كتب مسعود محمد لـ ” أخباركم – أخبارنا”
اليوم ننشر الحلقة الاخيرة من سلسلة مقالات التي طالت ملف سرايا المقاومة دون ان نقفل الملف فهو ملف يطال حياة الناس وامنهم واحياناً رزقهم واكيد امانهم. تلعب “سرايا المقاومة”، التي أنشأها “حزب الله”، دورًا أمنيًا محوريًا في الداخل اللبناني، حيث تُستخدم كأداة لتثبيت نفوذ الحزب السياسي والعسكري. هذه المجموعات شبه العسكرية تنفذ عمليات أمنية تشمل المراقبة، الترهيب، وحتى التصفية الجسدية للخصوم السياسيين والمعارضين. في هذا التقرير، نلقي الضوء على تفاصيل العمليات الأمنية التي نفذتها “سرايا المقاومة”، بما في ذلك بعض الأمثلة البارزة على تصفية شخصيات معارضة، مثل لقمان سليم ومحمد شطح، وغيرها من الأنشطة التي تخدم مصالح “حزب الله”.
الأدوار الأمنية لـ”سرايا المقاومة”:
منذ نشأتها، كانت “سرايا المقاومة” جزءًا من استراتيجية “حزب الله” لإحكام السيطرة على الداخل اللبناني. تعمل السرايا بشكل غير معلن للقيام بعمليات أمنية تهدف إلى مراقبة الأنشطة المعارضة، وتحييد الخصوم السياسيين، وتقديم الدعم اللوجستي لأهداف الحزب.
1. المراقبة وجمع المعلومات:
“سرايا المقاومة” تتولى مهمة مراقبة المعارضين السياسيين لـ”حزب الله” في مختلف المناطق اللبنانية، وخاصة في المناطق المختلطة طائفيًا مثل بيروت وطرابلس. تهدف هذه المراقبة إلى جمع معلومات حساسة يمكن استخدامها لتهديد أو تصفية هؤلاء المعارضين.
2. التهديد والضغط على الخصوم السياسيين:
تلجأ السرايا إلى تهديد المعارضين المباشرين لـ”حزب الله” وأحيانًا استخدام العنف لتكميم أفواههم.
- اغتيال لقمان سليم: كان لقمان سليم، الناشط والمفكر الشيعي البارز، من أبرز المعارضين لحزب الله داخل الطائفة الشيعية. انتقد سليم علنًا سياسات “حزب الله” وتدخلاته في الشؤون اللبنانية والإقليمية. في 4 فبراير 2021، تم العثور على سليم مقتولًا داخل سيارته في منطقة جنوب لبنان، حيث يعتبر هذا الاغتيال جزءًا من سلسلة عمليات تصفية ضد المعارضين.
- اغتيال محمد شطح: محمد شطح، مستشار رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، كان من أشد المنتقدين لـ”حزب الله” ولنفوذه المتزايد في لبنان. في 27 ديسمبر 2013، تم اغتيال شطح في بيروت بتفجير استهدف موكبه. يُعتقد أن هذا الاغتيال كان رسالة قوية للمعارضين السياسيين للحزب.
3. تأمين المناطق الحدودية والداخلية:
تلعب “سرايا المقاومة” دورًا رئيسيًا في تأمين المناطق الحدودية، لا سيما تلك المحاذية لسوريا وإسرائيل. تقوم السرايا بمراقبة الحدود ومنع أي تحركات معادية، كما تشرف على تأمين طرق الإمداد التي تستخدمها “حزب الله” لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية.
- الحدود مع سوريا: تسيطر “سرايا المقاومة” على عدة نقاط حدودية غير رسمية مع سوريا، حيث تلعب دورًا في تأمين خطوط الإمداد لحزب الله في الحرب السورية، وتمنع أي تسلل أو تهريب غير مرغوب فيه.
4. التصفية الجسدية للمعارضين:
إلى جانب لقمان سليم، هناك حوادث أخرى تُشير إلى دور “سرايا المقاومة” في التصفية الجسدية للمعارضين.
