![](https://akhbarkum-akhbarna.com/wp-content/uploads/2023/05/4bfb7e5e-673e-4272-8cf3-092a3f6d3a66-800x500.jpg)
كتب جورج حايك:
قد يعتبر البعض أن جبران باسيل نجح في جعل نفسه “بيضة القبان” في الاستحقاق الرئاسي، والمنطق الذي يتباهى فيه أنصار “التيار الوطني الحر”، أنه إذا مال إلى المعارضة واتفق معها على إسم مرشّح رئاسي مشترك، سيكرّس انتصارها، وإذا مال إلى “حزب الله، واتفق معه على مرشّح سيؤدي إلى انتصاره.
قد تبدو هذه النظرية للوهلة الأولى صحيحة ودقيقة، إلا أن باسيل لا يملك هامشاً واسعاً للمناورة كما يتوهّم البعض، فهو إذا اتفق مع “الحزب” الذي رشّح خصمه اللدود سليمان فرنجية، يعني قبوله بتهميش نفسه طوال 6 سنوات، وسيتّهم بخيانة المسيحيين مرة أخرى عبر انتخابه المرشّح الذي لا يرتضيه وجدانهم، كونه مرشّح تحد ينتمي إلى محور الممانعة. أما إذا قام باسيل بالاتفاق مع “الحزب” على إسم آخر غير فرنجية، فسيكون عليه القبول بتسليم البلد إلى “الحزب” مرة أخرى، والتنازل عن الشعارات الإصلاحية، لأن الثنائي الشيعي لن يرضى بتاتاً بمواصفات رئيس اصلاحي وانقاذي.
من جهة أخرى، إذ ذهب باسيل في اتجاه المعارضة أكثر وإتفق معها على مرشّح اصلاحي انقاذي، فسيخسر العلاقة نهائياً مع “حزب الله” ومحوره، وسيعتبره “الحزب” خائناً من الدرجة الأولى، لا يقدّر التضحيات التي قام بها وأهمها ايصال عمه ميشال عون إلى الرئاسة عام 2016، ودعمه بالانتخابات النيابية ومساعدته على الفوز بسبعة نواب على الأقل بالأصوات الشيعية!
لا يملك باسيل هامشاً كبيراً للمناورة، لكنه في الواقع سيقوم في التدقيق بحسابات الربح والخسارة، ولا شك في أنه سيراقب التحوّل في الموقف الاقليمي والدولي، ليبني على الشيء مقتضاه. ولعل باسيل يتجنّب للمرة الأولى الإقدام على أي خطوة تزعج السعودية، لذلك يتأنى في لقاءاته مع “حزب الله”، بدليل أنه أظهر عدم حماسة للقاء مسؤول الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا، بل يدرس خطواته جيداً، وحتى ولو حصل اللقاء لن يقدّم باسيل الكثير لـ”الحزب”.
ولا يختلف اثنان على أن رفض باسيل لفرنجية خدم قوى المعارضة كثيراً، وربما من هذا الباب دخلت هذه القوى بمفاوضات وعمليات تنسيق مع باسيل، ويبدو أن الأجواء جيدة، رغم أنه لم يتخذ قرار نهائي حول إسم مرشّح، لكن ثمة معلومات مؤكدة ان الخيارات حول اسماء مرشحين انحصرت حول إسم أو اسمين، وبالتالي قد تكون المعارضة و”التيار” جاهزين لخوض المنافسة في الجلسة الانتخابية في 15 حزيران التي أعلن عنها الرئيس نبيه بري.
لا نعرف ما إذا كان باسيل قد أدرك أخيراً انه لا ينفعه إذا ربح “حزب الله” وخسر لبنان، لأن عامل الثقة فيه منخفض نتيجة تجاربه السياسية السابقة، فهو يضع العامل الاخلاقي الوطني في آخر سلّم أولوياته، ويلهث خلف مصالحه، عدا شبهات الفساد التي تحوم حوله وحوّلته إلى “معاقب” أميركياً.
لا أحد من المعارضة يستبعد أن يقوم باسيل، في لحظة معيّنة” بغسل يديه من دمّ هذا الصدّيق الذي اسمه لبنان، لكن ما لا يعرفه البعض أن المعارضة لديها ما يكفي من نواب لتعطيل أي جلسة انتخابية لسليمان فرنجية، من دون دعم باسيل، بل قد تستطيع أن تتفوق على نفسها وتتفق على مرشّح ينافس فرنجية أو أي مرشّح “ممانع” آخر من دون التحالف مع باسيل. إلا أن الأمور تتجه إلى عكس ذلك، كما تفيد المعطيات، وتنسيق المعارضة مع باسيل بلغ مرتبة متقدمة، قد ينتج منه قريباً إعلان إسم مرشّح واحد يضمن الفوز في حال تكرّست دعوة بري إلى جلسة انتخاب في مجلس النواب.