كتبت فاطمة حوحو لـ ” أخباركم – أخبارنا”
انا من بلدة عيناتا ولدت في عام 1971 وفي العام 1972 في الاجتياح الاسرائيلي الاول هدم الاسرائيليون حوالي 28 منزلا في البلدة، كان بيتنا واحد منهم، طبعا هذا ولد لدي وانا طفل شعور عدائي تجاه إسرائيل بسبب اعتداءاتها على الناس، ثم كان القصف يتكرر على البلدة حتى قبل اندلاع الحرب الاهلية وكانت فصائل الثورة الفلسطينية متواجدة عسكريا، كنا نسميهم الفدائيين آنذاك، وكان لهم مواقع في البلدة والمنطقة المجاورة، وطبعا كانت عمليات القصف الاسرائيلي لا تتوقف، وتطال مثلا سوق بنت جبيل وغيره، انا تفتح وعيي على هذا الواقع، وكنت اتنقل في صغري بين زواريب البلدة بحثا عن أهلي إما في الملجأين اللذين كانا موجودان وقد تم تجهيزهما ايام الحرس الشعبي في السبعينيات عندما انشأه الحزب الشيوعي اللبناني للدفاع عن القرى الحدودية من الاعتداءات وفي وقتها كانت تجري تدريبات عسكرية لشباب الجنوب وكان جورج حاوي في حينه يزور البلدة، وعندما تحصل عمليات القصف ولا اكون متواجدا في المنزل ينتقل الأهل الى الملجأ بطبيعة الحال، وأنضم لهم لاحقا”.
بقيت الاحداث هكذا تدور على طريقة الحرب التي تدور اليوم في الجنوب اي لا هدوء ولا استقرار دائما توتر امني وقتلى وجرحى ودمار وقصف، الى حين اشتدت الأزمة في العام 1977 قبل الاجتياح الاول وخلال هذه الفترة تهجرنا وتنقلنا بين عدة قرى، البازورية ومعركة وبيروت ثم عندما هدأت الأمور واستقر الوضع في المنطقة الحدودية عدنا الى البازوية لنبقى هناك سنة ثم عدنا الى البلدة التي وقعت تحت الاحتلال في الشريط الحدودي الذي اقامته اسرائيل، وكنت يوميا أحلم بالعودة إلى البازورية حيث كنت اتحرك بحرية في البساتين بحثا عن الهليون او غيره من طيبات الارض وكان بإمكاننا اللعب دون خوف من الاحتلال، فالواقع الذي عشناه في عيناتا كان قاسيا كانه كابوس اما الحلم فهو الحرية.
في العام 1981 كان عمري حوالي 10 سنوات كان لدينا محلات سمانه، مطحنة وجاروشة كنت في الطريق المواجه اكسر الجوز والقشور بجانبي كنت لوحدي والبلدة شبه خالية في ذلك الصباح يمر بالقرب مني جيبين اسرائيليين استفزيت منهما ونظرت اليهما وانا اشعر بالعداء مر الجيب الاول وما كان مني عندما مرّ الجيب الثاني الا ان رميت عليه قشور الجوز بغضب ضرب فرام وعاد الى الوراء لكني في هذا الوقت كنت قد هربت لوراء المنزل وذهبت باتجاه بيت جدي البعيد عن الشارع العام وعدت عندما سمعت انهم غادروا، كنت اشعر بضرورة الانتفاضة عليهم في تلك اللحظة.
استمر الوضع على هذا الحال حتى العام 1982 عندما حصل الاجتياح الاسرائيلي الواسع للبنان، وانتقلت الاعتداءات لتشمل مناطق عديدة من لبنان وصولا الى بيروت، صارت عيناتا مكانا آمنا كل اهالي البلدة الذين غادروها في السابق عادوا اليها كما ان قسم من المغتربين عاد وازدهرت منطقة الشريط الحدودي وشهدت طفرة عمرانية من العام 1982 حتى العام 1985، ويمكن القول إنها كانت مرحلة ذهبية، وكنت في ذلك الوقت اتواصل مع اجيال مختلفة من اصدقاء اخوتي وكانت الحياة ملأى بالمعارف والاصدقاء، في العام 1985 فجأة بعد الانسحاب الاسرائيلي نحو المنطقة الحدودية شعرت انني كبرت ولم اعد بحاجة الى احد، هجّر او هاجر الكثيرون واختفوا ولم يعد هناك احد في المنطقة، كان ذلك مثل سقوط الصاعقة حتى الفتاة التي كنت احبها سافرت مع اهلها وهاجرت الى الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
بدا الحصار يشتد على المنطقة واتخذ عناصر لحد اجراءات امنية مشددة لتنظيف المنطقة وفي احدى المرات كنت قد خرجت مع الفتاة التي احبها وبنت عمها واخوها وكنا ذاهبين الى البلدة بعد ان تناولنا المثلجات والتقينا بشابين من حراس الارز وقربوا باتجاه الصبية التي احبها فاستفزيت ووقفت امامهما كانت هذه شرارة ثانية توقظ في شعور عميق برفض الاعتداء والغليان ضد محاولات استعراض القوة وتجاوز مشاعر العجز والضعف بالمقاومة التي كنت قد بدات اسمع عنها وقد امضيت السهرة وانا اتحدث عن مساوىء الاحتلال وعملائه بينما كانوا يحذروني من ان الجدران لها اذنان لكني كنت اصعد من كلامي ومواقفي وبوقتها ترسخت عندي فكرة المقاومة وبدات افكر بكيفية الذهاب نحو هذا الخيار.
