الأربعاء, أبريل 23, 2025
19.4 C
Beirut

التنظيم الشعبي الناصري: صمود في وجه محاولات التفتيت وسط تصاعد نفوذ حزب الله!

نشرت في

كتب مسعود محمد لـ ” أخباركم – أخبارنا”

في خطوة جديدة تعكس الصراع المحتدم على النفوذ في لبنان، تم الإعلان في صيدا عن ولادة تيار سياسي ناصري جديد، أطلق على نفسه اسم “حركة النصر عمل”. هذا التيار يضم مجموعة منشقّة عن التنظيم الشعبي الناصري، يقودها النائب ملحم الحجيري، الذي كان عضواً بارزاً في اللجنة المركزية للتنظيم قبل تجميد عضويته، إلى جانب عدد من الكوادر الناشطة سابقًا في التنظيم. هذا التطور يأتي وسط تصاعد الاتهامات بأن حزب الله يسعى لتقسيم التنظيم الشعبي الناصري عبر شخصيات سياسية كانت سابقًا جزءًا من التنظيم، بهدف تعزيز نفوذه في الجنوب اللبناني. يأتي هذا التطور بظل قرار زعيم التنظيم النائب اسامة سعد بشن هجوما مضادا وعلنيا على الحزب يتهمه فيه بانه يسعى الى شق تنظيمه واضعافه تحت بند ” تصفية حسابات قديمة ” خصوصا ان سعد قرر الا يكون حالة ملحقة بالحزب وتابعة له بل حالة مستقلة لها رايها وتوجهها الوطني العام وليس الطائفي او المذهبي. العلاقة بين الحزب وسعد ليست في احسن حالاتها اذ تعد فاترة بل وتعد احيانا مقطوعة تماما منذ عام 2008 وحتى اليوم .

محاولة التأثير وتقسيم التنظيم الشعبي الناصري

التنظيم الشعبي الناصري، الذي يعتبر رمزًا للمقاومة في صيدا وجنوب لبنان منذ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، يواجه اليوم تحديات من داخل صفوفه. النائب السابق ملحم الحجيري، الذي جمّدت عضويته في التنظيم بسبب ارتباطاته بحزب الله، يقود هذا التيار الجديد، مما يثير تساؤلات حول دوافع هذه الخطوة ودور حزب الله فيها.

بحسب مراقبين، فإن حزب الله يسعى لتقليص نفوذ التنظيم الشعبي الناصري في صيدا لصالح الجماعة الاسلامية حليفها في حرب المساندة، وحركة حماس، وهي منطقة استراتيجية تعتبر بوابة الجنوب. عبر استقطاب شخصيات مثل الحجيري، يسعى الحزب لإضعاف التنظيم من الداخل، وذلك بهدف تحجيم أي قوة قد تنافسه داخل محور المقاومة.

التنافس السياسي والإيديولوجي بين حزب الله والتنظيم الشعبي الناصري

رغم أن التنظيم الشعبي الناصري وحزب الله يشتركان في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الاختلافات الأيديولوجية بينهما تبقى كبيرة. التنظيم الشعبي الناصري يستند إلى الفكر القومي العربي والإرث الناصري، بينما يتبنى حزب الله أيديولوجية دينية تستند إلى ولاية الفقيه. هذه الاختلافات جعلت من التنافس بينهما أمرًا محتومًا، خاصة في المناطق التي يسعى كل منهما للسيطرة عليها.

محاولات خرق الأحزاب الوطنية: هل يخشى حزب الله التعددية؟

يبدو أن حزب الله لم يتوقف عند محاولة التأثير على التنظيم الشعبي الناصري فقط، بل تعدت طموحاته إلى محاولات خرق الأحزاب الوطنية التي برزت خلال الحرب الأهلية وأثناء هيمنة النظام السوري على لبنان. الحزب لم يكتفِ بذلك، بل كان توسع نحو الأحزاب السياسية المسيحية، حيث أقام اتفاقات مثل اتفاق مار مخايل، الذي حول رئاسة الجمهورية إلى مجرد تابع لقراراته، واليوم يسعى لتقسيم التيار الوطني الحر الذي وقع معه الاتفاق وذلك بسبب رفض رئيس التيار جبران باسيل العمل وفق اجندته التي تعرض لبنان لمخاطر حرب لا ناقة له فيها ولا جمل. هذه الاتفاقات والتدخلات تهدف إلى إبقاء قبضته محكمة على القرار السياسي في لبنان، تمامًا كما كان يفعل النظام السوري خلال احتلاله لبنان.

يبدو أن بعض القوى السياسية التي عملت طوال سنوات على ضرب الوحدة الوطنية عبر ابتكار مشاريع سياسية مرتبطة بالخارج، تحت عنوان “المقاومة” وتحرير المزارع والقدس وما شابه، والتي هيمنت على القرار بواسطة لعبة المال والسلاح، وأقامت دويلة إيرانية في قلب الدولة، باتت اليوم صاحبة القرار في كل شيء: الحرب والسلم، الأمن الداخلي، المالية، الخدمات، كهرباء ومياه وطرقات وأوتوبيسات. بعد أن عملت جاهدة على عزل الطائفة الشيعية عن لبنانيتها وعروبتها بالترغيب والترهيب وربطها بمصالح المشروع الإيراني، قامت بمحاولات خرق الأحزاب التي حملت لقب الوطنية إبان الحرب الأهلية وأثناء هيمنة النظام السوري على لبنان. ثم عبرت إلى الأحزاب السياسية المسيحية باتفاقات مثل اتفاق مار مخايل لوضع اليد على رئاسة الجمهورية وجعلها مجرد مطية تتبع قراراتها، وهو أسلوب خبره اللبنانيون أثناء تحكم النظام السوري الذي أقام الاتفاقات الثنائية والثلاثية تحت عباءته ليبقى محتلاً لبنان عبر سيطرته الأمنية ومسك خيوط سياسييه.

