كتب ابراهيم بيرم لـ”أخباركم – أخبارنا”
خلال الايام القليلة الماضي، اغرقت الاوساط السياسية والاعلامية، المشهد السياسي بموجة عالية من التفاؤل تعد بقرب ولادة صيغة اتفاق تؤمّن وقفاً للنار في جبهة الجنوب التي بلغت منذ اكثر من شهر ذروة احتدامها، وتفتح الباب امام آلية محدثة لتطبيق القرار 1701.
وإذا كان بديهياً أن يعكس واقع الحال هذا نفسه موجة ارتياح لعموم اللبنانيين، المكتوين منهم بمعمودية النار الاسرائيلية، والآخرين الذين يتلقون الصدمات والتداعيات الناجمة عن هذه الحرب، بحيث صار الاهتمام والرهان معقودين على المسار الديبلوماسي المتعرّج اكثر مما هما مشدودين الى الميدان وتطوراته، فإن الاوساط عينها تعاملت مع هذا المعطى (المسار الديبلوماسي) الفارض نفسه بسقفين:
الأول، يفرط في التفاؤل ويصور ان ساعة التهدئة باتت آتية لا ريب فيها وان رؤيتها مسألة وقت ليس الا.
الثاني، ظل محافظاً على حذره يغلبه الشوق الى ساعة إعلان الهدنة، وتوقف قرع طبول الحرب المستمرة منذ اكثر من عام والتي اشتدت منذ اكثر من شهر.
وهكذا، فإنّ متبنيّ نظرية التفاؤل والمتمسكين بحبله، استندوا بطبيعة الحال الى ما ورد في وسائط الاعلام امس، ومن عناوينه انّ ثمة اقتراحاً اميركياً رسمياً لوقف النار “على الجبهة الشمالية”، قد وضع على طاولة التفاوض لينفذ لا ليسحب.
ومضى اصحاب هذه الفرضية اكثر في رحلة تفاؤلهم عندما استندوا الى سردية أوردها الاعلام الاسرائيلي امس، وفيها أن مفاوضات التسوية في لبنان قد احرزت تقدماً كبيراً.
فيما نقلت صحف خليجية عن مصادر نيابية لبنانية “استنتاجاً حازماً وجازماً جاء فيه أن “حزب الله” بصفته احد طرفي المواجهة المباشرة على الحدود، “قد انطلق في رحلة التحضير لليوم التالي لوقف النار”.
وإزاء كل هذا المناخ، فان مناخ المتخذين جانب الحيطة والحذر والتحفظ، يرون ان ما يعمل الآخرون على الترويج له اخيراً، انما هو عبارة عن “حملة مصطنعة” اطلقها اعداء (ا ل ح ز ب) بهدف إغراق السوق السياسي والاعلامي بما هو محرج للحزب، ومظهرين اياه بمظهر غير المتجاوب مع جهود ترسيخ التهدئة، خصوصاً وأن اوساط (ا ل ح ز ب) ابلغت الى الاعلاميين الناطقين بلسانها ما مفاده أن “لا علم له بالاجواء الايجابية السارية، اذ أن الموكل اليه التفاوض باسمه، الرئيس نبيه بري، لم يتبلغ حتى الساعة أي جديد يبني عليه ليطلق كلمته الفصل، وبالتالي فهو في حال انتظار.
وفي السياق نفسه فان (ا ل ح ز ب) يؤكد لأي طارق بابه سائلاً عن جلية الموقف عنده بأمرين:
الاول، انه حدد بلسان عدد من قيادييه، وآخرهم امينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، سقف شروطه لكي ينظر في أي صيغة تهدئة تعرض عليه، ومبتدا الأمر عنده وقف فوري للنار لأن (ا ل ح ز ب) اكد مراراً انه يرفض المضي الى دائرة التفاوض تحت النار، ومن ثم الذهاب الى تطبيق القرار 1701 من دون اي اضافات عليه.
لذا، فإن (ا ل ح ز ب) كما غيره، لا ينفي ان الكرة هي الآن عند الاميركيين والاسرائيليين، وانه ينتظر تحديدًا تفاهم الموفد هوكشتاين ونتنياهو.
وفي الوقت عينه، يؤكد (ا ل ح ز ب) أنه منفتح على نقاش من نوع زيادة عديد القوة الدولية في الجنوب، شرط الا يضاف الى الدول المشاركة فيها أي دولة جديدة اضافة الى زيادة عديد الجيش اللبناني المنتشر في بقعة عمليات “اليونيفيل”.
من جهته، جدد عضو كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري، قاسم هاشم، تأكيده على ان الأمور في عين التينة باتت جلية تماماً، اذ ان الرئيس بري “تقصّد إلقاء الضوء عليها في اطلالته الاعلامية شبه اليومية لتكون خالية من أي لبس عند الرأي العام اللبناني، وهو ايضاً سبق وأن أبلغها الى الموفد الاميركي.
وعليه، يضيف هاشم، فان لبنان يعتبر انه صار جاهزاً من جانبه لملاقاة ما هو محتمل الحدوث، خصوصاً وقف النار والانطلاق في رحلة تطبيق للقرار 1701 كما ولد من دون أي اضافات.
وبناء عليه، يستطرد هاشم، غادر هوكشتاين بيروت قبيل ايام ليتشاور في نتائج زيارته مع ادارته المعنية من جهة ومع نتنياهو من جهة اخرى، ليعود الينا بمقترح جديد.
وبناء عليه، يمكننا أيضا القول انه إذا عاد هوكشتاين قريباً فان ذلك بالنسبة الينا احتمال بشارة، لأننا نفترض تلقائياً انه عاد الينا بعنصر جديد يعتدّ به، يشي برغبة تل ابيب في وضع حدّ لتوحش نتنياهو الفالت من عقاله، واذا لم يعد فساعتها سيغلب التشاؤم، وعلينا ايضاً أن نتوقع جولات أخرى من العنف والعدوان من جانب العدو الاسرائيلي.