الخميس, أبريل 24, 2025
20.4 C
Beirut

صباح الخير من مستشفى غسّان حمّود في صيدا!

نشرت في

كتب صخر عرب لـ ” أخباركم – أخبارنا”

“إن شاء الله أفضل، عمّو..
مسا الخيرعمّو، تصبح على خير عمّو”..
بهاتين التحيتين وبكلمات رقيقة مثلها كنت استيقظ وانام على أصوات عصفورات مزقزقات وحساسين بسنّ الورود المتفتحة، صبايا وشبّان وقد لبسوا ثياب العمل البيضاء، وبدأوا نوبة شغل جديدة بهمّة ونشاط وحيوية. يناولونني ميزان الحرارة ـ يقيسون الضغط قائلين: ضغطك عال عمّوـ حرارتك طبيعية عمّو- يسحبون وحدات دمّ، يضعون الأمصال أو يسحبونها، أو يأتونني بطعام الفطور، الغداء، العشاء، أو يقومون بسحبي “خجلان” إلى غرف الفحص والآشعة وأقسام أخرى للكشف، يفعلون ذلك وغيره دون تردّد أو تأفف أو تذمر. الإبتسامة المضيئة تنير وجوههم وتضيئ المكان؛ تضفي على أجسام الصبايا الجميلات وقامات الشبّان النشيطين ذلك الوهج والتألق.. وجمال الحياة، والجاذبية والرقّة والسحر..
اغبطهم على حيويتهم وشبابهم، متمنيا لهم الوصول وتحقيق ما يريدون، وأن يصلوا لكل أحلامهم وأمانيهم.. وابتسم لهم.

  • صباح الخير عمّو..
    كلمات بسيطه بعيدة عن أي تكلف أو تصنع أو ممالأة أو غايات أو.. أو، عابقة بالحياة والبساطة واللطف؛ تدخل عميقًا إلى القلب دون واسطة أو تصنع أو تزلف.
    إنهم جيش السلام الصحي الأبيض، في مستشفى من أعرق مستشفيات الجنوب ولبنان، مستشفى غسّان حموّد، القائم غربي سهل الصبّاغ قرب حي الإسكندراني قريبا من وسط المدينة ومدخل صيدا الجنوبي، وقد عملت مناشير قطع الشجر على تحويل تلك الأماكن المزروعة بالليمون والإنكيدنيا والسرو والشجر إلى أماكن سكنية طوال عقود وعقود من السنوات. ولينشئ الدكتور الشابّ غسّان حموّد ابن مدينة صيدا إمبراطوريته الصحيّة، في واحدة من أجمل المنافسات والمباريات مع زملائه الأطباء الصيداويين والجنوبيين في القرن العشرين؛ مشغلا وموظفًا مئات الأيدي العاملة من الجنسين اللطيف والخشن، من أهالي صيدا والجنوب والمخيمات والإقليم وغيرهم من لبنانيين وفلسطينيين، ومتيحًا عشرات فرص العمل لأصحاب الكفاءات وشهادات التخصص وللأطباء والطبيبات المتخرجين حديثا، وليخفّف عن الناس عبء الإنتقال إلى العاصمة بيروت وكل العذابات والمصاريف، والأهم تحويل ذلك المكان الذي كان مغروسا ببساتين البرتقال إلى واحة سلام وأمان في جنوب العذاب والألم والقلق.
    -إن شاء الله اليوم أحسن عمّو
    تلك الدعوة، الأمنية العذبة واللطيفة تنطقها شابّة حلوة أو شاب نضر..
  • الحمد لله. شكرًا لك، سلمت أياديكم! أنا افضل بوجود الله ووجوهكم الحلوة.
    اعود بالذاكرة قليلًا للوراء: لطالما ارتحتُ لكلمات المناداة المستعملة بمخاطبة الإنسان بما هو وكما هو، دون زيادة ولا نقصان، أو مجاملة وتزلف وبالحالة التي تربط المتكلم المنادِي بالشخص الذي المنادَى بلا مبالغة أو تكلف: يا أستاذ، يا صديقي، يا سيد(وهذه كلمة حلوة تعني أنّ الإنسان سيد نفسه، وأنّه محترم)، جار، صاحب، رفيق، ابني، ابن العمّ، ابن الخال، “خيّي” ثم بابا وجِدّو وكنيتي “أبو حسن”.
    لعل كلمة “عمّو” وقد رافقتني باكرًا، أو “خالو” من أكثر الكلمات تحببا إلى قلبي، لقد كنت وأختي مهى العضوين الأصغرين في عائلة كثيرة العدد تضم من الإحفاد والحفيدات الكثيرين، وقد استحقينا اللقب باكرا!
    لم أرتحْ بمناداتي ومخاطبتي بما يزيد عن الواقع، وإن رضيت وقبلت بما هو دون ذلك؛ لقد أحببت العبارات السهلة والعادية، وبالطبع سعدتُ بكلمات الودّ والحب. قبلتُ ما هو مطلوب لاتجاوب مع الشحص المتكلم فورًا وبكل ودّ وهدوء. وأما التعابير المفخمة أو المضخمة فلم ارتح لها مرة، ولو قيلت على سبيل المزاح: يا بيك، يا باشا، افندي خواجا، ومن ذلك أيضًا “يا حاجّ” والتي صارت ممجوجة بعدما التصقت “الحِجّة” عند البعض بالقسوة والشدّة ؛ أو الرياء والتجارة عند كثيرين بعد انتشار موجات التدين المصطنع.
    ربما كانت كلمات المجاملة المبالغ فيها تزعجني، ولكنني اصمت احتراما للمتكلم وشخصه..
    لم يعكر صفو اقامتي في مستشفى حمّود الجامعي أو يزعجه ما لا أحب وما لا اهوى. وجدت في صدق الممرضات والممرضين ورقّتهم ولطفهم راحة نفسية عظيمة؛ لقد ذكروني بمناداة مجموعة “شباب صور ومنطقتها” لتنظيف شاطئ صور وحمايته، وتسميتهم لي “عمّو صخر”.. وقد بعثت مناداة تلك المجموعة الشبابية فيّ الآمال الكبار يقيام وطن، والحرص عليه وتقديمه جميلًا للآجيال القادمة..
    أقمت في المستشفى بعد إجراء عملية القلب ستة أيام، وخرجت إلى بيتي، وقد سدّدت التكاليف والأجور كافّة من جيبي، حيث لا ضمانات صحيّة ولا تقديمات اجتماعية، وكانت سابقة مؤمنة ثم سُحِبَتْ ؟
    منذ مغادرتي المستشفى، وإن يكن جرح عملية القلب لم يلتئم بعد وباقي الجراج لم تندمل تمامًا كذلك، إلا أنّه بدأت منامات الليل العذبة وأحلامه الجميلة تزورني حاملة الكثير من الأشياء والصُوَر الجميلة واللحظات السعيدة والخيالات، والأفكار المسلية.
    تحيّة لموظفي وممرضي مستشفى غسّان حمّود الجامعي، وللطبيبين الطيبين الدكتور محرم بديع والطبيب الجرّاح البروفسير فراس البيطار، والرفيق الطبيب خالد إبراهيم، ولكل المستشفى..
    ولكن، اسمح لنفسي بتوجية تحية ومن خارج المستشفى لمن قدم لي ووهبني أهم عنصر للحياة على الأرض: الدمّ، من وحدات وصفائح.. ولمن حاول ذلك، وهم كثيرون لبنانيون وفلسطينيون، وأصدقاء مجهولون ومعلومون.
    تحية للصديقين الرفيقين الدكتور وهيب سلامة والدكتور عدنان بسما..

