كتب مسعود محمد لـ “أخباركم – أخبارنا”
هل يعرف الجيل الجديد نجيب محفوظ؟ هل قرأ اولاد حارتنا؟ انها ذكرى رحيله اليوم هل هناك من الجيل الجديد من يملك مجموعته …
نجيب محفوظ عبد العزيز ابراهيم احمد الباشا ( القاهره، 11 ديسمبر 1911 – الجيزه، 30 اغسطس 2006) كاتب روائى مصرى كبير أخذ جائزة نوبل فى الادب سنة 1988. نجيب محفوظ هو ابو الروايه المصريه الحديثه من غير منازع.
لغاية 1988 نجيب محفوظ كان نشر 33 روايه و 13 مجموعة قصص قصيره ، و حوالى 50 قصه انتشرت فى الجرائد و المجلات ، و اكتر من 300 مقاله ، و عمل حوالى 400 حوار صحفى ، و اتنشر عن فكره و مؤلفاته أكتر من 40 كتاب ، و فصول عنه فى اكتر من 200 كتاب ، و انكتب عنه اكتر من 2000 مقال ، وكتب عن حياته و اعماله الادبيه اكتر من 20 رساله جامعيه.
أدب نجيب محفوظ يتميز بعدة جوانب فريدة جعلته مختلفًا ومميزًا في الأدب العربي:
- التعمق في المجتمع المصري: نجيب محفوظ قدم تصويرًا دقيقًا وشاملًا للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، خصوصًا في القرن العشرين. تناولت رواياته حياة الطبقات المتوسطة والفقيرة في القاهرة، مع التركيز على تفاصيل الحياة اليومية.
- الرمزية والفلسفة: محفوظ استخدم الرمزية ببراعة للتعبير عن قضايا إنسانية وفلسفية عميقة. روايات مثل “أولاد حارتنا” تمثل مستويات متعددة من المعاني، وتطرح تساؤلات عن الدين والوجود والعدالة.
- التطور في الأسلوب: بدأ محفوظ بأسلوب تقليدي مستمد من الواقعية، ثم تطور نحو استخدام أساليب أكثر تعقيدًا مثل الواقعية الرمزية، والتجريب في السرد كما في رواياته الأخيرة.
- الشخصيات المتعددة الأبعاد: خلق محفوظ شخصيات متكاملة ومعقدة تعكس صراعات داخلية وخارجية، مما جعلها قريبة من القارئ وأكثر واقعية.
- تأثيرات فلسفية وتاريخية: كان محفوظ قارئًا نهمًا للفلسفة والتاريخ، مما انعكس في عمق موضوعاته وتنوعها، حيث تناول في أعماله أفكارًا تتعلق بالقدر والحرية والوجود.
هذه العناصر جعلت من نجيب محفوظ كاتبًا فريدًا ساهم بشكل كبير في تطوير الرواية العربية ورفع مستواها إلى العالمية.
تعرض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال في 14 أكتوبر 1994، عندما كان في الثمانين من عمره. الحادثة وقعت في القاهرة، حيث هاجمه شابان أمام منزله في حي العجوزة. استخدم أحدهم سكينًا ليطعنه في عنقه، مما تسبب في إصابته بجروح خطيرة كادت تودي بحياته.
دوافع محاولة الاغتيال تعود إلى الفتاوى التي صدرت ضده بسبب روايته “أولاد حارتنا”، التي كانت قد نُشرت في الستينيات وأثارت جدلاً واسعًا بسبب ما اعتبره البعض إساءة للدين، رغم أن الرواية لم تتعرض بشكل مباشر للنصوص الدينية. الرواية لم تُنشر في مصر بشكل كامل إلا بعد حصول محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عام 1988.
لحسن الحظ، نجا محفوظ من محاولة الاغتيال، لكن الجرح أثر على أعصاب يده اليمنى، مما حد من قدرته على الكتابة فيما بعد. ظل نجيب محفوظ يكتب بعد الحادث، ولكنه اضطر إلى الاعتماد على المساعدين في كتابة أفكاره وقصصه، وظل نشطًا أدبيًا حتى وفاته عام 2006.
الشخص الذي حاول اغتيال نجيب محفوظ هو شاب يُدعى “محمد ناجي”، وكان يبلغ من العمر حوالي 39 عامًا وقت ارتكاب الجريمة. محمد ناجي كان متأثرًا بفكر الجماعات المتطرفة التي كانت تعارض نجيب محفوظ بسبب روايته “أولاد حارتنا”، التي اعتبرتها بعض هذه الجماعات مسيئة للإسلام.
في محاكمته، أُدين محمد ناجي بمحاولة القتل العمد وحُكم عليه بالإعدام، ولكن تم تخفيف الحكم لاحقًا إلى السجن المؤبد. وكانت المحاكمة جزءًا من سلسلة محاكمات متعلقة بالإرهاب خلال تلك الفترة، حيث تم محاكمة العديد من أعضاء الجماعات المتطرفة.
المحاكمة سلطت الضوء على التوترات بين المثقفين والفنانين من جهة والجماعات المتطرفة من جهة أخرى في مصر خلال تسعينيات القرن العشرين. وبالرغم من إصابة نجيب محفوظ الخطيرة، فإنه لم يبدِ أي رغبة في الانتقام، وكان معروفًا بتسامحه، وقد عاش بعدها إلى أن توفي في عام 2006.
