كتب مصطفى احمد في همسته الصباحية تعب المشوار هل تعب هو ومن ناضلوا لاجل لبنان لا اظن هو مستمر بالادلاء بدلوه على طريقته فكتب صباح اليوم، أثار قرار لمجلس الوزراء أمس جدلاً شكلاً ومضموناً. فالقرار المتعلق بتأمين اعتماد لمجلس الجنوب أورد أولاً رقماً يشير الى آلاف المليارات، أو ما يعادل مليار دولار. ثم تبيّن أنّ الرقم يتصل بما قيمته «93 ملياراً و600 مليون ليرة لبنانية لدفع المساعدات لذوي الشهداء والنازحين من قراهم وبيوتهم نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية بعد 7 تشرين الأول 2023». وهو حوالى المليون وخمسين ألف دولار، بمعدل 20 ألف دولار لكل عائلة، وقدّر العدد بـ52 عائلة.”
لا بد لنا من أن نسجل بعض الملاحظات على القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء . وهي ملاحظات جوهرية تستحق التوقف عندها لتصويب الأمور من بداية الطريق ، كي لا تتكرر تجربة حرب ال ٢٠٠٦ من حيث دفع التعويضات .
وهذه الملاحظات هي :
_ اولا : نعتبر أن تمرير دفعات مالية لدفع التعويضات لأهالي المناطق المتضررة بفعل حرب المشاغلة القائمة على الحدود الجنوبية ، والتي أعلن عنها حزب الله من دون العودة إلى الدولة اللبنانية ومؤسساتها ، من دون وضع خطة شاملة مقرة في مجلسي الوزراء والنواب يدخل في باب التسلل والالتفاف حول قضية المعالجة الشاملة والجذرية لهذه المأساة التي تضرب أبناء الجنوب . فحجم الخسائر المادية والبشرية في المناطق التي تجري فيها هذه الحرب كبيرة جدا ، ولا تعالج على طريقة “الخرجية” التي يدفعها الوالد أو الوالدة لولدهما قبل ذهابه للمدرسة .
ان هذا القرار وكما قلنا انه يدخل في خانة “التسلل” في رصد الأموال ، بينما المطلوب أن يجتمع مجلس الوزراء ويناقش الموضوع ، ويتخذ قرارا ، ويرصد الأموال اللازمة بعد أن يعرف ما هي القيمة الاجمالية لكل الأضرار ، ويحدد المصدر الذي سيؤمن منه هذه الأموال ، فهل هي من الموازنة أو من القروض او من الهبات ام هي من احتياط البنك المركزي . ويحول الأمر إلى مجلس النواب ، لاتخاذ قرار فيه . فالأمر هنا لا يتعلق بهيئة الإغاثة أو وزارة الشؤون الاجتماعية أو مجلس الجنوب ، بل انه قضية وطن وبشر أي قضية وطنية عامة تخص كل لبناني مقيم أو مغترب .
_ ثانيا : ان اسلوب “التسلل ” بدفع التعويضات هذه ، سيخلق أمرا واقعا ، عندما نصل إلى وقف إطلاق النار في يوم ما ، إذا اقتنع به من اشعل هذه الحرب ، وربط الأمر بما يجري في غزة ، وإذا قبل نتنياهو بوقف الحرب هذه . والأمر الواقع الذي سيخلقه مثل هذا القرار سيؤدي الى دفع تعويضات للبعض وهم أقلية بينما الأغلبية لم تقبض شيئا .
_ ثالثا : إذا سنكون أمام دفعات متتالية بقرارات أصدر عن مجلس الوزراء ، من دون اي استراتيجية ، ومن دون أن نعرف ما هو السقف الاجمالي الذي سيلتزم به، ومن سيحدده ، ولا مصدر هذه الدفعات ، وأمر واقع سيفرض على الدولة ومؤسساتها تدبير المبالغ المطلوبة مستقبلا بشكل كامل ، خاصة إذا لم نجد من يدفع أموالا ومساعدات ، وهذا الأمر غير مستبعد.
ولا بد من التذكير بما قاله الرئيس بري بالامس في مقابلة مع جريدة الجريدة الكويتية حول تأمين الاموال من اجل اعادة إعمار المناطق المتضررة . حيث أعلن انهم سينظمون حملة تبرعات وسيتصلون ببعض المغتربين المتمولين و….الخ
أن قرار مجلس الوزراء بالامس “شرك” ينصبه لنفسه وللناس ولأموال الخزينة والموازنة ولأموال المودعين وللماضررين في مناطق الحرب من شهداء وجرحى ومهجرين وأصحاب العقارات السكنية المتضررة
_ رابعا : لسنا موافقين على تولي مجلس الجنوب مهمة تحديد الأضرار والخسائر المادية والبشرية وتحديد العائلات والأماكن المتضررة لوحده من دون اي شريك له من جهة ، وفي الوقت نفسه يقوم هذا المجلس بتحديد المستحقين ومن يدفع لهم اولا من جهة ثانية كنا أنه يقوم بمهمة الدفع ايضا للمستحقين منهم .
ينبغي أن تتشكل لجنة وطنية من الوزارات والمؤسسات المختصة ، كي تتولى هذا الأمر ، ويكون لمجلس الجنوب ممثل فيها . على أن تدفع التعويضات بموجب شيكات صادرة عن البنك المركزي وينبغي ألا توضع هذه الأموال المخصصة لدفع التعويضات في مصارف خاصة أو حسابات شخصية
_ خامسا : وهنا نريد أن نسأل وبشكل صريح كيف حددت العائلات ال ٥٢ التي سيدفع لها بموجب قرار مجلس الوزراء بالامس من ذوي الشهداء ونازحين من قراهم وبيوتهم ؟ وما هي المعايير التي اعتمدت في ذلك ؟ ومن الذي وضع تلك المعايير ؟ وهل عرضت على طاولة مجلس الوزراء للمساعدة في اتخاذ هذا القرار .
_ سادسا: يجب أن تحرص مؤسسات الدولة عند موافقتها على دفع التعويضات للمتضررين لأي سبب كان على تأمين العدالة والمساواة في هذا المجال بين جميع اللبنانيين . وإلا فإنها ستدخل في باب التمييز بين هذا وذاك حسب ميزان القوى القائم في مرحلة ما, وهو نفق نعرف من أين يبدأ ولكننا لا نعرف أين سينتهي !!!!
_ سابعا : واخيرا نقول إن المال مهما كان مصدره لن يعيد اي شهيد أو ضحية إلى الحياة من جديد ولن يعيد الذكريات التي تركت في المنازل التي دمرت من قبل أصحابها ومن قبل قاطنيها . فالمال لا يعيد اي شيء إلى ما كان عليه … انكم تتوهمون ذلك!!!
لا اعرف كم مرة سيضطر أبناء الجنوب الجريح وأبناء المناطق الأخرى ، للقول شكرا لهذا الزعيم أو ذاك ، أو لهذا الحزب أو ذاك ، أو لهذه الدولة أو تلك كل فترة من الزمن ؟