كتب ميشال ن. أبو نجم لأخباركم أخبارنا
أطلقت الجولة الأوروبية – القبرصية مع مفاعيلها برشوة فاضحة بالتوازي مع احتفال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بها، ردودَ فعلٍ لبنانية ساخطة ومنددة باستهتار الإتحاد الأوروبي، بوجود لبنان نفسه لا بعبء النزوح السوري فحسب. فالأوروبيون يتابعون سياستهم بمحاولة حماية أنفسهم من تداعيات الحرب السورية التي شاركت بعض دولهم بتغذيتها، على حساب الكيان اللبناني وديمومته ودميوغرافيته واقتصاده.
وأعنف ردود الفعل وأوضحها، أتت على لسان التيار الوطني الحر الذي يجمع المراقبون – والأرشيف أيضاً -على أنه كان سبّاقاً في مواجهة تداعيات النزوح، ومنذ بداياته. ذلك أنه قاد على لسان مؤسسه ورئيسه الحالي ونوابه وكوادره، حملة للمواجهة، جعلته عرضةً للهجمات العنيفة، السياسية منها وخاصة الإعلامية الترهيبية، من قبل قوى 14 آذار السابقة ومن ضمنها القوات اللبنانية. فتارة خرج إعلاميون وناشطون بعرائض تطلق اتهام “العنصرية”، وتارةً أخرى يخرج رؤساء تلك الأحزاب ليمنحون النوح عامةً، غطاءً سياسياً مكرسين انقساماً لبنانياً حول المعالجة.
كل ذلك، أوصل إلى “تفجير” حالة النزوح، مهما حاول اللبنانيون تغطيتها…
ومنذ أعوام قليلة، نجحَ “التيار” وتكتله النيابي، بتطوير العمل على معالجة أزمة النزوح. فأنشأ رئيسُه جبران باسيل لجنة حزبية مركزية لهذا الغرض، وراحت مؤتمرات “التيار” التي تستضيفٌ متخصصين ورؤساء بلديات من كل الأطياف، تتوالى، وآخرها كان أواخر العام الماضي حين منح “التيار” المنبر لرؤساء بلديات واقتصاديين وممثلي اتحادات نقابية لطرح توصياتهم.
على أن الجولة الأوروبية – القبرصية كانت فاضحة في تكريس المخططات الغربية لتأبيد النزوح السوري في لبنان. ومن هنا، أطلق باسيل بمؤتمره الصحافي السبت شرارة المواجهة كاشفاً لا عن جولات على المسؤولين اللبنانيين فحسب، بل عن جولات خارجية وعلى السفارات في لبنان، والأهم عن تحركات شعبية تستعيد “نفَس” “التيار” في تحريك الشارع وتحفيز الإعتراض تحت العنوان السيادي الذي بدأ في العام 1990، ولكن في وجه “هيمنة” مدنية هذه المرة، مرعية من “انتداب” دولي!
ترجمة لذلك، يجول وفد نيابي من “لبنان القوي” على وزير الخارجية عبدالله بو حبيب وسفيرة الإتحاد الأوروبي الثلثاء، على أن يلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري الخميس، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجمعة. لكن الأهم التحرك الشعبي الذي يعتزم “التيار” تنظيمه الخميس أمام مفوضية الإتحاد الأوروبي، والذي تنتظره القاعدة الحزبية والشعبية على أحرّ من الجمر، والمتحفِّزة لاستعادة السياق الإعتراضي في الشارع.
وفي هذا الإطار أكد النائب غسان عطالله لموقع “أخباركم – أخبارنا” أنَّ المخططات الأوروبية لإبقاء النازحين وتخفيفاً لعبئهم عليها، غير مقبول لبنانياً بأيِّ شكلٍ من الأشكال، خاصةً وأن الإتحاد الأوروبي تهمه مصلحته ولا يعبأ بالهواجس اللبنانية”. وشدد على أن “التيار” سيوجه رسائل ضغط على الجميع بالتوازي مع التحركات الشعبية، انطلاقاً من رفض سياسة “الكيل بمكيالين التي يعتمدها الأوروبيون، خاصة وأن قبرص تخشى نحو عشرين ألف نازح في الوقت الذي يرزح لبنان تحت ثقل ما يفوق المليوني نازح على أرضه”!
وكشف عطالله أن الوفد النيابي سيطلب من حبيب تحريك ملف النزوح في كل أرجاء العالم ومتابعة كل الخطوات الممكنة، في الوقت الذي سيصر فيه مع رئيس المجلس النيابي على إقرار القوانين ومنها ما اقترحه “لبنان القوي” لمعالجة النزوح، والتي يبقيها بحسب عطالله رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان في “جواريره”. أما لقاء ميقاتي فسيطلب منه الوفد متابعة الخطوات الحكومية والتواصل مع الدولة السورية على أرفع المستويات لتحقيق العودة، في موازاة رفض كل المخططات الدولية والمؤسسات الدولية والغربية العاملة على ملف النزوح.
ويؤكد عطالله في هذا الإطار الرفض الكامل للمحاولة “التهجيرية” عبر إغراء اللبنانيين بالعمل ك”عمال موسميين” في أوروبا، ما يشكل رصاصة الرحمة في رأس الوجود اللبناني الديموغرافي.
ومهما يكن من نتيجة هذه الجولات النيابية والتحركات الشعبية، يبقى أن سياق الإعتراض على النزوح السوري يتفاعل لبنانياً، وهو لن يعود إلى الوراء، مع ما يحمله كل ذلك من مسؤولية المتابعة وقيادة هذا المسار نحو نهايات ناجحة، في ظل هذا التشابك في المصالح الدولية والإقليمية، والتي يبقى الوجود اللبناني في حال مقاومة مستمرة لمفاعيلها.