كتب ابراهيم بيرم لأخباركم – أخبارنا: قبيل اقل من 36 ساعة على الموعد المبدئي الذي حدده رئيس مجلس النواب في احدى اطلالته الاعلامية اخيراً لتسليم الرد اللبناني المنتظر على الورقة الفرنسية المعدلة، والتي وضعتها باريس بعد عرض اول مرفوض وسلمتها رسمياً الى الحكومة اللبنانية تحت عنوان خفض التصعيد على الحدود اللبنانية الجنوبية مع اسرائيل تمهيداً لاقرار ترتيبات حدودية تنهي التوتر، أفرج “حزب الله” الطرف المعني مباشرة، عن موقفه المرتقب حيال هذا العرض الثلاثي المراحل كما صار معلوماً.
وينطوي هذا الموقف على تجاهل لهذه الورقة انطلاقاً من معادلة ان الوقت ليس وقتها.
وقد اتى رد (ا ل ح ز ب) القاطع على لسان احد اعضاء كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة) ايهاب حمادة الذي قال في مناسبة حزبية في البقاع ما نصه: “ان كل كلام عن واقع الجنوب، وعن مستقبل الوضع فيه هو كلام لا يقبل النقاش فيه من جانبنا ولا تعليق عندنا عليه، وذلك الى ان تضع الحرب الاسرائيلية اوزارها في فلسطين وفي غزة على نحو كامل”.
هذا الموقف لم يكن مفاجئاً او جديداً كل الجدة، فهو كان متوقعاً، خصوصاً ان الاوساط السياسية والاعلامية في بيروت على علم تام بأن قيادات (ا ل ح ز ب) ورموزه التي اعتادت النطق بلسانه، اطلقت كلاماً مشابهاً بدا وكأنه حملة منسقة قبل وصول وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت اخيراً لكي يسلم لبنان الرسمي ورقة بلاده المعدلة .
وبمعنى اوضح، ضجت منابر (ا ل ح ز ب) بمواقف عدة متزامنة تلقي الحرم على حتى على مجرد النظر بأية مبادرة تأتي من هنا او هناك تحت عنوان: ارساء الهدوء والسكينة على جبهة الحدود الجنوبية المشتعلة منذ 8 تشرين الاول الماضي اي عندما اطلق (ا ل ح ز ب) في صبيحة ذلك اليوم اول قذائفه الصاروخية على موقع رويسات العلم في اعالي مرتفعات كفر شوبا في منطقة العرقوب، ايذاناً منه بفتح حرب مشاغلة اسرائيل اسناداً لغزة ودعماً لمقاومتها، وهي التي كانت قد اطلقت قبل ساعات عمليتها المعروفة بـ “طوفان الاقصى” والتي قلبت الاوضاع وخلطت كل الاوراق وما زالت تتوالى فصولاً حتى اليوم.
وحينها كان (ا ل ح ز ب) بمواقفه تلك يعيد الاعتبار لموقفه المبدئي المعروف، وهو انه لن يقبل بأي عرض يفضي الى فصل الجبهتين، وانه ماض في حربه ولن يوقفها الا عندما توقف اسرائيل حربها على غزة.
ومعلوم انه في هذا السياق، رفض (ا ل ح ز ب) ايضاً خلال الاشهر السبعة الماضية عروضاً ومحاولات اتت من واشنطن وعواصم اخرى لاقناعه بايقاف حربه..
واللافت ان (ا ل ح ز ب) تعاطى بمرونة اكثر مع الجهود والمبادرات الفرنسية في هذا الشأن، انطلاقاً من عهد ضمني قديم عنده بالمحافظة على خط علاقة مع باريس.
وفي المقابل، لم يكن خافياً ان (ا ل ح ز ب) ترك لحليفه الرئيس نبيه بري هامشاً للمناورة واستيعاب الضغوط الغربية المكثفة والرامية لفصل الجبهتين. وعليه هيأ نفسه وحفز خبرته الطويلة للـ “المواجهة”، اذ كان يحرص اشد الحرص على استقبال الرسل والموفدين، فيما سلاحه هو الامضى، مؤكداً “أننا نحن من نريد تطبيق القرار الدولي 1701 ونحن متمسكون به ولكن المشكلة هي عند الاسرائيليين الذين لم ينفذوه يوماً”. كما كان بري يتسلم من هؤلاء الموفدين والرسل رسائلهم الضمنية الى (ا ل ح ز ب) ويحمل ردوده اليهم، الى درجة ان ثمة في بيروت من اطلق على بري مصطلح “سفير (ا ل ح ز ب)” ودرعه الديبلوماسية، البارع في تلقي الصدمات واستيعابها.
ومهما يكن من امر، فان اوساطاً على صلة وثقى بـ (ا ل ح ز ب) ابلغت الى “موقعنا”، ان الورقة الفرنسية ما وضعت لتطبّق او ليؤخذ بها اذ ان (ا ل ح ز ب) يرى ان هذا المبادرة تحمل في طياتها بذور اخفاقها انطلاقاً من الاتي:
اولا، ان زمن البحث الجدي في اعادة بعث الروح في القرار 1701 لم يحن بعد، وان الجميع على علم بذلك.
ثانيا، ان فرنسا تعي ضمناً ان مبادرتها ليست لايجاد الحل ولكن لها هدف آخر وهو حجز مكان لها في اي تسوية كبرى مقبلة.
الثالث ان الجميع في بيروت يعرف بأن ورقة الحدود اللبنانية – الاسرائيلية هي ورقة اميركية بنسبة 90 في المئة بالحد الادنى، وان الكل يفضل ان تكون واشنطن هي الراعية لأي تسوية او ترتيبات حدودية في المستقبل.
وفي كل الاحوال، فان الجواب اللبناني على المقترح الفرنسي لن يكون بالضرورة سلبياً بالمطلق كما لن يكون ايجابياً بالمطلق، فهو سيكون وفق اوساط عليمة مبنياً على قاعدة سبق لبري ان لمّح اليها عندما قال ان الورقة الفرنسية تتضمن نقاطاً ايجابية ولكنها تتضمن ايضاً نقاطاً لا بد من ان يضع لبنان ملاحظات عليها.
وهو بالاجمال جواب ينطبق عليها مصطلح “حمال اوجه”.