أخباركم – اخبارنا
أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان عالقة في مأزق دون أي تقدم يُذكر، حيث لم تسفر الجهود المحلية والدولية حتى الآن عن حل لهذا الاستحقاق الدستوري الهام. فمنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022، أي ما يقارب العامين، فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد، رغم تعدد المبادرات والمحاولات التي استمرت طوال هذه الفترة وحتى اليوم.
على الصعيد الدولي، تتواصل المساعي الدبلوماسية لحلحلة الأزمة. وكان آخرها اللقاء الذي عقد في الرياض بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، بحضور السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري. وقد نُقل عن هذا اللقاء أن الأمور تبدو مبشرة بالنسبة للبنان، نظرًا لوجود حلول محتملة وإبداء الأطراف اللبنانية بعض المرونة. كما تم الاتفاق على عقد اجتماع للجنة الخماسية على مستوى السفراء في 14 أيلول/سبتمبر الحالي، ليتقرر بعدها ما إذا كان لودريان سيزور بيروت أم لا.
غير أن الواقع على الأرض يبدو أكثر تعقيدًا، فالمواقف السياسية للأطراف اللبنانية المختلفة لا تزال متباينة، مما يعيق التوصل إلى توافق حول مرشح رئاسي. فعلى سبيل المثال، يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن الحوار الذي يدعو إليه هو السبيل الوحيد لانتخاب رئيس للجمهورية. وقد عدّل بري مبادرته مؤخرًا، مقترحًا اجتماعًا لبضعة أيام للحوار، يتبعه جلسة واحدة بدورات متتالية حتى يتم انتخاب الرئيس.
وقد أعاد رئيس المجلس النيابي التأكيد مجددًا أمام زواره أن الحوار الذي يدعو إليه هو السبيل الوحيد المؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وذكّر بما قاله في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في 31 آب وبالجديد الذي أدخله إلى مبادرته. وقال: «لم ينتبهوا إلى أنني عدّلت مبادرتي. نجتمع بضعة أيام للحوار بعدما قلت سابقًا سبعة أيام. بضعة أيام تعني أقل من خمسة. قلت بعد الحوار، أدعو إلى جلسة واحدة بدورات متتالية إلى أن يُنتخب رئيس للجمهورية، ولا نخرج إلا بعد انتخابه، بعدما قلت سابقًا جلسات عدة بدورات متتالية. لا يريدون أن يقرأوا».
خلص برّي إلى الاستنتاج أن معظم الكتل باتت موافقة على الحوار والمشاركة فيه، باستثناء فريق يرفضه، قاصدًا حزب القوات اللبنانية. مع ذلك، لا يريد رئيس المجلس الذهاب إلى حوار لا ينضم إليه هذا الفريق. ويستغرب أن تُعد دعوته إلى الحوار عرفًا يُخشى منه، ويقول: «لم أسمع يومًا أحدًا يقول إن الحوار مخالف للدستور أو يعدّله». وينتهي بالملاحظة أخيرًا أنه لا انتخاب وشيكًا للرئيس.
في المقابل، لا تزال بعض الكتل السياسية، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية، ترفض فكرة الحوار، مما يزيد من تعقيد المشهد. ويبدو أن بري لا يريد المضي قدمًا في حوار لا يشمل جميع الأطراف الرئيسية.
وسط هذا الجمود، أعلن تكتل الاعتدال الوطني النيابي عن مبادرة جديدة، حيث سيبدأ أعضاؤه اتصالات لبلورة تصور جديد للخروج من الركود الحاصل في ملف رئاسة الجمهورية.
رغم هذه الجهود، يرى المراقبون أن الانفراج في الأزمة الرئاسية لا يبدو وشيكًا. فالخلافات السياسية العميقة، والتدخلات الإقليمية والدولية، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، كلها عوامل تزيد من صعوبة التوصل إلى حل سريع.
في ظل هذه الظروف، يبقى المشهد السياسي اللبناني مفتوحًا على كافة الاحتمالات، مع استمرار الجهود المحلية والدولية لكسر حالة الجمود وإنهاء الفراغ الرئاسي الذي طال أمده، مما يزيد من تعقيد الأزمات التي يواجهها لبنان على مختلف الأصعدة.