كتبت عايدة الأحمدية لـ “أخباركم – أخبارنا”: غيّب الموت أمس المناضل اللبناني الكبير دريد ياغي، أحد أبرز وجوه الحزب التقدمي الاشتراكي ورفيق درب المعلم كمال جنبلاط والزعيم وليد جنبلاط. برحيله، يفقد لبنان قامة وطنية ناضلت بإخلاص من أجل قضايا الوطن والمواطن.
ابن بعلبك الصلب، الذي حمل هموم أرضه وناسه، كرّس حياته للعمل السياسي والحزبي منذ أن انضم إلى صفوف “التقدمي” في مطلع السبعينيات. لازم المعلم كمال جنبلاط في أصعب الظروف، ووقف إلى جانب وليد جنبلاط في أدق مراحل مسيرته السياسية، ليصبح أحد أعمدة الحزب على مدى عقود.
عرفه رفاقه محاضراً ومبشراً بالفكر والمبادئ التقدمية، إضافة إلى مسؤولياته التنظيمية العديدة.
نعاه الزعيم وليد جنبلاط بكلمات مؤثرة: “كم صعب على المرء أن يودّع أغلى الرفاق وأعزهم. كم قاسية تلك الظروف التي يرحل فيها الرجال الرجال. كنتَ رفيقاً لكمال جنبلاط ووقفت جانبي في أصعب وأدق مراحل حياتي السياسية. كنت المناضل الكبير اللبناني والعربي والفلسطيني. سنفتقد الرفيق والصديق والإنسان دريد ياغي. وداعاً يا دريد”.
آمن دربد ياغي بأفكار كمال جنبلاط مجدداً كل يوم التزامه بها: “لقـد شــاء القــدر أن ألتقي بمعلمي وأن أكون تلميذاً له وأن أنتسب مختاراً وبكل طواعية وحب لأفكاره، عقيدةً وممارسة وأن أجدد كل يومٍ التزامي بالحزب التقدمي الإشتراكي. لقد علّمنا كمال جنبلاط في دروسه الأسبوعية أن نكون أحراراً وصادقين، فالحرية هي الوعي والمعرفة وهي ضرورة في العمل السياسي، إذ كيف يستطيع المرء أن يحرر الآخرين وهو لا يدرك معنى الحرية؟!”
تدرج ياغي في المناصب الحزبية حتى أصبح نائباً لرئيس الحزب للشؤون الخارجية، وظل في هذا الموقع حتى أيار 2023، وفاز بالتزكية لمنصب نائب رئيس الحزب إثناء إنعقاد الجمعية العامة للحزب بتاريخ (2017/2/5).
كان ياغي مدافعاً عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وفي خضم الأزمات التي عصفت بلبنان، عمل من خلال حزبه على خلق صلة وصل بين الأفرقاء داعياً المسؤولين مراراً إلى تغليب مصلحة الوطن، معتبراً أن “لبنان يستفيد عندما يتوفر فيه قادة حكماء وشجعان، يضحون بمصالحهم الشخصية الضيقة والطائفية والمذهبية من أجله”.
أظهر شجاعة وصلابة حين ترشح إلى جانب الرئيس حسين الحسيني في مواجهة لائحة أمل – حزب الله في بعلبك الهرمل، وعمل جاهداً لتقريب وليد جنبلاط وقوى 14 آذار من الشيعة المستقلين
عُرف بتواضعه ونبل أخلاقه، وبقدرته على التدخل لإحقاق الحق ولمّ الشمل والحفاظ على المبادئ. كان يحمل “عصا الحكمة الذهبية” كما كان رمزاً للنبل وعزة النفس وكِبَر الروح.
دريد ياغي كان صوتاً للفقراء والكادحين، حمل هموم منطقة بعلبك – الهرمل وشجونها المحرومة تاريخياً. ومن خلال الحزب التقدمي الإشتراكي عمل على قضية إنماء تلك المنطقة العزيزة من لبنان وقاد تحركات مطلبية عدة على مختلف الصعد، فكان لجهوده أثر كبير في تحقيق الكثير من احتياجات المنطقة وأهاليها. ولم يقتصر نضاله المطلبي أيضاً على البقاع الشمالي إذ كان في طليعة المدافعين عن حقوق العمال والطلاب في كل لبنان.
برحيل دريد ياغي يخسر لبنان أحد رجالاته الكبار الذين آمنوا بأنه “ما من شيء أشرف من العبور فوق جسر الموت إلى الحياة التي تهدف إلى إحياء الآخرين”.