سافرت حبيبتي وسافر اخوتي الكبار والاصدقاء وبقيت وحيدا وسط الفراغ والحزن مقهورا ووحيدا ومهزوما، ولم يكن امامي الا الذهاب للجلوس تحت احدى شجرات التين اشرب القهوة حتى يفيض حزني دموعا، كان خياري بعدم السفر والخروج من البلد لانني حملت ذكريات الجميع في الضيعة وخبأتها في خلدي.
بدات مرحلة جديدة في حياتي بصفتي صرت كبيرا في البلدة وصار اسمي يعلو من الميكرفون للحراسة الاجبارية، صرت احرس يوم عني ويوم عن ابي، انتقلت الى مرحلة الشباب وصرت اجن عندما اسهر مع الاكبر مني سنا اثناء منع التجول في الليل وكنا نقضي ايام الشتاء امام النار نتدفأ ونلف الدخان وافكر بما علي فعله، بقي الامر على هذه الوتيرة الى ان صار مسؤول الامن في البلدة يتعدى مباشرة علينا مرة يريد غنمة ومرة دجاجة ومرة سيارة وكنت اقف له بالمرصاد ولا اتقبل افعاله، ثم هددني مباشرة بانه سيعتقلني، واشتدت الازمة بيني وبينه وعليه اتخذت قرارا بالخروج من عيناتا وذهبت الى بيروت بعد ان خيرني اما الانضمام للميليشيا واما الاعتقال.
في بيروت كان لي اخوة يعيشون في شارع عفيف الطيبي، كان مركز الحزب الشيوعي “القصر” يقع هناك وكان هناك صهري زوج اختي واخوه وكلهم من الرفاق المناضلين في الحزب والمنتمين لجبهة المقاومة، وكنت اسهر معهم وارتاح لهم ولكن لم اشعر انني راض عن نفسي كنت منشغل بهموم البلدة وافكر في اوضاعها واحلم بها واشعر بالظلم لانني اجبرت على ترك البلدة ولم استطع تحمل هذا الشعور وقررت العودة وانا افكر بالمقاومة الى ان توفقت بصديق لي توفي لاحقا عندما دخلت الى المعتقل ومن خلاله تعرفت على جبهة المقاومة وعملها السري واعطاني رسالة صغيرة وقال لي اذهب الى مركز الحزب في صيدا وسلم الرسالة لفلان وكان ذلك مدخل للانضمام الى صفوف الجبهة وهكذا كان.
في ذلك الوقت اخذني شاب بسيارة فولفو زرقاء كان يجلس داخلها رجل كبير في السن وجهه متجهم ولا يتكلم وبدا لي صاحب شخصية قوية وكنا نذهب باتجاه محل مجهول بالنسبة لي ولكني كنت اشعر بالامان لانني ساصبح مقاوما، ثم عرفت لاحقا اسم هذا الشخص بعد اعتقالي كان اسمه حسن اسماعيل من زوطر رحمه الله وقصته معروفة بعد ان انتحر على النهر هكذا كان مصير احد قادة جبهة المقاومة والمناضل الذي وصلت فيه الأمور إلى الانتحار.
