلديات في قرى ذات طابع سني، وبناء تحالفات مع أحزاب السلطة مبنية على المصالح. لكن معظم البلديات لم تقدم شيئاً للناس سوى حكايات عن تجارب بينت عمق الانقسامات داخل الجماعة، والخلافات بين افرادها على المصالح الشخصية، والتي جرى تقديمها على مصالح الناس التي لم تستفد من أي مشاريع تنموية لأن المصلحة العامة لم تكن في عداد الإهتمامات الأولية الجماعة. كما ان نواب الجماعة لم يكن إداؤهم في أفضل حال. وفي التجربتين كانت الأدلجة الاسلامية سارية المفعول ومفروضة تحت عنوان الدين الذي لا يمكن الجدال حوله والا فتهمة الكفر سارية المفعول، كما هي تهمة التخوين عند “حزب الله”، الذي يهدف الى تحقيق جمهورية إسلامية، إذا انتقد سلاحه غير الشرعي.
من الواضح ان الجماعة الاسلامية تستغل اليوم التعاطف الشعبي مع اهل غزة التي تعرضت لحرب إبادة مستنكرة ومدانة، لكن هل سيتم تحرير فلسطين عبر قوات الفجر او عبر الترويج لـ “الجهاد” للدفاع عن الأقصى او ما شابه من شعارات؟ وبالتالي، أسر لبنان وتعريض سيادته للخطر وجعله ساحة لصراع مخابراتي دولي يجعل منه شبه وطن في ظل اصرار الجماعة على توظيف عمليات جناحها العسكري “قوات الفجر” للكسب السياسي وهو أسلوب غير غريب عنها، فمن يستخدم الدين في السياسة يمكن له ان يستخدم فلسطين، والترغيب والترهيب، لغايات في نفس يعقوب.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

وداعًا لراعي الفقراء… البابا فرنسيس يترجل عن منبر الإنسانية .. قادة العالم ينعونه ويشيدون بإرثه الإنساني!

✍️ بقلم: جميل نعمة – أخباركم / أخبارنا في لحظة مؤثرة من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية...

🔍 الجماعة الإسلامية في لبنان: تاريخ من المقاومة وتقاطعات مع حماس وحزب الله

أخباركم – أخبارنا | تحليل سياسي – إعداد: مسعود محمد مقدمة: استهداف لا يمكن فصله...

More like this

وداعًا لراعي الفقراء… البابا فرنسيس يترجل عن منبر الإنسانية .. قادة العالم ينعونه ويشيدون بإرثه الإنساني!

✍️ بقلم: جميل نعمة – أخباركم / أخبارنا في لحظة مؤثرة من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية...

برحيل البابا فرنسيس: هل سيتراجع صوت السلام بوصول بابا “ترامبي”؟!

أخباركم - أخبارنا/ الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحيم التوراني خلفت وفاة البابا فرنسيس، بابا...

المدن كالنساء… لكلٍّ جمالها، ولكلٍّ سرّها .. ما بين بيروت ونابلس بعيون أم زهير و بافيا!

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد الى رفاقي وأصدقائي في المنفى .. الى حسين...