كتب مسعود محمد لـ “أخباركم – أخبارنا”
اليمن، المعروف بأرض الحضارات القديمة، يتمتع بتاريخ طويل يمتد لآلاف السنين.
العصور القديمة:
- الممالك القديمة: يعود تاريخ اليمن إلى العصور القديمة مع نشوء عدة ممالك مثل مملكة سبأ (التي يُعتقد أنها تعود للقرن العاشر قبل الميلاد)، ومعين، وقتبان، وحضرموت. كانت هذه الممالك مزدهرة بفضل التجارة، وخاصة تجارة البخور والمر، والزراعة باستخدام نظام الري المتطور المعروف بـ”السدود”.
- سد مأرب: يُعتبر سد مأرب أحد أعظم الإنجازات الهندسية في العالم القديم، وقد لعب دورًا حيويًا في تطور الحضارة السبئية عبر توفير المياه للزراعة، مما ساهم في استقرار وازدهار المملكة.
العصور الوسطى:
- الفتح الإسلامي: في القرن السابع الميلادي، دخل الإسلام اليمن بعد وصول الصحابي معاذ بن جبل، وانتشر بسرعة بين السكان. أصبح اليمن جزءًا من الخلافة الإسلامية، وتوالت على حكمه الدول الإسلامية مثل الأمويين والعباسيين والفاطميين.
- الدول اليمنية: شهدت اليمن في العصور الوسطى نشوء عدة دول مستقلة مثل الدولة الصليحية والدولة الرسولية والدولة الطاهرية، والتي ساهمت في تطوير الفنون والعلوم والهندسة.
العصور الحديثة:
- الاستعمار العثماني والبريطاني: في القرن السادس عشر، خضعت مناطق من اليمن للحكم العثماني. في القرن التاسع عشر، أصبحت عدن مستعمرة بريطانية واستمرت كذلك حتى منتصف القرن العشرين.
- الاستقلال والتوحيد: حصلت اليمن الشمالية على استقلالها من العثمانيين في 1918 وأصبحت المملكة المتوكلية اليمنية. في الجنوب، نالت عدن استقلالها من البريطانيين في 1967، وأُعلن قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. في عام 1990، توحد شطرا اليمن ليشكلا الجمهورية اليمنية الحالية.
المواطن اليمني يتميز بعدة صفات وخصائص تتشكل من تأثيرات التاريخ والثقافة والجغرافيا، ومن بين هذه المميزات:
- الكرم والضيافة
- الكرم: يُعرف المواطن اليمني بكرمه الكبير، حيث يعتبر الكرم جزءًا لا يتجزأ من الثقافة اليمنية. يستقبل اليمنيون الزوار والأصدقاء والعائلة بترحيب كبير ويقدمون لهم الطعام والشراب بكرم.
- الضيافة: الضيافة اليمنية تتسم بالتقدير الكبير للضيف، حيث تُعتبر استضافة الضيف وتقديم كل ما يحتاجه من أهم القيم المجتمعية في اليمن.
- الصمود والتحمل
- الصمود: نتيجة للصراعات المستمرة والتحديات الاقتصادية والسياسية، يظهر اليمنيون قدرة عالية على الصمود والتحمل في وجه الصعوبات. هذا الصمود يتجلى في قدرتهم على التكيف مع الظروف القاسية والبحث عن طرق للبقاء والاستمرار.
- التحمل: يُظهر اليمنيون تحملاً كبيرًا للظروف الصعبة، سواء كانت تتعلق بالاقتصاد أو الحرب أو الأوضاع الإنسانية الصعبة، مما يجعلهم من أكثر الشعوب قدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.
- الثقافة والتقاليد
- الهوية الثقافية القوية: يحتفظ اليمنيون بتراث ثقافي غني يمتد لآلاف السنين، بما في ذلك العادات والتقاليد والأزياء والموسيقى والأدب. تعد القاتبة، وهي جلسات مضغ القات التقليدية، جزءًا من الحياة اليومية والثقافة الاجتماعية في اليمن.
- التقاليد العريقة: اليمنيون يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم القديمة، مثل الأعراس التقليدية والاحتفالات الدينية والقبلية.
- الشجاعة والروح القتالية
- الشجاعة: تُعرف القبائل اليمنية بشجاعتها وبسالتها في القتال، حيث تُعتبر اليمن موطنًا للعديد من القبائل التي تمتاز بروحها القتالية وقدرتها على الدفاع عن أراضيها وحقوقها.
- الروح القتالية: هذه الروح تظهر بشكل جلي في الحروب والصراعات التي شهدتها البلاد على مر العقود، حيث يتميز اليمنيون بشجاعتهم وصمودهم في وجه الأعداء.