دور التنظيم الشعبي الناصري في المقاومة:

التنظيم الشعبي الناصري لعب دورًا محوريًا في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ بدايات الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. قاد التنظيم، بقيادة مصطفى سعد، عمليات عسكرية نوعية في صيدا وجنوب لبنان، كانت لها آثار كبيرة على تقويض سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. أبرز هذه العمليات كانت معركة سوق الخان في صيدا، والتي نجح خلالها مقاتلو التنظيم في تأخير تقدم القوات الإسرائيلية وتكبيدها خسائر كبيرة. كما نفذ التنظيم سلسلة من الكمائن وعمليات القنص التي استهدفت القوات الإسرائيلية والمليشيات المتعاونة معها، مما ساهم في إضعاف سيطرة الاحتلال على المنطقة.

دور مصطفى سعد ومحاولة اغتياله:

مصطفى سعد، القائد البارز للتنظيم الشعبي الناصري، كان رمزًا للمقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي. بعد استشهاد والده معروف سعد عام 1975، تولى مصطفى قيادة التنظيم ولعب دورًا محوريًا في تنظيم وتوجيه المقاومة في صيدا وجنوب لبنان. قاد مصطفى سعد العمليات الميدانية، ونجح في تعزيز الروح الوطنية بين أبناء المدينة والمناطق المحيطة بها، مما جعله هدفًا لإسرائيل وحلفائها.

في 20 سبتمبر 1985، تعرض مصطفى سعد لمحاولة اغتيال بتفجير سيارة مفخخة أمام منزله في صيدا، أسفرت عن إصابته بجروح خطيرة أدت إلى فقدانه بصره واستشهاد ابنته الطفلة ناتاشا. ورغم إصابته، واصل مصطفى سعد دوره القيادي في التنظيم الشعبي الناصري، وكان له تأثير كبير في استمرار المقاومة ضد الاحتلال حتى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000.

إلى أين يسير لبنان في ظل سيطرة حزب الله؟

السيطرة المتزايدة لحزب الله على مختلف مفاصل الدولة اللبنانية، بدءًا من السياسة وصولًا إلى الأمن والاقتصاد، تثير مخاوف حول مستقبل لبنان كدولة تعددية. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: متى يدرك حزب الله أن لبنان ليس ملكًا له وحده؟ لبنان كان دائمًا بلدًا متنوعًا بطيفه، وقوته تكمن في قدرته على احتضان الاختلافات.

هل يعود حزب الله من إيران إلى لبنان ويتعايش مع الآخرين؟ هل يدرك أن التفرد بالقرار وتهميش الآخرين لن يؤدي إلا إلى المزيد من الانقسامات؟ اللبنانيون يتطلعون إلى بلد يتمتع فيه الجميع بالحق في التعبير عن آرائهم، بعيدًا عن سياسات الهيمنة والإقصاء.

محاولات حزب الله لتفتيت الساحة الوطنية، من خلال استهداف التنظيم الشعبي الناصري واستقطاب شخصيات مؤثرة مثل النائب ملحم الحجيري، تعكس الصراع السياسي العميق في لبنان. رغم التحالف الظاهر بين الحزب والتنظيم في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الاختلافات الأيديولوجية والسياسية بينهما أدت إلى تصاعد التنافس على النفوذ. ومع استمرار حزب الله في بسط سيطرته على مختلف مفاصل الدولة، يبقى السؤال حول مستقبل لبنان كدولة تعددية مفتوحًا، في ظل تفاقم التوترات الداخلية وانسداد الأفق السياسي.

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

إيران تعدم السجين السياسي الكردي حميد حسين نجاد

أخباركم ــ أخبارنا أعدمت السلطات الإيرانية فجر أمس، حكم الإعدام بحق السجين السياسي...

اسرائيل توسع نشاط اغتيالاتها نحو بيروت وتستهدف سيارة قرب الدامور .. وأخرى في الحنية .. والنتيجة قتيلان من الحزب والجماعة الاسلامية

أخباركم - أخبارنا/ تقرير لبنان الميداني في صباح يوم الثلاثاء، استيقظ لبنان على وقع غارة...

اغتيال الشيخ حسين عطوي: الجماعة الإسلامية تحت النار… وماذا بعد؟

استهداف قيادي بارز يفتح الباب أمام أسئلة خطرة حول السلاح، ودور الجماعة في المواجهة...

ماذا بين الجيش وحماس؟

خاص: أخباركم - أخبارنا اكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"أخباركم أخبارنا" ان الجيش اللبناني يواصل...

More like this

وداعًا لراعي الفقراء… البابا فرنسيس يترجل عن منبر الإنسانية .. قادة العالم ينعونه ويشيدون بإرثه الإنساني!

✍️ بقلم: جميل نعمة – أخباركم / أخبارنا في لحظة مؤثرة من تاريخ الكنيسة الكاثوليكية...

برحيل البابا فرنسيس: هل سيتراجع صوت السلام بوصول بابا “ترامبي”؟!

أخباركم - أخبارنا/ الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحيم التوراني خلفت وفاة البابا فرنسيس، بابا...

المدن كالنساء… لكلٍّ جمالها، ولكلٍّ سرّها .. ما بين بيروت ونابلس بعيون أم زهير و بافيا!

أخباركم - أخبارنا/ بقلم: مسعود محمد الى رفاقي وأصدقائي في المنفى .. الى حسين...