الإثنين, مايو 12, 2025
27.4 C
Beirut

الولايات المتحدة تمكنت من الدفع بفكرة توحيد المحيطين!

نشرت في

كتب خالد العزي لـ”أخباركم – أخبارنا”


في ظل تصاعد حدة المواجهة بين الولايات المتحدة والصين في آسيا، عقدت قمة الرباعية في واشنطن. حيث انتقد زعماء أوستراليا والهند واليابان، بتحريض من الرئيس الأميركي جو بايدن، أنشطة بكين “الخطيرة”، واتفقوا على تطوير الخدمات اللوجستية. وهذا سيجبر الصين على تكثيف التعاون مع روسيا، وهو الأمر الذي لم يتم ذكره ولو مرة واحدة في القمة، ولكن تمّ ذكر أوكرانيا.
لقد اختتمت قمة ما يسمى بالحوار الأمني الرباعي، المعروف باسم “QUAD”، وهو اختصار شائع لكلمة رباعي. وتضم هذه المنظمة كلاً من أوستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، ويمكن توسيع اعضائها لتشمل كلاً من كوريا الجنوبية والفليبين. لكن هذا العام، حظي الحدث باهتمام متزايد حيث كان الرئيس بايدن ينوي “تعزيز التحالف” قبل ترك الرئاسة. إذ باتت فكرة توحيد المحيطين ضرورية بالنسبة إلى الولايات المتحدة لمحاصرة الصين وتحركاتها.
وعلى اثر إنعقاد القمة، تمّ نشر بيان مشترك باسم اللجنة، حيث أعربت واشنطن مرة جديدة عن قلقها البالغ بشأن عسكرة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأدانت إستخدام سفن خفر للسواحل والميليشيات البحرية واعتبرتها جزءاً من مناورات خطيرة.
الوثيقة لا تحتوي على انتقادات لدولة معينة، باستثناء كوريا الشمالية، لكن مجتمع الخبراء الغربيين يتفقون على أن هذه الأطروحات تخفي “انتقادات” لجمهورية الصين الشعبية. لكن كان على قادة QUAD، ذكر الصين على اعتبارها تهديداً أمنياً كبيراً.
أما بالنسبة إلى كوريا الديمقراطية، فإن البيان يتضمن إدانة مباشرة لإطلاق بيونغ يانغ الصواريخ الباليستية. بالإضافة إلى ذلك، أكد الطرفان على القلق بشأن الجهود المستمرة التي تبذلها جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية لصنع أسلحة نووية في انتهاك لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كما تمّ ذكر الدعم المقدم لأوكرانيا، فيما دعت الرباعية إلى إقامة سلام “عادل”، مشددة على أن تحقيقه يجب أن يتم وفقاً للقانون الدولي. وتم التأكيد على أن الإشارة الى استخدام الأسلحة النووية يجب أن يصبح غير مقبول، ولم يتم ذكر روسيا ولو مرة واحدة في النص.
اما في الجزء الاقتصادي من المفاوضات، فاتفق المشاركون على تطوير ربط النقل في المنطقة. وفي العام المقبل، سيعقد مؤتمر منفصل في الهند، يهدف إلى التعاون اللوجستي بين الدول الأربع.
بالمناسبة، عقدت القمة الأولى للجنة الرباعية في أيلول من العام 2021 بصيغة الفيديو، وايضاً عُقد اجتماع مباشر بين القادة، وخصصت المنظمة دوراً لتطوير التعاون بين الديمقراطيات الآسيوية، وستجري حواراً حول القضايا الأمنية، وتعمل أيضاً على الترويج لمفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ (دمج المحيطين الهندي والهادئ في مساحة لوجستية واحدة).
ومنذ تأسيسها، تعرضت الرباعية لانتقادات من قبل عدد من الدول بسبب توجهها المناهض للصين. وبالمناسبة، تم تشكيل الرباعية على خلفية الصعود الاقتصادي والسياسي لبكين. وبطبيعة الحال، لم تكن كل دول آسيا والمحيط الهادئ راضية عن هذه العملية، فيما الكثير منها تنظر إلى الصين كمنافس تاريخي.
فالولايات المتحدة تصرفت كمراكم رئيسي لهذا الاستياء من الصين. والجدير بالذكر، أنهم تمكنوا من إدراج الهند في التنسيق معهم. لا شك في أن نيودلهي ليست معرضة لخطر الضياع التام وسط انتقادات بكين، لكنهم يحاولون التغطية على عضويتهم في المنظمة بتصريحات مفادها أن هذا مجرد شكل آخر من أشكال الحوار حول قضايا الأمن الإقليمي.
أما بالنسبة إلى النتائج المحددة للقمة، فهو التوحيد النهائي كشكل قابل للحياة من التفاعل بين الدول الأربع. ويشترك جميع أعضاء QUAD في الفكرة الأميركية حول التحوّل التدريجي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ. حيث تسمح هذه الأيديولوجية لحلفاء الولايات المتحدة، بتنظيم أعمالهم المشتركة بشكل أكثر وضوحاً ودقة. وعلى وجه الخصوص، هذا يؤتي ثماره بالفعل. ولأول مرة انتهت القمة الرباعية باعتماد قرار ملموس: إتفقت الدول على تطوير شبكات النقل والخدمات اللوجستية مع بعضها البعض. كما أُعرب عن رأي مفاده، أن نجاح واشنطن كان بمثابة تحقيق للموقف المشترك للرباعية بشأن الأزمة الأوكرانية .بالطبع كان هذا الموضوع غير مباشر إلى حد كبير:

