أخباركم – أخبارنا
توفي توفيق بن أحمد شوفالي، المعروف باسم عماد عمران، في سبتمبر 2024 داخل زنزانته في سجن “كريمس” بالنمسا بعد أكثر من 40 عاماً في الأسر. شوفالي كان أحد منفذي عملية مطار فيينا التي جرت في 27 ديسمبر 1985، حيث استهدفت مكاتب الخطوط الجوية الإسرائيلية “إلعال”. هذه العملية كانت جزءًا من هجوم مزدوج بالتزامن مع عملية مشابهة في مطار روما، حيث استهدفت نفس الشركة في مطار ليوناردو دا فينشي.
تفاصيل العمليتين:
الهجومين المنسقين في فيينا وروما أسفرا عن مقتل 19 شخصًا وجرح أكثر من 100 آخرين. وقعت هذه العمليات ضمن سلسلة هجمات نفذتها منظمة أبو نضال، التي كانت تدير عمليات إرهابية بدعم مالي ولوجستي من سوريا وليبيا. في فيينا، شارك شوفالي مع رفاقه في إطلاق النار على مكتب “إلعال”، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص. أما في روما، فقد أُسندت العملية إلى محمود إبراهيم خالد وثلاثة آخرين، حيث استهدفوا مكتب الشركة الإسرائيلية بنفس الأسلوب، ما أدى إلى مقتل 16 شخصًا.
من هو أبو نضال ومنظمته؟
أبو نضال هو الاسم الحركي لصبري البنا، أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية المسلحة في القرن العشرين. أسس منظمة “فتح-المجلس الثوري”، والمعروفة أيضًا بـ منظمة أبو نضال، التي انشقت عن منظمة التحرير الفلسطينية في أواخر السبعينات. بعد خلافات عميقة مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها ياسر عرفات، انشق أبو نضال عام 1974. كان خلافه الرئيسي يدور حول تبني منظمة التحرير لمبدأ الحلول السياسية، لا سيما بعد قبولها بالقرار 242 للأمم المتحدة، الذي اعترف بإسرائيل بشكل غير مباشر.
أبو نضال رفض بشدة أي تسوية سلمية مع إسرائيل، واتهم منظمة التحرير بالاعتدال والخيانة. على إثر هذا الخلاف، أسس منظمة “فتح-المجلس الثوري”، التي اتخذت من العنف والعمليات المسلحة ضد المصالح الإسرائيلية والأجنبية وسيلة لتحقيق أهدافها.
التخطيط والدعم:
وفقًا لشهادات الناجين ومنفذي الهجمات، جاءت الأوامر من دمشق، حيث كانت منظمة أبو نضال تتلقى دعمًا من سوريا وليبيا. تمت تدريبات المنفذين في سوريا، وزودوا بالأموال والأسلحة والأوراق المزورة قبل تنفيذ الهجمات. كانت الخطة الأصلية في روما تهدف إلى خطف طائرة إسرائيلية، لكن بعد اشتباك مع حراس الأمن، بدأ إطلاق النار داخل المطار، ما أدى إلى تفجير الهجوم بشكل مأساوي.
وفاة شوفالي:
بعد عقود من الأسر، توفي شوفالي عن عمر 64 عامًا في زنزانته، مما أعاد تسليط الضوء على هذه الهجمات التي كانت جزءًا من تاريخ الإرهاب العالمي في الثمانينات، حين كانت المصالح الإسرائيلية وحلفاؤها عرضة لهجمات مسلحة خارج منطقة الشرق الأوسط.
منظمة أبو نضال ودورها:
كانت منظمة أبو نضال تعتبر واحدة من أكثر الجماعات الإرهابية الفلسطينية تطرفًا في تلك الفترة، حيث نفذت عشرات العمليات المسلحة في مختلف أنحاء العالم، مستهدفة السفارات والمكاتب الإسرائيلية والأمريكية. المنظمة كانت تُستخدم أيضًا كأداة ضغط سياسي في يد أنظمة كالنظام السوري والليبي، وكانت تعتمد بشكل كبير على الدعم الذي توفره هذه الدول.
بوفاة شوفالي، يغلق فصل من تاريخ دامٍ مليء بالعنف السياسي الذي استهدف المصالح الإسرائيلية والغربية في أوروبا وغيرها من المناطق.
إيطاليا ودورها بالمساندة
في فترة السبعينات والثمانينات، كانت إيطاليا تتبع سياسة متوازنة فيما يتعلق بالثورة الفلسطينية، حيث أبدت بعض التساهل تجاه الحركات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية. هذا التساهل ظهر في شكل السماح لمنظمات فلسطينية باستخدام الأراضي الإيطالية كمنطلق لعملياتهم أو كقاعدة دبلوماسية، في إطار ما يعرف بـ “اتفاق غير مكتوب” مع بعض الدول الأوروبية، بما في ذلك إيطاليا.
وفقًا لبعض التحليلات، كانت هذه السياسة تستند إلى رغبة إيطاليا في تجنب تنفيذ هجمات على أراضيها مقابل تقديم نوع من “المرونة” للحركات الفلسطينية، حيث كانت إيطاليا تركز على عدم إغضاب الفصائل الفلسطينية المسلحة لضمان سلامة أراضيها ومواطنيها. هذه السياسة كانت تُعرف باسم “سياسة التعايش” مع الإرهاب الفلسطيني، وهي تعتمد على أنشطة فلسطينية محدودة داخل إيطاليا مقابل عدم استهدافها.
ومع ذلك، لم يكن هذا التساهل يعني بالضرورة دعمًا علنيًا أو مفتوحًا للمقاومة الفلسطينية، بل كان جزءًا من سياسة خارجية حذرة تهدف إلى إدارة العلاقات في الشرق الأوسط وضمان الاستقرار الداخلي.
مع تصاعد العمليات الإرهابية الفلسطينية في أوروبا، بما في ذلك هجوم مطار روما في 1985، تعرضت إيطاليا لضغوط دولية، خصوصًا من الولايات المتحدة وإسرائيل، لتشديد سياساتها تجاه الفصائل الفلسطينية المسلحة.