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

#همسة_صباحية: قرار تسليم سلاح حزب الله… في طهران

أخباركم - أخبارنا بقلم: مصطفى أحمد بدأت قصة تأسيس حزب الله على يد الحرس الثوري...

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: رفض الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ودعوة للحوار بين الفصائل الفلسطينية

أخباركم - أخبارنا أدان عضو اللجنة التنفيذية والمكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، رمزي رباح، التصريحات التي...

إسرائيل وحربها المستمرة: تحديات الجيش وتوقعات المواجهة في غزة

أخباركم - أخبارنا بقلم: حلمي موسى من غزة تحتفل إسرائيل في هذه الأيام بذكرى المحرقة...

قوى تحالف المقاومة الفلسطينية: ندين ونشجب خطاب عباس في المجلس المركزي واعتداءه اللفظي على المقاومة!

أخباركم - أخبارنا بيان صحفي صادر عن قوى تحالف المقاومة الفلسطينية ندين ونشجب خطاب عباس...

More like this

بلديات الجبل في عين الاستحقاق: تنافس محلي على وقع التحولات السياسية والاجتماعية!

أخباركم - أخبارنا/ عايدة الأحمديةتشكّل الانتخابات البلدية والاختيارية في قضائي الشوف وعاليه استحقاقاً ديمقراطياً...

إيران وتجارة الكبتاغون في المنطقة الجزء الخامس: العقوبات الدولية – هل يمكن كسر شبكة إيران وحلفائها في تجارة الكبتاغون؟

أخباركم - أخبارنافي السنوات الأخيرة، تحوّلت تجارة الكبتاغون من نشاط إجرامي متخفٍ إلى ملف...

يا مينا الحبايب… بيروتي التي لا تموت

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد الى روحي أبي فوزي محمد والعم نديم عبود...