- الترابط الأسري والاجتماعي
- الترابط الأسري: الأسرة هي وحدة أساسية في المجتمع اليمني، حيث يتميز المجتمع اليمني بترابطه الأسري القوي والدعم المتبادل بين أفراد الأسرة.
- الروابط الاجتماعية: العلاقات الاجتماعية في اليمن مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون والمساعدة، مما يعزز من قوة النسيج الاجتماعي في المجتمع اليمني.
- الإبداع والمهارات اليدوية
- الإبداع: يمتلك اليمنيون مهارات إبداعية كبيرة في الفنون والحرف اليدوية، بما في ذلك صناعة الخزف، والزخرفة، والنقش على الخشب، وصناعة المجوهرات التقليدية.
- المهارات اليدوية: تتميز الأسواق اليمنية بالمنتجات اليدوية الجميلة التي تعكس براعة اليمنيين وإبداعهم في تحويل المواد البسيطة إلى أعمال فنية رائعة.
- التنوع اللغوي والديني
- التنوع اللغوي: يتحدث اليمنيون اللغة العربية بلهجات متعددة تعكس التنوع الثقافي والجغرافي في البلاد.
- التنوع الديني: على الرغم من أن الإسلام هو الدين الرئيسي في اليمن، إلا أن هناك تنوعًا دينيًا يشمل بعض الطوائف والأقليات التي تعيش في البلاد بسلام وتعايش.
هذه الصفات والمميزات تجعل المواطن اليمني نموذجًا مميزًا في المنطقة، حيث يواجه التحديات بروح الصمود والكرم والتضامن الاجتماعي.
على مر العقود، عانت اليمن من سلسلة من الحروب والصراعات التي شكلت تاريخها الحديث وأثرت بشكل عميق على بنيتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. بدأت هذه الحروب بالصراع الجمهوري الملكي في الستينيات، الذي شهد مواجهة بين الجمهوريين المدعومين من مصر والملكيين المدعومين من السعودية. تلا ذلك صراعات داخلية بين الفصائل في الجنوب، أبرزها الحرب الأهلية في 1986.
في عام 1994، شهدت البلاد حربًا أهلية جديدة بين الشمال والجنوب بعد الوحدة، والتي انتهت بانتصار القوات الشمالية. كما شهدت بداية الألفية تمرد الحوثيين الذي استمر لعدة سنوات وتسبب في زعزعة الاستقرار في مناطق شمال اليمن.
منذ عام 2015، دخل اليمن مرحلة جديدة من الصراع مع التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين، مما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. تزامنت هذه الأحداث مع العمليات العسكرية الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ما زاد من تعقيد المشهد اليمني.
هذه الحروب المتعددة تركت آثاراً مدمرة على اليمن، حيث دمرت البنية التحتية، وأدت إلى نزوح الملايين، وانتشار المجاعة والأوبئة، مما جعل من الضروري البحث عن حلول سياسية لإنهاء هذا الصراع المستمر.
- الحرب الأهلية اليمنية (1962-1970)
- الأطراف:
- الجمهورية العربية اليمنية: كانت مدعومة من مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر.
- القوات الملكية: دعمتها السعودية وعدة دول ملكية في المنطقة.
- الخلفية:
- بدأت الحرب بعد انقلاب عسكري في سبتمبر 1962، الذي أزال الملكية وأعلن الجمهورية. دعمت مصر الحكومة الجمهورية الجديدة في حين دعمت السعودية والملكية الهاشمية قوات الملكية التي حاولت استعادة الحكم.
- الأحداث الرئيسية:
- شهدت الحرب معارك مكثفة وأسلوب حرب العصابات. تدخلت القوات المصرية بشكل مباشر وقامت بعمليات قصف واستخدام القوات البرية لدعم الجمهوريين.
- انتهت الحرب باتفاق في 1970 نتج عنه تسوية سياسية بوساطة دولية.
- الحرب الأهلية في جنوب اليمن (1986)
- الأطراف:
- جناح عبد الفتاح إسماعيل: المؤيدين للرئيس السابق.
- جناح علي ناصر محمد: الفصيل الحاكم في ذلك الوقت.
- الخلفية:
- النزاع الداخلي نشأ بسبب صراع على السلطة داخل الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
- الأحداث الرئيسية:
- اندلعت الاشتباكات في العاصمة عدن وأسفرت عن مقتل مئات الأشخاص وتشريد الآلاف.
- أدى الصراع إلى سيطرة فصيل عبد الفتاح إسماعيل على السلطة في النهاية.
- الحرب الأهلية اليمنية (1994)
- الأطراف:
- القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح (الشمال):
- الانفصاليون الجنوبيون بقيادة علي سالم البيض:
- الخلفية:
- بعد الوحدة بين الشمال والجنوب في 1990، ظهرت خلافات سياسية واقتصادية أدت إلى حرب أهلية بين الفصيلين.