  • أولاً وقبل كل شيء، أرادت الدول “مزامنة المراقبة” بشأن القضايا الأمنية في المنطقة، ولكن على الأقل كان التطرق قليلاً إلى مسألة دعم كييف بمثابة مهمة أساسية للبيت الأبيض. ويعتقد أن الصياغة النهائية للبيان كانت موضوعاً فيه الكثير من المساومة بين الولايات المتحدة والهند. ومن المرجح أن نيودلهي هي التي أصرت على أن لا توجه الوثيقة اللوم إلى روسيا. واتفق الهنود على أن أوكرانيا بحاجة إلى الدعم، لكن الصياغة غامضة قدر الإمكان ومن دون تفاصيل. حتى الآن واشنطن سعيدة بهذا الموقف، علماً ان QUAD” ” هي مجرد مجال من مجالات النشاط الأميركي المناهض للصين في آسيا.
  • من ناحية اخرى، تحاول الولايات المتحدة إقامة تفاعل مع شركائها الإقليميين، وإشراكهم في المواجهة مع الصين، حيث تقوم واشنطن ببناء شبكة واسعة من القواعد العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتنشر أسلحتها الخاصة هنا وهناك، وعلى وجه الخصوص تحوّل نشر الصواريخ في الفليبين إلى فضيحة كبيرة.
    ويعمل البيت الأبيض أيضاً على زيادة الاتصالات بين حلفائه، وتبذل أميركا الكثير من الجهود لبناء حوار بين سيول وطوكيو. وغالباً ما تتصرف واشنطن بوقاحة شديدة في هذا الاطار. وكجزء من تفاعلها مع “آسيان”، تحاول الولايات المتحدة فرض رؤية كتلة للسياسة الدولية عليهم، مما يزيد استياءهم من تصرفات الصين. فإن هذا يتناقض مع التصور الآسيوي للعالم، لكن الولايات المتحدة تواصل الضغط على الدول المستعصية. وبحسب أحد الخبراء، فإن الوضع الحالي قد يدفع بكين إلى البدء في إجراءات إنتقامية.
    في هذا الشأن، اعتادت جمهورية الصين الشعبية، تقليدياً، على الاعتماد بشكل أساسي على قواتها الخاصة، حيث تستثمر بكين بنشاط في قدراتها الدفاعية. وعلى وجه الخصوص، تقوم الصين الآن ببناء “سور البحر العظيم”. وهذا نوع من شبكة أجهزة الاستشعار الموجودة على طول محيط حدود الإمبراطورية السماوية، حيث تجمع المعلومات حول جميع الحركات المشبوهة في المياه.
    فالمؤامرات الأميركية تدفع بكين نحو تفاعل أعمق مع موسكو. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، التدريبات البحرية الأخيرة بين موسكو وبكين. ومع ذلك، فإن رد فعل جمهورية الصين الشعبية لا يقتصر على زيادة العلاقات مع روسيا وحدها، وانما تتمتع الصين بفرص ديبلوماسية واسعة جداً.
    وبمساعدة “القوة الناعمة”، تجتذب بكين المتخصصين الشباب من رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) للتعاون، وهذا يخلق مجموعة كاملة من جيل الشباب الذي لديه موقف إيجابي تجاه فكرة الشراكة مع الصين.
    وفي ظل هذا الصدام البارد، يطرح سؤال واضح: هل باتت الولايات المتحدة معنية ببناء قواتها العسكرية التي تهدد من خلالها الصين، لمنعها من إكمال مسيرتها التكنولوجية والعسكرية والامنية والاقتصادية في المنطقة من أجل الحد من المنافسة القادمة…

شارك الخبر:

اضغط على مواقع التواصل ادناه لتتلقى كل اخبارنا

آخر الأخبار

المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية في الشمال وعكار: نسب متفاوتة، إشكالات أمنية، ونتائج أولية ترسم ملامح التحالفات

أخباركم – أخبارنا/ تقرير الشمال الانتخابي البلدي والاختياري بيروت – 12 أيار/مايو 2025 أنجز لبنان يوم...

لبنان بين صندوق الاقتراع والعاصفة الإقليمية: استحقاقات محلية في زمن التحولات الكبرى… عناوين ومختارات من الصحف

أخباركم - اخبارنا/ عايدة الأحمدية تشهد المنطقة مرحلة دقيقة من التحولات السياسية والدبلوماسية، في...

انتخابات الشمال وعكار 2025: مشاركة متفاوتة، إشكالات أمنية، وتحالفات متبدّلة ترسم ملامح المجالس البلدية

أخباركم – أخبارناتقرير: مسعود محمد أُقفلت صناديق الاقتراع للمرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في...

More like this

انتخابات الشمال وعكار 2025: مشاركة متفاوتة، إشكالات أمنية، وتحالفات متبدّلة ترسم ملامح المجالس البلدية

أخباركم – أخبارناتقرير: مسعود محمد أُقفلت صناديق الاقتراع للمرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في...

علي درويش لموقعنا: تمثيل الأقليات واجب وعلى العلويين التصويت الجيد

أخباركم ـ أخبارنا/ حاورته فاطمة حوحو قال النائب علي درويش لموقعنا " أخباركم -...

تضخّم عدد البلديات في لبنان: أزمة هيكلية تقوّض فعالية العمل البلدي وتضرب اللامركزية المنشودة

أخباركم – أخبارنا/ مسعود محمد إحدى الأزمات البنيوية المزمنة في النظام الإداري اللبناني تكمن في...