كتب ابراهيم بيرم: قبل ساعات على انعقاد الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، والتي تعتبر أشد حماوة واحتداماً من كل سابقاتها، كونها تشهد تنافساً صريحاً بين مرشحين جديين، هما مرشح التقاطع المسيحي المدعوم من الحزب التقدمي الإشتراكي جهاد ازعور وبين مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، يتصرف حزب الله بثقة زائدة من منطلق تقدير وضع أخيراً امام نوابه وقيادته المعنية يقوم على المرتكزات الآتية:
– الأول، إننا مرتاحون الى أمرين: الاول تماسك مكوّنات جبهتنا النيابية والشعبية، وعلى ثقة من انها لم تقع تحت وطأة التهويل من الطرف الاخر الذي افرط في لعبة تضخيم الارقام وبث البوانتاجات الوهمية.
– الثاني، اننا رقم صعب جداً في المعادلة لا يمكن تجاوزها وتجاهلها او التلاعب عليها.
– إستطراداً نحن قادرون على تطيير النصاب، متكئين على حق دستوري لوّح الفريق الآخر مراراً باللجوء الى استخدامه اذا ما استشعر أن مرشحنا سائر الى فوز مبين. لذا إنتفت عن هذا الحق تلقائياً ملاحقتنا بشبهة التعطيل والتعويق.
التقييم عينه يتبنى أيضاً أن جهوداً مكثفة بذلها فريقنا في اطار احتواء الهجوم المضاد، قد افضت ليس الى كبح جماح هذه الهجمة واستيعاب مفاعيلها، بل ايضاً عززت الثقة لدينا بقدرتنا على رفع عديد المصوّتين لمرشحنا على نحو يعد بمفاجآت قد يكون بعض الفريق الآخر اسقطها من حسبانه، خصوصاً في الايام الماضية.
بناء على كل تلك المعطيات، يرى الحزب أن صفحة جلسة الغد قد طويت الى لا نتيجة كما سالفاتها، لذا بات ضرورياً الانتقال الى التداول جدياً في افق مرحلة ما بعد هذه الجلسة الموعودة، اذ تفترض الجهة المولجة بهذا الملف في الحزب، أن الاطراف التي تقاطعت رغبة أو قسراً او مصلحة آنية عند تأييد ازعور وقررت السير قدماً في هذا الخيار، صار يتعيّن عليها اعادة النظر في حساباتها وخياراتها، ولكن بقدر اكبر من الموضوعية والواقعية السياسية.
وتؤكد تلك المصادر ان الحزب، وعلى رغم حملة الخصوم الشرسة عليه، لم يوصد ابوابه امام أي جهود او رسائل تستشف منها أي دعوة حوارية تقود عملية الانقاذ المنشودة.
فليس خافياً ان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله سارع الى تحديد موعد عاجل للقاء موفد بكركي، مبدياً امامه كل استعداد للانفتاح على حوار واعد.
وفي الوقت الذي كان وليد جنبلاط وكتلة اللقاء الديموقراطي يعلنان خروجهما الصريح من التزامهما المبدئي بعدم التصويت لمرشح تحد ويعلنان تأييدهما لازعور، كان شبلي الملاط، الشخصية التي اشار اليها جنبلاط في اطلالة اعلامية اخيراً على انها مؤهلة لتكون احد المرشحين المعقولين لبلوغ قصر بعبدا، يؤم مقر كتلة نواب الحزب في الضاحية الجنوبية عارضاً امام بعض اعضائها ما لديه من رؤى.
ويذكر المصدر اياه بأن الحزب كان استقبل سابقاً عدداً من المتقدمين للترشح للرئاسة الاولى ومن بينهم جهاد ازعور نفسه الذي التقى رئيس الكتلة محمد رعد.
وتذكر تلك المصادر ان الاسم الوحيد الذي يرد في عداد المرشحين الجديين، ولم يزر الحزب وهو الوزير السابق زياد بارود. وعلى ما يبدو، فانه يترك هذه الورقة الى اللحظة الاخيرة، في حين اننا لا نرى موجباً للقاء شخص نعرفه جيداً.
وفي المقابل، يفضل الحزب تأجيل الحديث عن مستقبل العلاقة مع شريكه في تفاهم مار مخايل، أي التيار الوطني الحر، لأنه (الحزب) يقدر ضمناً حجم “الاضطراب” الداخلي الذي يمر به شريكه في تفاهم مار مخايل. واذا كان التيار قد نجح مستخدماً كل الاحتياط الاستراتيجي في ضبط الخلافات في داخله، فان التصريح الذي اطلقه اخيراً النائب الآن عون وتحدث فيه عن صعوبة تقبّل النائب ابراهيم كنعان في التصويت لازعور وهو الذي عقد في كتاب “الابراء المستحيل” الذي خطه منذ زمن ليس بالبعيد إنفاذاً لأوامر من قيادة التيار، فصلاً كاملاً معززاً بالوثائق عن التجاوزات المالية والادارية التي حصلت إبان كان أزعور وزيراً للمال في حكومة فؤاد السنيورة الاولى بين 2005 و2008، هو شاهد كاف يفصح عن مدى ما بلغه الصراع المكتوم في داخل هذا التيار.