- اغتيال هاشم السلمان: في 9 يونيو 2013، تم اغتيال الناشط السياسي هاشم السلمان أمام السفارة الإيرانية في بيروت خلال مظاهرة مناهضة لتدخل “حزب الله” في سوريا. السلمان كان عضوًا في “الحركة اللبنانية الديمقراطية” المعارضة، وتم اغتياله في وضح النهار أمام أعين الإعلام، مما يدل على جرأة في استخدام العنف لقمع المعارضة.
- اغتيال سمير قصير وجبران تويني: في عامي 2005 و2006، تم اغتيال الصحفيين البارزين سمير قصير وجبران تويني، اللذين كانا معروفين بمواقفهما المعارضة لـ”حزب الله” والنفوذ السوري في لبنان. على الرغم من أن “حزب الله” لم يُعلن مسؤوليته، إلا أن السياق السياسي والعمليات الممنهجة تشير إلى دور مباشر للسرايا أو حلفاء الحزب في هذه العمليات.
5. خرق الاحزاب
في الفترة الأخيرة، تصاعد الحديث حول “سرايا المقاومة” في لبنان ودورها المتنامي في المشهد السياسي والأمني للبلاد. تُعتبر “سرايا المقاومة” تشكيلًا شبه عسكري تابعًا لحزب الله، وتهدف بشكل رئيسي إلى تعزيز قدرات الحزب في الداخل اللبناني. هذا التشكيل يضم عناصر من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية، ولا يتطلب من أعضائه تبني الأيديولوجية الدينية لحزب الله، مما يجعله أداة مرنة لاختراق مختلف الأحزاب والمناطق.
مؤخرًا، ظهرت تقارير عن تورط “سرايا المقاومة” في خرق الأحزاب السياسية في لبنان، سواء من خلال استقطاب الشباب اللبنانيين من مختلف الانتماءات الحزبية أو من خلال إشراكهم في عمليات عسكرية. هذه الأنشطة تثير قلقًا كبيرًا بين القوى المعارضة لحزب الله، التي ترى في هذا التشكيل أداة لزيادة سيطرة الحزب على الساحة الداخلية وفرض أجندته السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تخوف من أن وجود “سرايا المقاومة” وتفعيل دورها في الجنوب اللبناني قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي ويعزز من احتمالات اندلاع صراعات داخلية، خاصة في ظل التوترات المستمرة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
المعارضة السياسية في لبنان تعبر عن قلقها من هذه التطورات، وتعتبرها جزءًا من استراتيجية حزب الله لتعزيز نفوذه وتأثيره على الدولة اللبنانية ومؤسساتها.
كيف تخدم هذه العمليات سيطرة حزب الله:
تسهم “سرايا المقاومة” بشكل مباشر في تثبيت نفوذ “حزب الله” داخل لبنان من خلال:
- إسكات المعارضين: عمليات التصفية والاغتيال ضد المعارضين مثل لقمان سليم وهاشم السلمان تؤدي إلى ترويع المجتمع اللبناني وتدفع المعارضين الآخرين إلى التزام الصمت.
- تعزيز السيطرة الأمنية: من خلال تأمين المناطق الحدودية ومراقبة الأنشطة المعارضة، تتيح السرايا لـ”حزب الله” التحكم في المشهد الأمني الداخلي، مما يعزز من قدرة الحزب على تنفيذ أجندته دون مواجهة مقاومة فعالة.
- الحفاظ على النفوذ الطائفي: العمليات الأمنية التي تنفذها السرايا تعمل على تقوية قبضة “حزب الله” على الطائفة الشيعية والتأكد من أن أي أصوات معارضة داخل الطائفة لا تتحول إلى تهديد جدي.
الخاتمة:
تُعد “سرايا المقاومة” إحدى الأدوات الأكثر فاعلية التي يستخدمها “حزب الله” لفرض سيطرته الأمنية والسياسية في الداخل اللبناني. من خلال عمليات التصفية، التهديد، والمراقبة، تسهم السرايا في ترسيخ نفوذ الحزب، وتقويض أي محاولات للمعارضة أو التحدي. الحوادث التي شهدتها لبنان في السنوات الأخيرة، مثل اغتيال لقمان سليم وهاشم السلمان، تُظهر بوضوح الدور الخطير الذي تلعبه هذه المجموعات في تثبيت سيطرة “حزب الله” وترهيب معارضيه. مع استمرار هذه العمليات، يبقى الوضع في لبنان هشًا ومعرضًا لمزيد من التوترات والعنف.