كتبت فاطمة حوحو لأخباركم ــــ أخبارنا
يجمع محللون سياسيون على ان لا انتخابات رئاسية في لبنان قبل الانتهاء من حرب غزة، بل يذهب البعض في إعتقاده إلى ان هذه الانتخابات لن تحصل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية الستين المقررة في 5 تشرين الثاني ـــ نوفمبر المقبل. وعليه فإن تسخين المبادرات من هنا وهناك، محلية ام عربية او عبر اللجنة الخماسية أحيانا ليست سوى محاولات فاشلة لا تشق طريقها نحو انجاز هذا الاستحقاق لتبقى واقع الحال على حاله.
من مبادرة الاعتدال الوطني التي تم نعيها بصورة ما بعد اتصالات وجولات لم تسفر عن نتائج، الى مبادرة اللقاء الديموقراطي التي تحمل شعار الخيار الثالث، مما يعني الانسحاب من دعم ترشيح جهاد أزعور، بينما يتمسك الثنائي الشيعي بمرشحه وبمواصفاته داعيا الى الحوار لتضييع الوقت وفرض التوافق على الرئيس خلافا لما يقتضيه الدستور اي عبر العملية الانتخابية، وعليه ترفض المعارضة مثل هذا الحوار الذي لن يوصل الى نتيجة لانه مجرد لوضع العصي في دواليب العملية الانتخابية ولان فريق الممانعة ضمنا لا يريد انتخاب رئيس جمهورية غير موضوع تحت وصايته كما كان عليه الأمر في عهد الرئيس ميشال عون مما عزز واقع الدويلة وساهم في اتساع دائرة هيمنتها على قرارات السلطة السياسية والأمنية والقضائية حتى سقطت البلاد في الجحيم وبات لبنان في حكم الدول المارقة.
في ظل هذا الواقع اليوم وعلى الرغم من محاولات اطلاق مبادرات محلية للبحث عن تفاهمات او إجراء مشاورات من تحت او فوق الطاولة، يبدو ان هناك من ينتظر ما سترسو عليه الصورة الاقليمية والحرب في المنطقة التي يسعى الجاهدون خارجيا إلى عدم توسعها في لبنان عبر الدعوة لتنفيذ القرار 1701 فيما “حزب الله” وأتباعه يتبجحون بالمقاومة وبكسر قواعد الاشتباك واستعراض القوة امام عدو يتربص بلبنان من اجل جعل القرى الحدودية منطقة محروقة، ويتحدث بالعلن عن طرد أهل الجنوب الى ما بعد الليطاني.
على ما يبدو ان الرئاسة اللبنانية ليست هما لينشغل الثنائي في سد فراغها، وجل ما يقوم به المكلف بإدارة عرقلتها الرئيس نبيه بري التلهي بالدعوة إلى حوار مسدود الأفق، ومن هنا قد لا يكون هناك اي أمل برئيس صنع في لبنان، لان الفرقاء في حالة انتظار ما يطبخ في الخارج الذي يبدو ان لبنان آخر همومه، بينما الداخل غير مهتم بترتيب البيت اللبناني بدءا من تنفيذ الدستور وانتخاب الرئيس والخضوع لديموقراطية مجلس النواب.
من المرجح ان يستمر الفراغ الرئاسي وبالتالي يستمر انهيار المؤسسات والدولة وتستشري الفوضى لا سيما على الصعيد الأمني على الرغم من الخطط الأمنية، بانتظار تسويات الخارج الا ان احدا لا يعرف ما اذا كان لبنان ضمنها علما ان التحذيرات مستمرة من زواله اذا لم يتم انتخاب رئيس، آخرها كانت على لسان مبعوث الرئيس الفرنسي جان لوي لودريان.
والسؤال الذي يطرح مع تحويل الحوار الى تشاور بهمة لودريان، هل يعول اللبنانيون على المبادرات الداخلية والنحي نحو الخيار الثالث.
يقول الكاتب السياسي يوسف مرتضى لـ “أخباركم ـــ أخبارنا” ان صناعة الرئيس في لبنان لم تكن دائما من صناعة الخارج كما يروج له البعض، واقرب مثال على ذلك هو في انتخاب ميشال رئيسا عام 2016، بعد فراغ دام 29 شهرًا، باتفاق بين الفرقاء اللبنانيين وبعد اتفاق معراب، خلافا لمواقف الخارج لا سيما الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية، بعد اتفاق معراب حيث حصلت صفقة للتحاصص بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتقاسم الوظائف وسلطة بعبدا، واحبط جعجع بذلك سعي سعد الحريري لانتخاب سليمان فرنجية، وهناك تجربة جرت في العام 1970، عندما رشح التحالف الماروني ما بين بيار الجميل وكميل شمعون وريمون إده سليمان فرنجية بوجه المرشح الشهابي الرئيس إلياس سركيس وفاز الاول بفارق صوت واحد”.
ويشير الى حالة الجمود الحاصلة في البلد، والتي يمكن ان تستمر دون ان يحصل خرق ما، وسط عدم قدرة المعارضة على صنع فرق، فقواها السياسية مشروعها ليس الدولة وبرنامجها ليس الشعب، مشروعها هو الحصة، وعلى هذا الاساس جرى الاتفاق على قانون الانتخاب الأخير الذي اقر الصوت التفضيلي.
