كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ1701 على بدء ثورة الكرامة:
مذكرة نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال، بتعميم كتاب القاضي جمال الحجارمدعي عام التمييز بالإنابة، لم تشكل تخطياً للسلطة القضائية وحسب والتعامل معها وكأنها مؤسسة ملحقة برئاسة الحكومة، بل حملت إصرار المنظومة السياسية على منع التحقيق في قضايا – جرائم مالية تتجاوز قيمتها رقم الـ25 مليار دولار بينها أكثر من 8 مليارات مرت عبر شركة “أوبتيموم” وكان التعويل على التحقيق أن يكشف الجهات المستفيدة وفي اي حسابات حطت!
بدا المنحى الخطير الذي عبر عنه سلوك ميقاتي، محتضنٌ من أوسع الجهات السياسية في البلد، التي تتحمل يالتضامن والتكافل، مسؤولية الإنهيار وإفلاس البلد وإفقار اللبنانيين. فرغم خلافات جزئية بين هذه الجهات تقاطع مع موقف ميقاتي مواقف “امل” وأنصار “المستقبل” و”القوات” والإشتراكي” وليس بعيداً “حزب الله” والتقوا مع الكارتل المصرفي والهيئات الإقتصادية، فيما بدا أن رفض “التيار العوني” لإجراء ميقاتي هو مجرد إستثمار وموقف شعبوي لا يعبر عن منحى حقيقي يدعم التحقيق في الجرائم المالية!
لبس صدفة أنه بعد أكثر من 4 سنوات ونيف على الإنهيار المالي والإقتصادي والإجتماعي، ما من جهة متهمة وما من موقف وما من تحقيق وصل إلى خواتيمه. وكما عطلوا التحقيق مع رياض سلامة وعصابته ويؤمنون له الحماية على مدار الساعة ليتنعم بأموال المنهبة، فإن ما يشهده البلد هذه الأيام إمعان في نهج طمس الحقيقة في سرقة اللبنانيين، وتغطية اللصوص المرتكبين، وحماية البنكرجية الذين نفذوا أكبر الجرائم المالية التي تعادل القرار بإبادة جماعية للبنانيين! وفوق كل ذلك يصبح مفهوما أين يكمن أهم عوامل الإستعصاء لمنع الإصلاح وأي خطوة تغيير واعدة!
مرة أخرى في بلد “المافياقراطية”، ليست المسألة الرئيسة غادة عون وإن يسجل لها الجرأة في فتح أخطر ملفات المنهبة والإفقار العام المتعمد. وبعيداً عن ملاحظات بحقها بعضها محق وبعضها يفتح الجدل، بل المطلوب في هذه اللحظة الدفاع عن حق اللبنانيين بالعدالة وحقهم بقضاء يمكن التوجه إليه لإنصافهم ورفع الظلم اللاحق بهم. إنها معركة مفروضة وينبغي الإصرار على القضاء لأن ينهض بدوره كسلطة يمكن أن يفرض بالممارسة إستقلاليته فيتحمل إذاك بصدق معنى رسالته، ويقطع مع منحى إستتباعه وتوظيفه في خدمة المتسلطين الناهبين المتهمين بالكبائر!
أداء مدعي عام التمييز بالإنابة يماثل كارثة مكتملة الأركان والأوصاف. فبذريعة الدعوة لإعادة الإنتظام العام إلى النيابة العامة في جبل لبنان، حرّض قضاتها على رئيستهم وهذه سابقة خطيرة، ولكن الأخطر منها ما أوحى به من أن الإنتظام العام يقوم على تغطية “المقامات” السياسية والميليشياوية والبنكرجية وكل نظام “الإفلات من العقاب”!
هنا ينبغي فتح مزدوجين للإشارة أنه إذا كان ميقاتي قد نجح حتى الأن مرتين في منع التحقيق الذي يطاله مع بنك عودة( المرة الأولى عندما تم إبعاد القاضي جان طنوس)، فإن الشكوى ضد ميقاتي تتقدم أمام القضاء الفرنسي الذي بات على بيِّنة كيف إستحوذ النجيب على 14% من أسهم بنك عودة. هنا يكشف الصحافي الإقتصادي منير يونس أن الأمر “يشمل هندسة التمويل البلغ 450 مليون دولار بترتيب من رياض سلامة وسمير حنا( رئيس مجلس إدارة بنك عودة)، وأن هذه الملكية تمت بأموال من مصرف لبنان ومن بنك عودة ولم يتكبد ميقاتي عناء التمويل”! وكانت جريدة “اللوموند قد أبرزت قرائن بشأن تحويلات تمت بين سلامة وآل ميقاتي بموجبها تمكلك آل ميقاتي حصة وازنة في بنك عودة.. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فالتحقيقات تطال أيضاً فهد الحريري.. لكن إلى متى سيبقى المواطن المنتهكة حقوقه ينتظر إجراءات قضائية في الخارج؟ وإلى متى ستبقى الهيمنة على القضاء بين يدي أخطر تحالف مافياوي!
مرة أخرى وزير العدل ماضٍ في نهج بلع لسانه.. ومجلس القضاء يتفرج، بحيث راح الناس يترحمون على زمن القضاء العضومي!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.