كتبت عايدة الأحمدية لأخباركم أخبارنا : طاويا مسيرة حفلت بالنشاط السياسي والفكري والادبي ، توفي الداعية والمفكر الإسلامي، والمراقب العام السابق لجماعة “الإخوان المسلمين” في سوريا، عصام العطار، في مدينة آخن الألمانية عن عمر ناهز 97 عاما، ومع أن عصام العطار ترك جماعة “الإخوان المسلمين” في سوريا منذ عام 1973، لخلافات معها، فإن الجماعة نعته بوصفه “المراقب العام السابق”.
عن مسيرة العطار التي تخللها الكثير من العطاءات والصعوبات يقول نائب الجماعة الإسلامية الدكتور عماد الحوت لموقعنا “أخباركم أخبارنا”:
“عصام العطار قامة وطنية سورية كبيرة وقامة إسلامية كبيرة قدم لسوريا ما لم يقدمه الكثير من السوريين. كان معارضًا شرسًا للظلم الذي كان يواجهه الشعب السوري، ودفع نتيجة معارضته ثمنًا كبيرًا باغتيال زوجته ومحاولة اغتياله.
الرجل بقدر ما كان معارضًا للنظام بقدر ما كان يعمل لصالح الوحدة الوطنية السورية والتقارب بين السوريين، لكن للأسف ربما جاء بزمن ليس زمنه وفي بلد يحكمه من لا يستأهل.
وعن تأثير إبعاده من سوريا يقول النائب عماد الحوت: رغم وجوده خارج سوريا بقي على حجم نشاط عالٍ جدًا، لكن وجوده خارج سوريا أضعف حركته السياسية المباشرة، ولكنه بقي كمفكر وموجه للقيادات ويرسل رسائل للشعب السوري بشكل منتظم، وكان يرسل رسائل إلى كل العاملين في الحقل السياسي، فتحول من رجل سياسي ميداني إلى رجل مفكر موجه للسياسيين، وبالتالي هو لم يوقف عمله السياسي في الخارج كمفكر وكموجه.
وبشأن التواصل بينه وبين الجماعة الإسلامية في لبنان يوضح النائب عماد الحوت “التواصل معه كان تواصلًا فرديًا وعلى مستوى قيادات ومسؤولين في الجماعة للتشاور والتناصح والاستماع إلى وجهة نظره وتحليله للأمور”.
وحول أثر غياب الداعية العطار على الجماعة الإسلامية في سوريا، يلفت إلى أن عصام العطار آثر الابتعاد عن البعد التنظيمي للإخوان المسلمين في سوريا ووضع نفسه خارج الإطار التنظيمي، وكان هناك احترام له ولما قدمه ولرأيه، ولكنه هو خارج الإطار التنظيمي منذ فترة بعيدة، وفقدان عصام العطار هو للأسف خسارة، ولكن لا تأثير له على البعد التنظيمي في سوريا، فعصام العطار كان خارج إطار التنظيم بالكامل لحركة الإخوان المسلمين.
وعن البصمة التي تركها العطار، يقول النائب الحوت: “لقد ساهم في تخريج قيادات كبيرة في سوريا وفي الحركة الإسلامية السورية تحديدًا أثناء تواجده بالتنظيم وحتى بعد خروجه من التنظيم، بقي له تأثيره وبقيت له بصمته في البعد الرئيوي للواقع السوري، وهذا هو الأثر الرئيسي”.
من هو عصام العطار
عصام العطار هو مفكر وأديب وداعية إسلامي سوري، اتخذ مواقف مهمة كانت لها الأثر الكبير على الحياة السياسيةفي بلاده.
كانت له بداية وثيقة الصلة بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، حيث انضم إلى جمعية “شباب محمد” عام 1945 التي شكلت نواة الجماعة لاحقاً. في 1946 تعرف على الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان في سوريا وساهم معه في تأسيسها هناك.
بعد وفاة السباعي، تولى العطار منصب المراقب العام للجماعة في سوريا لمدة 9 سنوات رغم محاولته الرفض في البداية. لكن برزت خلافات بينه وبين الجماعة دفعته للانفصال عنها عام 1973، مركزاً على دوره الدعوي.
في 1980 عندما أصدرت السلطات السورية قانوناً يعاقب الانتماء للإخوان بالإعدام، أعلن العطار علناً أنه كان المراقب العام للجماعة سابقاً في محاولة لتجنب الاضطهاد.
شكل عصام العطار «نموذجاً إشكالياً»؛ فقد كان من أشرس المعارضين لسلطة «البعث» التي منعت دخوله إلى سوريا لدى عودته من رحلة الحج عام 1964، فعاد إلى لبنان ومنه إلى بروكسل ثم مدينة آخن الألمانية ليستقر هناك بوصفه لاجئاً سياسياً
ومنذ بدء انخراطه في العمل السياسي عارض الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا بعد الاستقلال رافضاً الانخراط في حكوماتها.
تعرض إلى محاولات اغتيال عدة، إحداها قضت فيها زوجته بنان الطنطاوي في ألمانيا عام 1981، ومع ذلك حافظ في خطابه بوصفه داعية إسلامياً مترفعا عن الطائفية والحقد والكراهية، كما ظل على اتصال مع شقيقته نجاح العطار، وزيرة الثقافة في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، ونائبة الرئيس لشؤون الثقافة في عهد الرئيس بشار الأسد، وذلك رغم اتهامه سلطة الأسد الأب بالضلوع في اغتيال بنان الطنطاوي
تحمل النفي عن البلاد نحو 60 عاماً. نشط في منفاه سياسياً وثقافياً حتى قيدت السلطات الألمانية حرياته السياسية عام 1981، وفرضت عليه تجميد نشاطه السياسي، لكن لدى اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، وجَّه خطابات للناشطين السوريين، مؤيداً إياهم، مع رفض الانخراط في أي تشكيلات سياسية ثورية.
حين نعته عائلته امس ضمنت بيان النعي كلمات العطار الأخيرة، والتي قال فيها:
“وداعاً وداعاً يا إخوتي وأخواتي وأبنائي وبناتي وأهلي وبني وطني.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، وأستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم، وأسأل الله تعالى لكم العون على كل واجب وخير، والوقاية من كل خطر وشر، والفرج من كل شدة وبلاء وكرب.
سامحوني سامحوني. واسألوا الله تعالى لي المغفرة وحسن الختام.”