محمد ناجي، الشخص الذي حاول اغتيال نجيب محفوظ، قال في أثناء محاكمته إنه قام بمحاولة الاغتيال بدافع ديني. ذكر ناجي أنه لم يقرأ رواية “أولاد حارتنا” بنفسه، لكنه استند إلى فتاوى وآراء دينية سمعها من رجال دين متشددين أفتوا بأن الرواية مسيئة للإسلام. وأوضح في أقواله أنه كان يعتقد أن اغتيال نجيب محفوظ هو واجب ديني، لأن الرواية، بحسب ما قيل له، كانت تتطاول على المقدسات الدينية.
هذه التصريحات كشفت عن مدى تأثير الفتاوى المتشددة والتحريض على العنف الذي كان منتشرًا في تلك الفترة، وأظهرت كيف يمكن أن تقود هذه الفتاوى أفرادًا غير مطلعين مباشرة على العمل الأدبي إلى ارتكاب أعمال عنف بناءً على تأويلات وأحكام لم يتحققوا منها بأنفسهم.
رواية “أولاد حارتنا” لنجيب محفوظ أثارت جدلاً واسعًا بين الإسلاميين، الذين اعتبروا أن الرواية تحتوي على رموز وإسقاطات يمكن تفسيرها بأنها تنتقد الدين أو تتعرض للمقدسات بطريقة غير مقبولة. هناك عدة نقاط كانت مزعجة للإسلاميين في الرواية:
- الرمزية الدينية: الرواية تُستخدم فيها شخصيات وأحداث ترمز إلى شخصيات دينية كبرى في تاريخ الأديان الإبراهيمية (مثل الأنبياء) وإلى الله. الشخصيات الرئيسية في الرواية، مثل الجبلاوي وأولاده، تُعتبر إسقاطات رمزية على الله والأنبياء، مما اعتبره البعض تطاولًا على هذه الشخصيات المقدسة.
- النظرة الفلسفية: الرواية تتناول الصراع بين العلم والدين وبين السلطة الروحية والسلطة الزمنية. بعض الإسلاميين رأوا في الرواية نقدًا للدين من خلال التركيز على التقدم العلمي كبديل للسلطة الدينية، مما يتعارض مع النظرة التقليدية للدين.
- الشكوك حول الأصول الدينية: “أولاد حارتنا” تطرح تساؤلات حول العدالة الإلهية ومشكلة الشر، وتصور الله في الرواية (الذي يرمز إليه الجبلاوي) ككائن بعيد عن شؤون البشر، مما يتركهم ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم. هذا التصور أثار غضب الإسلاميين الذين رأوا فيه تشكيكًا في العدل الإلهي والحكمة الإلهية.
- نشر الرواية في صحيفة الأهرام: رغم أن الرواية لم تنشر في كتاب في مصر حتى بعد حصول محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، إلا أنها كانت قد نُشرت في صحيفة “الأهرام” في أواخر الخمسينيات، مما جعلها معروفة وموضع انتقاد بين الإسلاميين.
بسبب هذه العوامل، اعتبرت الرواية في بعض الأوساط الدينية إهانة للإسلام، مما دفع بعض رجال الدين إلى إصدار فتاوى تكفيرية ضد نجيب محفوظ، والتي كانت من بين الأسباب التي أدت إلى محاولة اغتياله لاحقًا.
نجيب محفوظ لم ينتمِ رسميًا لأي جناح سياسي أو حزب خلال حياته، لكنه كان مثقفًا مهتمًا بالشأن العام والسياسي، وكان له آراء واضحة حول القضايا الاجتماعية والسياسية التي أثرت في مصر خلال القرن العشرين.
موقفه من الأحزاب السياسية: كان محفوظ في شبابه قريبًا من الأفكار اليسارية والاشتراكية، لكنه لم ينضم إلى أي حزب سياسي بشكل رسمي. تأثر بالتيارات الفكرية الليبرالية والإصلاحية، وعبّر عن دعمه للديمقراطية والعدالة الاجتماعية في العديد من أعماله.
العلاقة مع النظام السياسي: طوال مسيرته، احتفظ محفوظ بموقف مستقل نسبيًا عن النظام السياسي، على الرغم من أنه كان على علاقات جيدة مع بعض المسؤولين السياسيين والثقافيين. ورغم انتقاده لبعض السياسات الاجتماعية والسياسية في مصر، خاصة في رواياته، لم يكن معارضًا بشكل علني للنظام السياسي الحاكم.
التعبير السياسي في أعماله: تعكس رواياته كثيرًا من القضايا السياسية والاجتماعية التي عاشتها مصر، مثل الفساد، الاستبداد، الصراع بين القديم والحديث، والصراعات الطبقية. لكنه كان يُفضل التعبير عن آرائه السياسية من خلال الأدب والرواية بدلاً من الانخراط المباشر في العمل السياسي.
بإجمال، كان نجيب محفوظ مثقفًا ملتزمًا بقضايا مجتمعه ومؤمنًا بدور الأدب في إحداث التغيير، لكنه فضّل الحفاظ على مسافة من الانتماءات السياسية الرسمية، مما مكّنه من التعبير بحرية عن آرائه دون التقيد بمواقف حزبية محددة.