كتب جميل نعمة: أعترف بأن زوجتي نَسَب، حفظها الله، لا يُعجبها عجب ولا صيام في رجب؟! فحين أقدم لها في مناسبة ما وردة حمراء، تهمس إليّ بأنها كانت تفضلها صفراء.. وإذا ابتعت لها بلوزة زرقاء، تقول جهاراً بأن “عينها” كانت على الخضراء؟! وإذا أهديتها أغلى زجاجة عطور، فتحتها وشمّتها وبدت كأنها تشمّ رائحة صادرة من أحد القبور؟! وإذا صدف أن أرشدتها إلى طبيب شهير تذهب إليه على مضض، وتعود غاضبة من تكشيرته، معترضة على ارتفاع تسعيرته، ومتأففة من سوء معاملة سكرتيرته؟! وحين أُقنعها بضرورة تناول الدواء الذي وصفه لها، تصاب على الأثر بنوبة حكاك لا مفرّ منها ولا فِكاك!! وتفاجأ – كما تدّعي – بطفح جلدي في جسمها واحمرار في عينيها، واصفرار في وجنتيها، وازرقاق في قدميها، واخضرار في بطتي رجليها.. حتى تبدو وكأن مصائب الدهر تحوّلت فجأة إليها؟!
لكن تبقى مشكلة شراء الخضروات والفواكه أمّ المشاكل.. فمهما كانت البضاعة التي أجلبها جيدة وطازجة ولا تشوبها أي شائبة، فإنها تفتش فيها عن علّة، ولا تتوقف إلاّ حين تكتشف أن أسعارها باهظة، وكميتها ناقصة، ونوعيتها لايصة.. وأن البائع غشّني، والمزارع بلفني، والمولج بالميزان خدعني.. وأنني لا أعرف أن أشتري شيئاً.. وأنني..؟!
وإذا اشتريت لها أطيب الوجبات وأشهى المأكولات، وألذ ما طاب من الحلوى وأفخر أنواع المنّ والسلوى.. فلا بد من أن تعترض على لون “الجاط” وشكله وارتفاعه وطوله وعرضه.. وتصاب من جراء ذلك بالإكتئاب.. متناسية كل ما فيه مما لذّ وطاب!
تخيَّلوا أنني ذات يوم جلبت لها غرضاً أوصتني بشرائه، وحدّدته لي بالصوت والصورة عبر الواتساب.. فما إن رأته حتى شهقت شهقة كبيرة وزعقت زعقة خطيرة، معلنة أن ما جلبته ليس المطلوب وعليَّ أن أعود لأستبدله على وجه السرعة!! وفيما كانت تتولى دق النفير، كنت أطلب من الله وأستجير أن ينقذني من هذا الأمر الخطير!
بالمختصر المفيد.. إذا جلبت لزوجتي النعيم اختارت الجحيم!! وإذا حملتها إلى سابع سماء فضّلت البقاء في جهنم الحمراء!! لذا اعتمدت أخيراً طريقة اعتقدت أنها ستريحني من هذا العذاب.. فصرت أعطيها مبلغاً من المال – بالدولار طبعاً – لكي تشتري ما تراه مناسباً لها من دون أيّ تذمّر أو تأفُّف أو جدال أو عتاب..
وفيما اعتقدت أنني تخلصت من هذه المعاناة التي قضّت مضجعي وجعلتني أهيم على وجهي بلا وعي.. فوجئت بها ذات يوم ترد لي الدولارات بحجة أنها لم تتمكن من دفعها.. والسبب أنها ممزّقة من الطرف ومطعوجة من المُنتصف، وأخبرتني بأنها تسبّبت بمشكلة مع أصحاب السوبرماركت الملاعين، وبشَّرتني بأنها أعادت إليَّ مسؤولية التموين، حالفة بأنها لن تقصد السوق ولو دفعت لها الملايين!!
وهكذا عدت من بعض الحرية إلى الدوّامة.. وأنا أغني مع المغفور له الفنان عصام رجي “مع السلامة”!
(الصورة تصميم وتنفيذ عبدو شربل)