كتب ابراهيم بيرم لـ”أخباركم – أخبارنا”
كان طبيعياً ان يطلق “مصدر اسرائيلي بارز” عبر صحيفة “اسرائيل هيوم”، تحذيراً بعد مرور اقل من 36 ساعة على الضربتين الموجعتين اللتين وجهتهما اسرائيل يومي الثلثاء والاربعاء الماضيين الى (ا ل ح ز ب)، من “أن يمر الوقت ويكون لدى (ا ل ح ز ب) فرصة للتعافي وإعادة بناء انظمة اتصالات جديدة وتجديد مقاتليه”.
فمن خلال هذا التحذير، يبدو أن تل ابيب على يقين من ان ضربتيها المتتاليتين الأخيرتين للحزب، قد حققتا من النتائج ما لم تحققه في مواجهاتها الميدانية اليومية مع (ا ل ح ز ب)، والتي قاربت العام.
والواضح ان المصدر اياه، يطلق دعوات الى هجمات وغزوات عسكرية مستمرة من جانب بلاده، لكي يثبت بالبرهان، الاستنتاج الذي توصل اليه المراسل العسكري الاسرائيلي الابرز في مجاله يوسي يهوشع، والذي يزعم ان بلاده “لديها دوماً المزيد من المفاجآت والتحديات التي تلقيها دوماً في وجه عدوها”.
ويبدو جلياً من خلال هذا الخط البياني التصعيدي الذي بدأته اسرائيل منذ ان نجحت في اغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر (السيد محسن) في عمق الضاحية الجنوبية، ان القيادة الاسرائيلية على يقين من أنها نجحت من يومها في فتح الثغرة الاولى “في صورة الردع وقوة المهابة” التي كونها (ا ل ح ز ب) عن نفسه خلال العقود الثلاثة الماضية.
لذا، ثمة من يرى بأن تحذير المصدر الاسرائيلي “دقيق وواع”، ويأتي تحت عنوان اساسي وهو الا تضيّع تل ابيب “فرصة الاجهاز المادي والمعنوي” على (ا ل ح ز ب)، والذي كانت محطته الاستهلالية بضربة الضاحية الثانية والمتمثلة باغتيال شكر.
ومن هذا المنطلق، حدد المصدر عينه عنصرين اساسيين يمكن للحزب اذا نجح في تحقيقهما العودة الى حال التعافي وامتصاص الضربة، وهما:
- اعادة بناء انظمة اتصالات جديدة بدل تلك التي اخرجت من الخدمة.
- تجديد مقاتليه.
وكلاهما بطبيعة الحال خارطة الطريق المضمونة لاستعادة (ا ل ح ز ب) قوة الردع وصورة المهابة التي كونها عند مريديه واعدائه معاً.
ولا شك في ان هذا المصدر الاسرائيلي يعي تماماً ان مسألة انظمة الاتصالات هي احدى نقاط الضعف الاساسية التاريخية عند (ا ل ح ز ب) ان لم تكن النقطة الابرز. فـ (ا ل ح ز ب) عندما خاض مواجهات ضارية في 7 ايار لكي يمنع تنفيذ قرار اتخذته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في ذلك الحين لتفكيك شبكة الاتصالات الارضية التي مدها (ا ل ح ز ب) بامكاناته الذاتية، انما كان يدافع عن ابرز “عناصر الحماية والامان والحصانة”.
لكن ذلك على بلاغته، لم يكن كافياً لكي يكون للحزب اتصالات مأمونة وبعيدة عن آذان العدو. لذا انطلق في رحلة بحث مضنية عن شبكة اتصالات مأمونة، خصوصاً بعدما وسّع (ا ل ح ز ب) من مديات انتشاره العسكري وزاد من عديد مقاتليه. وقد هداه بحثه الى نظام “البيجر” القديم المهجور منذ مدة.
ولقد ايقن الاسرائيلي لاحقاً بأن (ا ل ح ز ب) ذاهب الى هذا الخيار، فنصب كمينه عبر التفخيخ المسبق لكل الصفقة التي استوردها (ا ل ح ز ب) من الخارج (تايوان أو سواها).
وبمعنى آخر، كانت لدى تل ابيب فرصة ذهبية لتحويل عملية استيراد تلك الانظمة من عنصر أمان للحزب ومقاتليه الى عنصر “إعدام بالجملة” من دون الحاجة الى ارسال فرق اعدام وخلايا تصفية، فكانت عملية إعدام جماعي “نظيفة وغير مكلفة”.
والاهم من النتائج العسكرية على جسامتها، أن الشعور بالمرارة والهزيمة الذي انتاب قاعدة (ا ل ح ز ب) اللصيقة وبيئته الحاضنة، خصوصاً وهي تشهد آلاف مقاتلي (ا ل ح ز ب) وكوادره وهم يتساقطون أمام عيونهم وبين ظهرانيهم، إما قتلى أو جرحى.
وقد انبرى الكاتب والاكاديمي والباحث السياسي القريب من (ا ل ح ز ب) الدكتور حسام مطر، ليقدم صورة مكثفة عن نتائج ما اقدم عليه الاسرائيلي يومي الثلثاء والاربعاء الماضيين، فكتب قائلاً: في عمليتي تفجير البيجر والاجهزة اللاسلكية يحاول العدو تحقيق ما يطلق عليه “الانهيار الادراكي من خلال عمليات صادمة تدفع الخصم الى الاعتقاد انه منعدم الخيارات. المطلوب بث الشك (لدى المقاومة وجمهورها) بكل شيء الى درجة الاحساس بالشلل، في مقابل تضخيم ما لدى العدو من قدرات واقعاً”.
ويضيف مطر: هدف العدو الآن يسمى الهيمنة على التصعيد، او بالتصعيد ضمن حرب استنزاف غير متماثلة. وهو (العدو) يقول إما ان توقفوا جبهة الاسناد، وإما انا ذاهب الى خطوات تصعيدية.
ويخلص الى الترجيح بأن العدو سيذهب الى تصعيد مركز في الاهداف العسكرية (مع زيادتها كماً ونوعاً)، من دون استبعاد مناورة برية تطاول قرى الحافة الامامية أو بعضها، خصوصاً تلك التي لها رمزية جغرافية.
والواضح ان اسرائيل اختارت اللحظة المناسبة لها لتضرب ضربتيها الموجعتين، فهي كانت تقبض على زر تفجير البيجرات منذ ان اشتراها (ا ل ح ز ب) وصارت بين يدي عناصره قبل نحو ثلاثة اشهر، ووفق روايات اخرى قبل نحو خمسة اشهر. وهو اختار أن يضغط على زر التفجير بعدما قرر المضي الى مرحلة احتدام متطورة من المواجهات مع (ا ل ح ز ب).