كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ 1789 على بدء ثورة الكرامة
ساعات على قرار توقيف الفاسد رياض سلامة، الصندوق الأسود لأسرار نهب لبنان وإذلال شعبه، وصندوق أسرار أدوار كل أطراف المنظومة المافياوية الميليشياوية المتسلطة على البلد، في نهب المال العام والخاص، وتهريب الأموال وهي جني العمر لأكثر من مليوني لبناني…، حتى إستفاق شياطين رياض المحظيين المنتفعين من “سخائه”، وقدموا نقدهم للقرار الكبير، من باب الحرص المزعوم أن تطال الخطوة كل المسؤولين عن الإنهيار!
تتالت المواقف وتم تدبيج مقالات الدفاع عن فاسد البنك المركزي في إستفزار لأكثرية المواطنين الساحقة، المكتوية بنار الإنهيار المالي والإقتصادي والإجتماعي. فبعد نحو 5 سنوات على الإنهيار الكبير ينظر المواطن إلى الحاكم السابق المخادع صاحب شعار: الليرة بخير، كأحد احقر اللصوص المسؤولين عن تبعات الإنهيار، والمشارك في الفساد، وإفساد منظومة سياسية وإعلامية: نعم إعلامية من تلفزة وصحف و”إعلاميين” عملوا على القطعة، وبينهم مجموعة قدمت نفسها كأصحاب خبرة في الشأن الإقتصادي، فتحركوا بالتكافل والتضامن مع جمعية المصارف وسائر البنكرجية لحماية الناهبين وتضييع حقوق الناس!
قيل من جانب أصحاب النوايا الطيبة، أن “ارتكابات سلامة كانت بعلم وتواطؤ السلطات الرقابية والتشريعية عليه: وزارة المالية، مجلس الوزراء، مجلس النواب والقضاء المالي”. هذا أكيد فليكن المطلوب إذن محاكمة علنية، إذ من حق المتضررين معرفة الحقيقة، والمحاكمة العلنية قد تحول دون القدرة على اللفلفة. ومثل هذه المحاكمة من شأنها فتح الباب لطلب من خطط ومن إستفاد..ولا يكون المطلوب رأفة برياض!
لكن آخرين ذهبوا بعيداً بالوقاحة فتساءل أحدهم ببراءة: هل رياض سلامة هو المنظومة؟ وكالعادة كرر هذا الأحدهم مقولة البنكرجية، بأن عدم دفع سندات اليوروبند عجل الأزمة والإنهيار، مستخفاً بذكاء الناس والواقع الناطق. لقد فجر الإنهيار ثورة 17 تشرين 2019، ومن ذلك التاريخ توقفت البنوك عن الدفع، وأقفلت أبوابها تعسفاً بوجه المودعين، ووضعت اليد على الودائع وأذلت الناس. في هذا التوقيت، وفي زمن إقفال المصارف، جرى نقل مليارات الدولارات إلى الخارج من حسابات النافذين والمحظيين، وقانوناً دخلت هذه المصارف مرحلة الإفلاس، لكنها حظيت بالحماية. جرى كل ذلك قبل أشهر طويلة من قصة اليوروبوند والقرار الذي إتخذته منظومة الفساد بكامل أطرافها، وبمشاركة سلامة، بوقف التسديد!
رأي آخر كان أوضح من حيث المرامي والمقاصد فأطل بعنوان “ريبة سياسية” في التوقيت من “المرتابين”. هنا برزت الشياطين الطائفية مع التلطي وراء موقف يوحي بالنزاهة مع القول أن “رياض عنوان مرحلة إذا كان ممكناً طيه، يفترض أن تطوي معها عناوين سياسية منها لقوى كبيرة كذلك”. ثم عن التوقيت فتبدأ الأسئلة وصولاً إلى القول إنه تطور لافت من دون إتضاح ما إذا كان يمكن أن يكون مؤشراً لأمر ما وماهية هذا الأمر..ليخلص هذا الرأي إلى أن “التوقيف لم يحصل بتوقيت قضائي بل بتوقيت سياسي”؟ فما “الأبعاد وإلام يرمي وإلى أين يمكن أن يصل في قضية يعتبر فيها سلامة شاهداً”! تخيلوا أثر سخاء رياض؟!
ثم قيل أن الفريق “المعارض” ل”الثنائي المذهبي” له ملاحظات كثيرة على التوقيت وهدفه ومغزاه، عما إذا كان رسالة “حسن نية” إلى المجتمع الدولي في معركة منع وضع لبنان على اللائحة الرمادية.. فيظهر الثنائي، الذي يحسب عليه منصوري( الحاكم بالإنابة) في مظهر من قدم سلامة للعدالة، ومظهر المدافع عن حقوق المودعين إلخ المعزوفة. الخلط كبير في هذا التوصيف، فهناك كثير من الموءشرات المغايرة لان كل ما قام به الثنائي لا يغطي دور رئيس المجلس في تدمير خطة لازارد الإنقاذية الوحيدة، ودوره أيضاً في منع إقرار كابيتال كونترول، كما أن الجهة الممسكة بوزارة المال منذ حكومة تمام سلام، وتالياً كل الإدارة المالية كانت بين يديه وبإشرافه، وبدور مباشر منه حدث الإنهيار الكبير، وذاكرة الناس الذين تم إذلالهم حيّة وليست ذاكرة سمكية!
ليس شاهداً على المنهبة الشخص الذي إدعت عليه الدولة اللبنانية، بشخص هيئة القضايا، وإتهمته بجرائم جنائية: السرقة والنصب وغسل الأموال وطالبت بتوقيفه وحجز أمواله وممتكاته.. والشخص الذي وصفه القضاء الفرنسي بأنه يتزعم “عصبة أشرار” إرتكبت جرائم مالية، وأصدر بحقه مذكرة توقيف دولية وعمم الإنتربول إسمه وصورته على ثغور الدنيا هو كبير المتهمين وليس شاهدا!
توقيف سلامة خطوة مهمة بالإتجاه الصحيح تأخرت أكثر من 3 أو 4 سنوات. وطيلة المرحلة السابقة لم يكن القضاء اللبناني بجدية القضاء الأوروبي. الفرصة مؤاتية اليوم لأن يتحمل القضاء في لبنان مسؤوليته، وهو مطال بأن يستعيد دوره في محاسبة سلامة وكل عصبة الأشرار المتورطين بنهب المال العام والودائع وهم الجهات المسؤولة عن قرارات أفلست البلد وأفقرت شعبه. واليوم كل المتضررين، وكل النخب، عليهم التحرك لقطع الطريق على التدخلات السياسية التي يمكن أن تطل برأسها بأي وقت وتحرف مسار التحقيق الذي سيبدأ الإثنين.
توقيف سلامة إدانة لكل نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي الفاسد المتجبر، الذي غطى إختطاف حزب الله للدولة، مقابل مقاعد ومحاصصة وتقاسم البلد الذي حوّلوه إلى مزرعة. ودعونا نتذكر أن رياض نظم الهندسات المالية معهم كلهم ولمصلحتهم، ولم يسرق فقط من “فوري” و”اوبتيموم” بل من صيرفة التي بلغت التداولات عبرها 24 مليار دولار فصبت المليارات في جيوب الناهبين، ورياض نظم النهب عبر إنفاق 11 مليار دولار على الدعم الذي صب في خزائن المتسلطين والإقتصاد الموازي وميليشيات النظام السوري!
رياض امين سر عصبة الاسرار وعنوان خراب البلد والصندوق الأسود المليء بأسماء كل الشركاء!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.