وصلنا الى منطقة المعنية، كانت منطقة مهجرة خلال حرب الجبل واقليم الخروب، تدربنا هناك في مراكز خاصة لجبهة المقاومة ومختلفة عن تدريبات الحزب بعد عدة دورات خضعت لها كنت انزل الى مركز الحزب في بيروت بشكل سري وكنت انتقل من مسؤول الى مسؤول في مرحلة التدريبات الى ان تم تجهيزي بالكامل وتسليحي وتم الاتفاق حول طريقة عودتي الى عيناتا تحت الاحتلال، وجاء ظرفا مناسبا لذلك اثناء حرب الضاحية الجنوبية بين أمل وحزب الله في آذار 1988 كنت ادرس حينها في صف البكالوريا بحارة حريك وحصلت دعوة من لحد تسمح للشبان من قرى الشريط الذين يعيشون في الضاحية الى العودة لقراهم، وكان قد جرى تغيير المسؤول الامني في البلدة الذي كنت على خلاف معه والمسؤول الجديد قدم نفسه على كونه مريح في تعامله مع الناس، استغلينا الفرصة وعدت الى البلدة بثقة وعقلية مختلفة لدرجة اني شعرت بعد لقاء اصدقائي منذ الطفولة الذين غبت عنهم 11 شهر بهوة كبيرة بيني وبينهم ولم يعد باستطاعتي التكيف معهم وتقبلهم كما في السابق، فأنا صرت في عالم آخر.
بدأت رحلة جديدة بالعلاقة مع المقاومة عشت شخصيتين، واحدة اعيشها في الليل واخرى في النهار، في الليل كنا نخرج لنقل السلاح ونراقب ونستطلع مراكز الاحتلال والعملاء وفي النهار شخص بسيط وسطحي وعفوي وشاب يبحث عن ملذات الحياة.
مهماتي الاولى في المقاومة اقتصرت على الاستطلاع والتصوير ورصد تحركات الدوريات وكنت انزل الى بيروت مزودا بافلام الكوداك والتقارير الامنية ومن ثم اعود الى صيدا ثم الى عبرا في مراكز سرية لاجراء تدريبات جديدة، ثم بدا العمل يتطور للخروج في دوريات ونقل سلاح الى الداخل المحتل من المناطق المحررة والتعرف على الطرقات وكيفية سلوكها ليلا في حال اضطررت للهروب من الاسرائيليين، في حال كشف امرنا ونحن ننقل السلاح و مواد الـ “تي ان تي” المتفجرة.
اولى العمليات التي نفذتها مع رفاق في الجبهة كانت على طريق المسلخ كانت عبارة عن تفجير عبوة بدورية اسرائيلية سقط فيها عدد من الجرحى، بعد قطع طريق عين ابل على صف الهوا ومن طريق مرجعيون ورميش ومن جهة يارون طريق الـ 17بعبوات متفجرة والهدف كان اقفال هذه الطرق حتى تضطر ان تأتي المروحية ومن ثم نسقطها هذا كان المخطط الذي عملنا عليه ولكن بعد عملية المسلخ صارت تأتي الدورية وتتمركز في مارون الراس وكنا نراقبها منذ الصباح الى ان ترحل في وقت الغروب يوميا هذا كان عليه الوضع في الشهر الاول اما في الشهر الثاني فكانت الدورية تحضر يوما بعد يوم، في هذا الوقت نزلت الى بيروت واخبرت الشباب بذلك ونقلنا مواد الـ “تي ان تي” على ثلاث دفعات الى عيناتا ثم زرعنا عبوة مركبة في يارون حتى تطال قوة الاسناد، انفجرت العبوة وسقط للإسرائيليين قتلى وجرحى اما العبوة الثانية فلم تنفجر بسبب ضغط الانفجار الذي عطل جهاز الاستقبال، ثم صارت تأتي طائرة الهيلوكوبتر نحو طريق الــ 17 وقررنا ان نضربها وفعليا كنا مجموعة من 3 اشخاص كان سالم الذي عرفني على المقاومة ثم جاء للبلدة وصار صديقي وبعد عملية يارون اكتشفت ان اخي كان معنا في المجموعة ولم نكن نعرف اننا كنا معاً في جبهة المقاومة، وكان لدينا نفس الهموم في المراقبة والاستطلاع وكنا نشك ببعضنا البعض ان كل واحد منا يقوم بعمل ما ولكن لم نعرف اننا في نفس الجهة الا بعد تفجير عبوة يارون، نحن طلعنا نقلتين من المتفجرات والنقلة الثالثة كانت قد وصلت ايضا فمن احضرها سالم لا يمكن ان ينقلها لوحده اذا كانت مجموعة اخرى.
فيما بعد اخي نزل الى صيدا وتدرب على اطلاق صاروخ السام 7 من اجل تحقيق الهدف باسقاط الطائرة وعاد الى البلدة وكنت معه وفي هذا الوقت نزل سالم الى بيروت حتى اذا تفجرت الطائرة لا نكون هناك في هذا الوقت بعد اربعين يوم لم تات الطائرة مرة وحيدة جاءت في الليل بالصدفة وطلعنا على المكان الذي كنا نرصدها فيه ولكن كانت قد قطعت ما هي هذه الصدف التي حدثت لم نفهم ذلك، ثم نزل اخي الى بيروت بعد مضايقته وملاحقته وكذلك كان سالم قد نزل وبقيت لوحدي ولاحقا نزلت وتدربت على السام 7 من اجل ان اكمل المهمة.
