كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1686 على بدء ثورة الكرامة
لم تلتزم إسرائيل قرار المحكمة الدولية بالوقف الفوري لعملياتها الحربية العدوانية على رفح. واصلت تعدياتها وأحكمت السيطرة العسكرية المباشرة على محور فيلادلفيا، بحيث تحكم حصار التجويع والقتل البطيء للجائعين وخصوصاً الأطفال والجرحى وكبار السن. ويعلن غوتيريش أنه سيرفع قرار المحكمة الملزم إلى مجلس الأمن الدولي، فيما تبلور أوسع مناخ أوروبي داعم لقرار المحكمة الدولية كما طلب مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت!
وفيما لم يتأكد ما أعلنته حماس من أنها أوقعت قوة إسرائيلية في فخ محكم في جباليا، سقط أفرادها قتلى وجرحى وأسرى، ونفت تل أبيب ذلك، وتستمر في القطاع مواجهات متفرقة تتخذ منها تل أبيب الذريعة لكثيف التدمير.. بات الكيان الصهيوني مكشوف أمام العالم، وفي قفص الإتهام كدولة إحتلال وعدوان وفصل عنصري وإبادة جماعية. وكبار قادتها هم من يتحمل مسؤولية جرائم الحرب المرتكبة في غزة.. والأهم أن إسرائيل لم يعد بوسعها الإمعان بالتصرف وكأنها فوق القانون الدولي أو مستثناة من أحكامه، وأن بوسعها تجاهل الحساب الآتي مهما تأخر!
الغطرسة الصهيونية إلى أفول مع 153 دولة في الأمم المتحدة تطالب بالإعتراف بدولة فلسطين، وبعد الإعترافات الأوروبية البالغة الأهمية من جانب النرويج وإسبانيا وإيرلندا وقريباً فرنسا وبلجيكا.. ولئن كانت واشنطن قادرة ولو لبعض الوقت على إحباط أي قر ار دولي ملزم لصنيعتها، فإن تبعات ذلك ستكون أكثر كلفة وحتى الأميركيين لن يتمكنوا دوماً من حمل هذا الثمن المرتفع. ستضعف الإزدواجية في المواقف والمعايير التأثير الأميركي والمكانة الأميركية لدى حلفاء أميركا الغربيين. إن إعتزام الكونغرس إستقبال نتنياهو لإلقاء كلمة من منبره، كما تهديدات مشرعين أميركيين للمحكمة الدولية وللمحكمة الجنائية الدولية، وصمة عار. ومعروف جيداً أن هؤلاء المشرعين الأميركيين الذين يتنافسون الآن على دعم الإجرام الصهيوني وإدانة المحكمة الدولية والجنائية، سبق لهم الترحيب بقرار الجنائية الدولية، بحق الرئيس الروسي بوتين وإمتدحوه، وها هم يهرولون اليوم مطالبين بفرض عقوبات على القضاة الدوليين!
الأكيد أن صدور مذكرات التوقيف سيعني أن أكثرية بلدان العالم ستكون متأهبة لتوقيف نتنياهو وغالانت بدليل ما أكده المستشار الألماني شولتس، وبالتزامن لن يكون بمقدور قطر أو تركيا إستضافة إسماعيل هنية مثلاً، وكذلك السنوار والضيف إن تمكنا من الخروج من القطاع المدمر، لأن القرارات الدولية حزمة واحدة.. والأرجح أن حملة الهستيريا الإسرائيلية ضد القضاء الدولي ستكون منعدمة التأثير، مع تنامي مناخ عالمي بشكل متزايد وصم تل أبيب بارتكاب أخطر محرقة مع مضيه في مخطط فصل عنصري وتنفيذ مشروع ممنهج لأخطر ترانسيفير ضد الفلسطينيين..، وإن لم يحدث هذا المناخ بعد تأثيره القوي على السياسات العامة لكثير من الحكومات فإنه سيفعل فعله في الإنتخابات وفي إتجاهات مختلفة.