كتب حنا صالح في صبيحة اليوم ال1787 على بدء ثورة الكرامة
أياً كانت الأبعاد والخلفيات وما تم التخطيط له، فإن توقيف سلامة، بقرار من النائب العام بالإنابة جمال حجار، توقيفاً مؤقتاً ل 4 أيام على أن يحال بعد ذلك من محكمة إستئناف بيروت إلى قاضي التحقيق الذي يستجوبه ويتخذ تبعاً لذلك القرار القضائي المناسب.. فكان أن إقتيد سلامة مخفوراً إلى سجن قوى الأمن الداخلي، في حدث ليس أمراً عابراً أو عادياً. الرجل هو صندوق الأسرار الأسود، لأخطر منهبة أين منها جرائم مادوف المالية التي هزّت يوماً “وول ستريت”، وكانت أرقامها أقل من نصف المنهبة المسؤول عن تنفيذها سلامة، الذي شغل واقعياً منصب وكيل مصالح ومكاسب لا شرعية، لتحالف مافيا سياسية بنكرجية ميليشياوية إحتلت السلطة فنهبت وأدارت عملية إفلاس البلد وإفقار أهله وإذلالهم!
بالتأكيد كان لثلاث قضاة أدواهم البارزة في تعرية فساد سلامة ولصوصيته وهم: جان طنوس، هيلين إسكندر رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل التي إدعت على سلامة وطالبت من نحو 18 شهراً بتوقيفه ومصادرة أملاكه، وغادة عون التي رغم شعبويتها وما ينسب إليها من تحريك ملفات بشكل إنتقائي..يقابله فصيل قضاة غطوا سلامة ونفذوا تعليمات جهات سياسية زمنية ودينية عليا بحمايته، فافرغ بعض القضاة الملفات التي تدينه، ولم يتأخر أحدهم، القاضي المتقاعد أبو سمرا، قيامه في مشهد سوريالي بالهرولة لحمل منفضة سجائر لسلامة، خلال جلسة تحقيق تمت بطلب من القضاء الفرنسي وجرت بحضور القاضية الفرنسية “أود بوريسي” التي أصدرت أول مذكرة توقيف دولية بحق سلامة وحجزت حساباته وأملاكه!
قيل أن التحقيق تناول ملف شركة “أوبتيموم” الذي إمتنع سلامة عن تسليمه لشركة التدقيق الجنائي “الفاريز آند مارسال”، التي عثرت على عمليات محدودة فيها عمولات غير مشروعة بقيمة 112 مليون دولار، دفعها مصرف لبنان من حساب الإستشارات عبر 7 مصارف، منها 6 مصارف لبنانية والسابع سويسري. والسؤال هل يدور التحقيق حول هذه المسألة فقط ويتجاهل نتائج التدقيق اللاحق الذي أجرته “كروال” وبين أن الأموال المنهوبة عبر “أوبتيموم” 8 مليارات دولار، هي كناية عن أعمال وساطات لبيع سندات وشهادات إيداع مملوكة من مصرف لبنان! وقيل في السياق أن سلامة حضر إلى قصر العدل دون وكيله، مطمئناً أن لاشيء في الملف، وأنها مناسبة له لإطلالة علنية تتيح له لعب دور البطل والمظلوم، فباغته النائب العام حجار الذي تسلم من منصوري حاكم المركزي بالإنابة ملف أوبتيموم”، بعدما إتخذ الرئيس حجار قراراً بكف يد القاضية عون عن هذا الملف.
أطلق قرار التوقيف سيلاً من التساؤلات عن الأسرار والخلفيات والتوقيت، وعما إذا كانت هناك دوافع خارجية، إلى أسئلة من نوع هل بات ممكناً أن تكر السبحة ويكشف سلامة بعض الأسرار السوداء حماية له وقد أُخذ على حين غرة؟ وهل من الممكن بعد نحو 5 سنوات على الإنهيار المبرمج الخطير فتح كوة ضوء وأمل أنه بالإمكان ولووج زمن المساءلة والمحاسبة رغم تسلط عصبة أشرارٍ على البلد؟
بأي حال قالت مصادر قضائية( جريدة النهار) أن المدعي العام حجار “ما كان ليقوم بهذه الخطوة لو لم تكتمل لديه العناصر الجرمية والمستندات، فضلاً عن النتائج التي خلصت إليها التحقيقات مع سلامة وأجوبته على الأسئلة المطروحة عليه”.
الآن الأسئلة كثيرة عما إذا كان ملف سلامة سيسلك طريقه القانوني نحو الإدعاء أو أن اليد السياسية الغليظة ستتدخل لحمايته وحماية مصالح من تمثل؟ أوهل يعد توقيف سلامة الطريقة الأمثل لحمايته من الملاحقات الخارجية، هذا الجانب مهم ولا يجوز إسقاطه؟
يبقى أن ما حدث كبير وتاريخي، وعلى القوى الحية والنخب والفاعليات الإقتصادية، التي تدعو وتضغط لإصلاح حقيقي، أن تمارس الدور المطلوب منها لإستكمال هذا الحدث الضغط الآن هو المطلوب لكي ينتفض القضاء ويقوم بدوره في حماية الصالح العام، الأمر الذي من شأنه أن يمنح اللبنانيين طاقة أمل ويمنح لبنان فرصة لبدء تلمس طريق النهوض!
وبعد، مربكة كانت محطات التلفزة، هي من صلب المنظومة إياها، وكان عليها ملاحقة الحدث وتخشى زعل رياض، فذهب المشاهدون إلى القنوات الخارجية لتسقط الأخبار، بعدما تبين أن الجرائم المالية المرتكبة، قبل فضيحة “أوبتيموم”، والمقصود عبر “فوري” بين رياض وشقيقه رجا تكاد تكون زوبعة متواضعة في محيط الإنهيار اللبناني!
إن الإصرار على المحاكمة ضروري لأنه يفضح شركاء سلامة الكبار من السياسيين والأمنيين والبنكرجية والقضاة والضباط والإداريين، إلى الدور الكبير لميليشيا “حزب الله” الذي يتزعم وشريكه في رئاسة البرلمان تشريع “قدسية الودائع” في حملة شعبوية، أهدافها الحقيقية حماية أموال التهريب والتبييض!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.