نستدرك لكن نواب ثورة “كلن يعني كلن” اصبحوا في شراكة مع هذه السلطة، مما يعني انه لا يمكن الاتكال على النواب التغييريين في اجتراح حلول لازمة الرئاسة ولقيام الدولة، يرد مرتضى: “بادر نواب التغيير في طرح برنامج اصلاحي سيادي وتقدموا بأسماء 3 مشحين للرئاسة من خارج الاسماء المتداولة للترشح من قبل معارضة السلطة والثنائي مع فريقه طرحوا اسم صلاح حنين وزياد بارود وفيليب حتي، جاء الرد من جعجع بترشيح ميشال معوض يعني جعجع، ليس بالامكان ان يمشي لبنان هكذا يعني اما ان يحكم من الصواريخ او بميزان قوى طائفي لتحاصص الدولة لا بد من قانون انتخاب يعزز المواطنة ويلغي الطائفية ويعدل ميزان القوى ويكون لديه اكثرية وليس بقاء فريقان الاول يمثل الثنائي الشيعي ومن معه من اتباع مردة ونواب سنه والثاني فريق جعجع ــ الكتائب يتقاطع معهما ريفي او مخزومي.
ماذا عن التيار الوطني الحر وموقعه؟ يرى انه يتنقل بين الفريقين بأنانية وغطرسة بحكم مصالحه لا سيما الحسابات الرئاسية، فهو تقاطع مع جعجع في ترشيح جهاد ازعور واختار عدم التنازل لحزب الله في الموافقة على ترشيح فرنجية”ز
ويرى انه اليوم بغياب كتلو سنية متراصة تلعب لعبة بيضة القبان بخروج سعد الحريري التوازن داخل المجلس لم يعد موجودا، فالمستقبل في حالة تفكك ولا زعامة سنية ، وليد جنبلاط مشى في ترشيح أزعور، لكنه اليوم غير موقفه في ضرورة التوجه الى خيار ثالث، لاسيما بعدما دعوة جعجع لتجميع معارضة في معراب اي الفريقان المتطرفان ما زالا يباعدان فرص التوافق، بحجة انهما يمتلكان اكبر كتل نيابية، طبعا الرئيس فؤاد السنيورة كان واضحا الى ان فكرة انشاء جبهة معارضة لا يمكن ان تعلن من معراب وهو موقف تبلغه جعجع وبالتالي لم يصدر عن لقاء معراب سوى دعوة لتنفيذ القرار 1701، وبري قال انه مه تطبيق القرار ولكن من يضمن ان اسرائيل تريد تطبيقه، النائب السابق فارس سعيد تساءل اي جبهة معارضة من معراب لم يشارك بها الاشتراكي ونواب الاعتدال هي تقسيم للبلد. لا يمكن ان تنجح معارضة مسيحية بوجه معارضة شيعية، فالعامل السني مؤثر”.
وعن مشاريع الفدرلة والتقسيم التي تعالت اصواتها، يذكر بأن مثل هذه الافكار طرحت في الحرب الاهلية ونتائجها كانت واضحة، تقاتل الشيعة فيما بينهم ةتقاتل المسيحيون ايضا لذلك لا بد اليوم من استرجاع القرار الوطني لخلق ميزان قوى للتغيير على قاعدة الدستور، فمشروع وحدة الساحات لن يمشي والبلد معطل والتسوية الاقليمية غير ممكنى قبل الانتخابات الاميركية وغير معروف كيف ستنتهي حرب غزة واي حل سيركب وعلى ما ستكون عليه خارطة المنطقة بعد تركيبها والتغيير الديموغرافي والمشاريع التي ستركب، المهم انه في النهاية العالم يذهب الى صيغة جديدة نتيجة الصراعات ولن يكون هناك قطب واحد بل عالم متعدد الاقطاب، وليس سهلا مثلا ان 143 دولة صوتت الى جانب دولة فلسطين، وحق النقض الفيتو ليس عادلا واسرائيا مثلا ترفض قرار الجنائية الدولية وهو ما يؤشر الى منظمة الامم المتحدة اليوم امام طرح مصيرها ودورها الذي لا يمكن ان يستمر كما هو عليه اليوم خاضعا، لا يمكن الا ان يتم اعادة التوازن الى العالم، هناك ثورة وعي بدات في الغرب في الولايات المتحدة ودول اوروبية عدة وارتفع صوت التضامن مع فلسطين، التزاما بقيم الحق والعدالة والانسانية.
ويستنتج من ذلك بحسب رأي مرتضى ان لبنان اليوم ليس من اولويات القوى الفاعلة، فيما تعطيل الانتخابات الرئاسية من قبل الثنائي الشيعي لعدم توافر الاكثرية لديه هو مخالفة دستورية واضحة ستستمر، وفي المقابل ليس هناك ما يؤشر الى امكانية سد الفراغ لان القوات والتيار الحر ينتظران ايضا التسويات الخارجية ليبنيان على الشىء مقتضاه بما يحفظ مصالحهما بعد التقاطع الذي جمعهما على وهم الرئاسة”.