كتب ابراهيم بيرم لأخباركم – أخبارنا: تكتفي حركة “امل” بالحد الادنى من الردود على الاتهامات العاصفة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لرئيسها الرئيس نبيه بري، وهي التي اعتادت سابقاً أن لا تكون “هيّنة ليّنة” عندما تستشعر بأن ثمة من يوجه سهام الانتقاد تلميحاً أو تصريحاً لرئيسها؟
المعنيون في الحركة، قدموا اجابات فحواها ان الحركة ما خفضت من صوتها الى الحد الادنى، وما شاءت أن تندفع في المساجلة العلنية الحامية مع حزب “القوات” من باب العجز أو القصور، انما انفاذاً لتوجه قضى بهذا ويتم الالتزام به من المعنيين.
إذن، الأمر أتى بناء على تقييم عميق في قيادة الحركة لما اراد جعجع بلوغه من اهداف عندما اتخذ قراره بفتح ابواب المواجهة السياسية على مصراعيها مع الرئيس بري شخصياً.
وعندما توجهنا بالسؤال الى عضو هيئة الرئاسة في الحركة، وعضو كتلتها النيابية (التحرير والتنمية) قبلان قبلان، طالبين رداً منه على إتهام جعجع الاخير للرئيس بري بأنه يستخدم سلطته ليفرض بدعاً دستورية لم ترد اصلاً في اتفاق الطائف وتعتمد مبدأ أن يسبق دوماً الاستحقاقات الدستورية حوار سياسي يفضي إلى انتاج حل مؤقت؟
اجاب قبلان: لا يوجد شيء يوجب ان نرد به على هذا الفريق السياسي، الا أنه ما انفك يعيش اجواء مرحلة مخايل الضاهر او الفوضى، لأنه (الفريق) لا يزال لحد اليوم نصير الفوضى لأنها الغذاء الملائم له.
ربما من المرات النادرة التي تتخذ فيها حركة “امل” سياسة الاعتصام بالصمت أو الحد الادنى من الكلام والردود المباحة، وهذا لم يمكن امراً اعتباطياً بل هو نابع من رؤية ودراية لما يبتغيه جعجع من اهداف معلنة ومضمرة من وراء جرّنا الى دائرة المساجلة اليومية معه.
فالواضح وفق هؤلاء، ان جعجع اختار إتباع نهج المخاشنة معنا، كجزء من خارطة طريق يعمل على هديها منذ فترة طويلة عنوانها العريض: ان يكرس نفسه زعيماً مطلقاً وقائداً أوحد لفريق المعارضة في البلاد، وانه استطراداً يجد أن الفرصة الذهبية لبلوغ هذا الهدف متوافرة الآن بكل الحسابات، وان عليه ان لا يفوتها الآن لأنها قد تمر مرور السحاب ولن تتكرر.
ومقدم ذلك، يضيف هؤلاء، تجسد في المواجهات الدائرية التي اطلقها جعجع مع غالبية المكوّنات السياسية الاخرى في البلاد، بما فيها “فريق النواب التغييريين”، فهو كان يفترض أو يضع في حساباته ان هؤلاء سيسارعون الى اعلان الطاعة لمعراب ومبايعته، لكن حسابات حقله لم تتطابق اطلاقاً مع حسابات البيدر، لذا لم يوفرهم من انتقاداته في مناسبات عدة باعتبارهم ضالين سياسياً.
وعندما استشعر جعجع أن كل الجهود الجبّارة التي بذلها منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ليظهر بمظهر الأقوى بلا منازع في الشارع المسيحي والأوزن بلا منافس في ساحة المعارضة، لا سيما بعد تسارع الاحداث في الداخل والاقليم، لم يعد أمامه إالا فتح ابواب المواجهة مع عين التينة بما تمثل حاضراً وماضياً. مع أن المنطق السياسي العقلاني اليسير يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن أي مواجهة مع عين التينة هي حتماً مواجهة غير متكافئة وتبدو عديمة النفع والفائدة. فليس خافياً أن ثمة اعترافاً داخلياً وإقراراً خارجياً بأن بري هو المرجعية الضرورية لكل الذين يسعون الى ايجاد حلول والبحث عن تسويات للأزمات المتناسلة التي تمر بها البلاد، وفي مقدمها الأزمة المستعصية الناجمة عن الشغور الرئاسي.
ولقد بات معلوماً، ان كل السعاة وحاملي المبادرات والعروض لهذه الازمة التي توشك أن تدخل عامها الثاني على التوالي، اختاروا عن سابق وعي ودراية، أن تكون بوابة عين التينة المعبر الأساس الذي يفترض عليهم دخوله للمضي قدماً في مساعيهم وجهودهم.
واللافت ان كل هؤلاء العابرين قد اقروا بشكل او بآخر بأن الدعوة التي سبق للرئيس بري أن اطلقها، ودعا فيها الجميع الى طاولة حوار وطني ضمن مشروع زمني محدد، لن تنتهي قبل التفاهم على رئيس جديد أو صيغة تقود الى انتخاب هذا الرئيس، هو أمر يجب أخذه في الاعتبار.
وفي هذا الاطار، لم يكن مفاجئاً ان تنقل وسائل اعلام محلية عن الموفد الفرنسي الخاص الى لبنان جان – ايف لودريان لدى مغادرته بيروت قبيل ايام في نهاية زيارة له، إستنتاجه بأنه قد وجد في جعجع الشخص الاول الذي يعرقل مسار انتخاب مضمون للرئيس العتيد.
ويخلص هؤلاء المقربون الى أن بري عازم بكل ثقة بالنفس وبكل مضاء عزيمة، على المضي قدماً في ما بدأه للوفاء بتعهده بانهاء زمن الشغور الرئاسي، لذا فهو يتكامل ويتناغم مع مبادرات اللجنة الخماسية ومبادرة كتلة الاعتدال الوطني ومبادرة كتلة اللقاء الديموقراطي، فضلاً عن المبادرة الفرنسية والقطرية.