كتبت عايدة الأحمدية لـ ” أخباركم – أخبارنا”
رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان من أزمات اقتصادية وسياسية، إلا أن روح الإبداع والفن تأبى الانطفاء في قلوب اللبنانيين. فها هم الفنانون والمثقفون اللبنانيون يواصلون مسيرتهم في إحياء المشهد الثقافي والفني، متحدين الصعوبات بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين.
هذه الحركة الفنية النابضة بالحياة تؤكد أن لبنان، رغم كل ما يمر به، ما زال منارة للثقافة والفن في المنطقة. فالإبداع اللبناني يستمد قوته من عمق التاريخ وتنوع الثقافات، ليقدم للعالم صورة مشرقة عن بلد يرفض الاستسلام للظلام، ويصر على إضاءة شعلة الفن والثقافة مهما اشتدت العواصف.
يجري حاليًا العمل على فيلم لبناني جديد بعنوان “أنا مش هيك”، وهو عمل يعد بأن يكون إضافة مهمة للسينما اللبنانية، حيث يتناول قضايا حساسة وملحة تخص الشباب في لبنان والعالم العربي.
الفيلم من تأليف وسيناريو وحوار الدكتور عصمت كيوان والفنانة ندى حاطوم، مع معالجة درامية للأستاذ محمد بيروتي، وإخراج الأستاذ نيكولا طوبيا. يركز العمل على قصة شاب متفوق أكاديميًا يواجه صعوبات في إيجاد عمل بعد تخرجه، مما يؤدي به إلى الانحراف.
يهدف الفيلم إلى تسليط الضوء على العقبات التي تواجه الشباب اليوم، ويستكشف الأسباب التي قد تؤدي إلى انحرافهم. كما يناقش فكرة أن الإنسان لا يولد مجرمًا أو مدمنًا، بل تلعب الظروف والصدف دورًا كبيرًا في تشكيل مصيره.
من خلال شخصية البطل “جاد نصر”، شاب وسيم في العشرينات، يستعرض الفيلم رحلة من النجاح الأكاديمي إلى الإحباط والانحراف. تلعب الشخصيات الأخرى مثل “أومو” و”د. نجلا البستاني” و”العميد جهاد” أدوارًا محورية في تطور الأحداث وإبراز التحديات الاجتماعية والنفسية التي يواجهها الشباب.
يتميز الفيلم بتنوع شخصياته، من الشباب الطموح إلى رجال الأمن والأطباء النفسيين، مما يعطي صورة شاملة عن المجتمع وكيفية تعامله مع قضايا الإدمان والجريمة.
رغم تناوله لمواضيع صعبة، يحمل الفيلم رسالة أمل، مشيرًا إلى أنه بالجهود الحثيثة يمكن للمرء أن يرتقي بنفسه ويتغلب على الصعاب.
“أنا مش هيك” يعد بأن يكون عملاً سينمائيًا مميزًا يناقش قضايا الساعة بأسلوب درامي مشوق، ويسعى لتقديم رؤية واقعية وإنسانية لتحديات الشباب في العصر الحديث.
لتقديم إجابة شاملة عن مقومات نجاح العمل الدرامي، سألنا المسؤول عن المعالجة الدرامية لفيلم “أنا مش هيك”، محمد بيروتي، عن أبرز تلك المقومات فيقول: “لكي يحقق العمل النجاح المنشود، سواء كان فيلمًا أو مسلسلاً أو مسرحية، يجب أن تتوفر فيه مجموعة من المقومات الأساسية. فالعمل الناجح يجب أن يقدم رؤية فريدة، حتى لو كان الموضوع مألوفًا. كما أن القصة يفترض أن تكون متماسكة ومثيرة للاهتمام وحبكتها قوية تجذب المشاهد وتحافظ على اهتمامه من البداية إلى النهاية. وينبغي أن تتضمن عناصر التشويق والإثارة، مع وجود صراعات وتحديات تدفع الأحداث إلى الأمام.
كذلك يحتاج العمل الناجح إلى شخصيات متعددة الأبعاد، وأن تكون تلك الشخصيات قابلة للتصديق، مما يجعل المشاهدين يتعاطفون معها ويهتمون بمصيرها وهذا ما حرصنا عليه في فيلم “أنا مش هيك”. .
أما الحوار فعملنا على أن يكون طبيعيًا وملائمًا لكل شخصية، ليساهم في تعميق فهم المشاهد للأحداث والدوافع.”
ويشدد بيروتي على “أن الدور الحاسم يبقى للإخراج، الذي يبرز الرؤية الفنية للعمل، ويترجم النص إلى صور حية، ويوجه الممثلين، ويستخدم عناصر السينما بشكل فعال.”
كما يلفت بيروتي إلى أهمية جودة الإنتاج، والتصوير، والإضاءة، والمونتاج، والموسيقى التصويرية، والمؤثرات الصوتية والبصرية، كلها تساهم بشكل كبير في تعزيز نجاح الأفلام.
كذلك لا يمكن إغفال أهمية التسويق والترويج الجيد للعمل لضمان وصوله إلى جمهوره المستهدف وجذب اهتمام أوسع.
ويعتبر بيروتي أن توفر هذه المقومات مجتمعة يزيد بشكل كبير من فرص نجاح العمل الدرامي وتأثيره على الجمهور. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن الفن ليس معادلة دقيقة، وأحيانًا قد ينجح عمل ما بشكل غير متوقع حتى لو افتقد لبعض هذه العناصر.:
في ختام حديثنا عن فيلم “أنا مش هيك” ومقومات نجاح العمل الدرامي، يبدو أن هذا الفيلم اللبناني الجديد يحمل في طياته الكثير من عناصر النجاح التي تحدث عنها محمد بيروتي. فمن خلال تناوله لقضية ملحة تخص الشباب، وتقديمه لشخصيات متنوعة ومتعددة الأبعاد، يسعى الفيلم إلى تقديم رؤية فريدة وواقعية لتحديات الشباب في العصر الحديث.
إن الجهود المبذولة من قبل فريق العمل، بدءًا من الكتابة والسيناريو، مرورًا بالمعالجة الدرامية، وصولًا إلى الإخراج والإنتاج، تبشر بعمل سينمائي مميز قادر على مخاطبة الجمهور وإثارة النقاش حول قضايا مهمة في المجتمع.
ومع الأمل الذي يحمله الفيلم في طياته، والرسالة التي يسعى إلى إيصالها، يبقى الجمهور هو الحكم النهائي على نجاح “أنا مش هيك”.