في هذا الوقت حصل شىء ما في تلة شرحبيل حدث غارة على الدير في الرميلة واستشهد عدد من الرفاق بينهم ابو جمال بدران والدكتور حكمت الامين وبسام شقير وعدد اخر من الرفاق الـ 11 من ضمنهم لينا مزرعاني كان عبد مسؤول عني وكان سيلتحق بهذا الاجتماع ولكن قبل وصوله بقليل طلع الانفجار وعاد الى تلة شرحبيل فقال لي اليوم بدك تتدرب على الصاروخ وغدا ستذهب الى البلدة لتنفيذ المهمة وهذا الصاروخ الذي سنضرب به الطائرة سنعتبره الرد على غارة الرميلة، وقال لي حرفيا ولكن يا رفيق ممنوع الاسر وممنوع الاستشهاد وهذه الجملة حفرت في ذهني بعد دخولي المعتقل وكان هاجسي عندما دخلت المعتقل ماذا ساقول لعبد لدى خروجي من المعتقل.
عندما جاء عبد الى تلة شرحبيل، في الليلة نفسها التي تم فيها قصف الدير في الرميلة، وكنا قد انتشرنا حول المركز اخبرني انه سـتأتي مجموعة من المجلس الثوري الفلسطيني وسوف يتم تدريبي على الصاروخ سام 7 طوال الليل وغدا صباحا بتطلع على عيناتا، قلت له وماذا لو لم تحضر الطائرة كما حصل في السابق فرد سنجبرها حتى تأتي، وسوف نقوم بعملية مركبة اتفقنا على تنفيذها مع المجلس الثوري، وسوف ينفذون عملية داخل فلسطين المحتلة ومهمتي هي ان اذهب كل يوم لانتظارهم في مكان بالبلدة كنا قد اتفقنا عليه وهو كرم صنوبر من الساعة العاشرة حتى الساعة الثانية عشرة وعندما يأتون من المفترض حسب الاتفاق ان انتظرهم لمدة 3 ايام متوالية بعد يومين من وصولي للبلدة، وهكذا كان وكانت مهمتي ان اوصلهم الى الحدود حتى يكملوا طريقهم نحو فلسطين المحتلة، والعملية التي سينفذوها ستجبر الطائرة بالمجىء وعليه اكون انا في حالة استنفار لاسقاطها.
عندما وصلت الى البلدة بعد انطلاقي نحوها من بيروت وليس من صيدا لاسباب امنية ولكون سائقي السيارات في الجنوب يعرفونني واحتياطا كان الذهاب من بيروت افضل، كان هناك تلة في عيناتا مقابل تلة الـــ 17 وهناك كان منزل خالتي حيث كان البيت خالي من عائلتها لانها تستخدمه صيفا فقط، فخبأت الصاروخ فيه وكنت افكر بتحديد المكان الذي ساطلق منه الصاروخ وجهزت كل شىء وداومت من الصباح حتى المساء الى جانب الصاروخ على امل ان تحضر الطائرة صدفة وكان هناك خطورة في كشف المنزل من قبل اي احد من سكان الحي او اي احد آخر كان من الممكن ان يراني، سواء كان عميلا او كان بدافع الخوف او الفضول وبالتالي كنت في حالة خطر ومن الممنوع ان يراني احد.
بعد مرور الايام الثلاثة صرت أذهب الساعة 10 وأذهب للسهر في بيت جدي وكانت جدتي فاقدة للحواس ما عدا حاسة اللمس، وجدي كان في الثمانينيات يجمع الحطب ويتسلى باشعال النار والقاء الشعر لوحده، فعندما كنت اذهب لعنده كان يفرح ويروي لي حكايا ويحفظ اشعارا وسير الشعراء في العصر الجاهلي والاسلامي والعباسي، بعد ان يطمئن اهلي الى وجودي عند جدي كنت اخرج من عنده واقول له ساعود، واذهب الى مهمتي وابقى حتى الساعة الثانية ليلا وانا في مكان خطر واعيش حالة قلق من الانتظار ولم ابقى في هذه الحالة لمدة 3 ايام فقط كما اوصاني الرفيق عبد، بل بقيت لاكثر من اسبوعين ولم يكن هناك هواتف او اجهزة اتصال ونحن في منطقة مقطوعة، ثم فقدت الامل في مجيئهم.