- الأحداث الرئيسية:
- أُعلن الانفصال في 21 مايو 1994 من قبل الجنوبيين، لكن الحرب اندلعت بسرعة.
- القوات الشمالية تمكنت من السيطرة على عدن في يوليو 1994، مما أدى إلى انتهاء الحرب بانتصار الشمال.
- تمرد الحوثيين (2004-2010)
- الأطراف:
- الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح:
- الحوثيون:
- الخلفية:
- بدأت كتمرد من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في محافظة صعدة الشمالية. تزايد التوتر بين الجماعة والحكومة على خلفية القضايا الدينية والسياسية.
- الأحداث الرئيسية:
- اندلاع عدة جولات من القتال، تركزت في صعدة.
- الحكومة اليمنية تلقت دعمًا من السعودية خلال هذه المعارك.
- انتهى التمرد باتفاق هش بين الطرفين.
- التدخل العسكري في اليمن (2015 – حتى الآن)
- الأطراف:
- تحالف بقيادة السعودية والإمارات: يشمل دولًا مثل البحرين، مصر، المغرب، الأردن، السودان، والكويت.
- الحوثيون: مدعومون من إيران وحزب الله.
- قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح (حتى وفاته في 2017):
- الخلفية:
- بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء في 2014 والإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليًا برئاسة عبد ربه منصور هادي، تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس 2015 لدعم الحكومة الشرعية.
- الأحداث الرئيسية:
- شملت العمليات العسكرية غارات جوية مكثفة، وحصار بحري، ودعم ميداني للقوات المحلية المناهضة للحوثيين.
- النزاع أدى إلى أزمة إنسانية حادة، مع تقارير عن مجاعة وانتشار للأمراض.
- التحالف نفذ عدة عمليات كبرى لتحرير مناطق استراتيجية من سيطرة الحوثيين.
- العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن
- الأطراف:
- الولايات المتحدة: تستهدف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP) وجماعات إرهابية أخرى.
- تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (AQAP):
- الخلفية:
- بدأت العمليات بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 كجزء من الحرب العالمية على الإرهاب.
- تستهدف العمليات تعطيل وتدمير قدرات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي يُعتبر أحد أخطر فروع القاعدة.
- الأحداث الرئيسية:
- استخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) بشكل مكثف لضرب معاقل القاعدة في اليمن.
- تنفيذ عمليات خاصة لاعتقال أو تصفية قيادات التنظيم.
- تقارير عن وقوع ضحايا مدنيين خلال هذه العمليات.
خلال عملية “طوفان الأقصى”، لعبت اليمن دورًا محوريًا في دعم المقاومة الفلسطينية. هذا الدعم جاء عبر تنفيذ عدة عمليات بحرية وأخرى مباشرة.
العمليات البحرية:
- استيلاء على سفينة إسرائيلية: قامت القوات البحرية اليمنية بالاستيلاء على سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر وقادتها إلى الساحل اليمني.
- استهداف السفن في باب المندب: في 3 أكتوبر 2023، استهدفت القوات البحرية اليمنية سفينتين إسرائيليتين هما “يونتي إكسبلورر” و”نمبر ناين”، في منطقة باب المندب، معلنةً استمرارها في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة
دور اليمن المحوري في معركة طوفان الأقصى حظي بتقدير قيادات المقاومة الفلسطينية:
الدعم البشري: - مشاركة مقاتلين يمنيين في غزة: شارك مقاتلون يمنيون في مهاجمة المواقع العسكرية الإسرائيلية في غلاف غزة. وأشارت التقارير إلى استشهاد بعض هؤلاء المقاتلين أثناء تنفيذ العمليات، ومن بينهم إبراهيم عدنان ومحمد موسى. هذا الدعم الميداني يعكس التضامن العميق بين اليمن والمقاومة الفلسطينية.
الأهمية الاستراتيجية:
- البحر الأحمر وباب المندب: يتمتع البحر الأحمر وباب المندب بأهمية استراتيجية كبيرة للأمن القومي العربي والعالمي، حيث يمر من خلالهما جزء كبير من التجارة الدولية ونقل النفط. السيطرة على هذه الممرات البحرية تعطي اليمن موقعًا استراتيجيًا يمكنه من التأثير المباشر على الملاحة البحرية الإسرائيلية.
اليمني في عملية “طوفان الأقصى” حظي بتقدير كبير من قيادات المقاومة الفلسطينية، مما يعزز الروابط بين الجانبين ويظهر التزام اليمن بدعم القضية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
