خاص أخباركم – أخبارنا: في ظل الوضع الإقليمي المتوتر، يبدو أن لبنان قد وُضع على رأس محور المواجهة ضد إسرائيل، مما جعله يتحمل العبء الأكبر من تداعيات الصراع. منذ 8 تشرين الأول الماضي، لم تقتصر الخسائر على الدمار والضحايا البشرية، بل تجاوزت ذلك لتشمل الاقتصاد اللبناني الهش، حيث قدرت الخسائر بمليارات الدولار أميركي حتى الآن، قابلة للزيادة مع استمرار المواجهات.
السياحة والأمل المفقود:
كان قطاع السياحة يشكل بصيص أمل للاقتصاد اللبناني، حيث ساهم بنسبة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وكان من المتوقع أن يساهم بنسبة 5.5% في عام 2024. ومع بداية الموسم السياحي لهذا العام، كانت التوقعات تشير إلى موسم واعد بسبب حفلات النجوم العرب والتدفق الكبير للوافدين عبر مطار رفيق الحريري الدولي في حزيران.
لكن، ما إن تصاعدت التوترات بين إيران وحزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، حتى بدأت الأمور تتدهور. فغادر جزء كبير من الوافدين والسياح الأجانب، ما سدد ضربة قاضية للموسم السياحي في لبنان. الحجوزات التي كانت شبه كاملة في الفنادق والمطاعم تحولت إلى إلغاءات جماعية، مما أدى إلى خسائر كبيرة للقطاع.
مقارنة بين عامي 2023 و2024:
شهد عام 2023 زيادة بنسبة 14% في عدد الزوار اللبنانيين مقارنة بالعام السابق، حيث زار لبنان حوالي 1.7 مليون مغترب. لكن، مع تصاعد التوترات في الربع الأخير من العام، تراجع عدد الزوار بنسبة 24%.
في بداية عام 2024، تشير المعلومات الأولية إلى انخفاض كبير في عدد الزوار، حيث يُقدر أن نسبة الزوار اللبنانيين انخفضت بنسبة تتراوح بين 20-30% خلال الأشهر الأولى من العام. وقد سجلت نسبة إشغال الفنادق في كانون الثاني 2024 أدنى مستوى لها منذ عقد، حيث بلغت 19.7%.
أبرز الفنادق المتأثرة في بيروت:
فندق كورال بيتش (بيروت): أحد أشهر الفنادق في العاصمة، والذي كان يعج بالحجوزات في صيف 2023. ومع ذلك، في عام 2024، تم إلغاء حوالي 250 ليلة حجز، مما أدى إلى خسائر فادحة للفندق.
فندق فينيسيا انتركونتننتال (بيروت): هذا الفندق الفاخر كان يعتبر من الوجهات المفضلة للزوار الأجانب. ولكن، مع تصاعد التوترات، شهد الفندق تراجعًا كبيرًا في نسبة الإشغال، مع إلغاءات كبيرة من قبل الزوار.
موفنبيك بيروت: انخفضت نسبة الإشغال إلى حوالي 30% فقط من إجمالي الغرف، مما يعكس حالة الركود التي يعاني منها قطاع السياحة. أغلب النزلاء الحاليين هم من الصحافيين أو موظفي الأمم المتحدة، وهو ما يبرز التحول الكبير في نوعية الزوار.
لانكستر (الروشة): هذا الفندق شهد تراجعاً حاداً في نسبة الإشغال بعد منتصف تموز 2024، حيث ألغيت أكثر من 50% من الحجوزات، خاصة من قبل الأجانب الذين اختاروا مغادرة البلاد نتيجة التوترات الأمنية.
الوضع المأساوي للفنادق:
أجرى موقع “أخباركم أخبارنا” مقابلات مع مسؤولي بعض الفنادق الكبرى في لبنان، الذين تحدثوا عن مرارة الوضع الحالي.
- كورال بيتش: كان الفندق في عام 2023 مليئًا بالحجوزات بين حزيران وأيلول. لكن في 2024، تم إلغاء حوالي 250 ليلة حجز، مما أدى إلى خسائر فادحة.
- لوسيكس أوتيل (البترون): شهد الفندق تراجعًا كبيرًا في الحجوزات مقارنة بالعام الماضي، حيث ألغيت معظم الحجوزات بعد تصاعد التوترات.
- فينيسيا انتركونتننتال: وصف المسؤولون الوضع بأنه تحول من الازدهار إلى الخسائر الكبيرة.
- جية بيتش ريزورت: كان الوضع مشابهًا، حيث ألغيت معظم الحجوزات التي كانت كاملة في بداية الموسم.
- موفنبيك بيروت: سجل الفندق انخفاضًا في نسبة الإشغال إلى حوالي 30% فقط من إجمالي الغرف، معظمها يشغله الصحافيون أو موظفو الأمم المتحدة.
- لانكستر (الروشة): أكدت مسؤولة في الفندق أن نسبة الإشغال تراجعت بشكل حاد بعد منتصف تموز، مع إلغاء أكثر من 50% من الحجوزات، خاصة من قبل الأجانب.
نزوح جماعي: الهروب من لبنان
في أغسطس 2024، شهد المطار مغادرة حوالي 533,947 راكبًا، مما يمثل زيادة بنسبة 12.38% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق. هذا الارتفاع في عدد المغادرين يعكس زيادة كبيرة في حركة الخروج من البلاد، بسبب التوترات الأمنية والسياسية المستمرة.
إجمالي عدد الركاب الذين عبروا مطار بيروت في ذلك الشهر، سواء كانوا مغادرين أو قادمين، بلغ حوالي 915,000 راكب. مع أخذ هذه الأرقام في الاعتبار، يمكن القول إن أكثر من نصف مليون شخص غادروا لبنان عبر مطار بيروت فقط في أغسطس 2024. هذه الأرقام تعزز من تقديرات النزوح الجماعي وتشير إلى تصاعد واضح في حركة الهجرة من البلاد، مما يعكس حالة القلق وعدم الاستقرار التي تسود لبنان ويهدد كل مستقبل البلد.
الخلاصة:
يشهد القطاع السياحي في لبنان، الذي كان يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد، انهيارًا غير مسبوق بسبب التوترات الأمنية والسياسية. التوقعات التي كانت تشير إلى موسم سياحي واعد انقلبت رأسًا على عقب، مع خسائر تقدر بمليارات الدولارات وإلغاء معظم الحجوزات السياحية، مما يعكس الواقع المرير الذي يعيشه لبنان اليوم. كما أن موجة النزوح الجماعي في أغسطس 2024 أضافت مزيدًا من الضغوط على الاقتصاد اللبناني، لتزيد من حدة الأزمة التي يواجهها البلد.