وبينما اعيش حياتي الطبيعية حتى تاريخ 31 كانون الثاني 1990، بعد الظهر سمعنا ان هناك كولونيل اسرائيلي قتل اسمه اسحق رحيموف وبالمقابل استشهد 3 فلسطينيين عرفت ان هؤلاء هم المجموعة التي كان من المفترض ان انتظرهم، هذه العملية حصلت بعد مرور اكثر من 3 اسابيع على توقفي عن الانتظار، صارت ملحمة بطولية حكي كثيرا عنها، وكان هناك جريح استشهد في البيت، بعد ان طلب من رفاقه تركه والهرب نحو رميش وكان يلهي العدو باطلاق النار على جنوده من اكثر من مكان في البيت ليضلله بان هناك مجموعة كبيرة تتواجد في المنزل وبالتالي لا يمكن لهم اقتحامه، طبعا رفاقه تم كشفهم من مكان بعيد واطلقت عليهم قذائف من دبابة اسرائيلية فاستشهدوا وكانوا ثلاثة.
مع غروب ذلك اليوم ودخول العتمة قدرت ان الطائرة ستحضر، وفعليا لم اذهب في اليوم التالي الى المدرسة كنت ادرس في صف البكالوريا قسم ثاني في بلدة بنت جبيل، فطلعت الى المكان الذي وضعت فيه الصاروخ، امطرت السماء قليلا حملت الصاروخ نحو الشارع وذهبت باتجاه مبنى مؤلف من 3 طبقات صعدت الى الطابق الاخير لم يكن البناء منجزا بعد وكان على عمل حساب اللهب الذي سيخرج من الصاروخ ويجب ان يكون خاليا، ووجهت الصاوخ باتجاه تلة الــ 17، وقد تحركت هكذا في اقل من خمس دقائق وسمعت صوت طائرة مروحية، وكان حدسي بمكانه اذ حضرت طائرة كوبرا ونزلت بشكل سريع بدل ان تقوم بطيران دائري وهي تهبط في هذا الوقت فتحت منبع التغذية للصاروخ وهو يبقى 40 ثانية نزلت طائرة الكوبرا وفوقها كان هناك طائرة غازال التي تنقل الضباط وجهت الصاروخ نحوها وهي تحوم خلص تزمير الصاروخ ولم ينطلق وبقيت اضعه على كتفي لاكثر من دقيقة حتى هبطت الطائرة وانزلت انا الصاروخ من كتفي ووضعته على النافذة وتركته مصوب نحو ال 17 وقلت يعود فينطلق وبعدت عنه وكنت “مفنوس” جدا، بعد عشر دقائق اخذت الصاروخ من جديد وخبأته في المكان وقلت انتظر حتى المساء، لانه لم يعد باستطاعتي التنقل في النهار، وطبعا عندما تنقلت بالصاروخ عندما احضرته لم تفرق معي لأنه أصلا كنت سأطلقه، وانا عائد جاء اصحاب البيت وتحدثت معهم وصرفت النظر عن ابقاء الصاروخ في مكانه، وذهبت الى منزل خالي القريب بقيت فيه حتى الغروب لمراقبة المكان.
مساء نقلت الصاروخ الى مخبئه الأساسي واخفيت اثاره، وعدت الى البيت وكنت احضر نشرة الاخبار في الساعة السابعة والنصف من تلفزيون الشرق الاوسط كانوا يتحدثون عن عملية مقتل اسحق رحيمنوف واتي للتعزية به قائد المنطقة الشمالية يوسي بيليد ونائبه زائيف زاخارييف، وكان وزير الدفاع اسحق رابين حاضرا ومعهم اربعين ضابط وكلهم كانوا في هذه الطائرة يعني لو كان طلع هذا الصاروخ ماذا يمكن ان يحصل؟ اصبت بالاحباط الشديد، ثم عرفت ان هذا الصاروخ كان له مدة 3 أشهر بالبلدة والدنيا شتاء وله طريقة معينة للحماية وكانت طرقنا في التعامل معه بدائية والاماكن محشورة ولا يمكن وضع صاروخ من الحساس فيه بلا حماية لان له زيبق عدم وجود خبرة كافية لدي عطل الصاروخ.
بعد اسبوع في 1 شباط كنت نفذت هذه العملية تم اعتقالي في 6 شباط واخذني العميل حسين عبد النبي بالصدفة وجدني على طريق بالضيعة بالصدفة فتم اعتقالي وقادوني لمعتقل الخيام وهناك حكاية أخرى.