كتب طوني أبو روحانا لـ ” أخباركم – أخبارنا”
لعلها من أشد اللحظات مأساوية أن تشهد على وطنك يخوض الإعصار في البشر والحجر فيما أنت مجرّد متفرج يستعيد هول التاريخ وأزمنة مضت عبر ذاكرة ترزح تحت وطأة أطنان من الصُوَر العابرة على ضفاف أنهر من الدماء التي استُثمِرَت في في حروب الجغرافيا والمحيط ومسارات الأطماع، والجوار العابر لأي مساحة مفتوحة متفلتة من خلال قبائل المرتزقة الذين قرّروا التناحر فصائل قطعان حيث لا يجمعهم على أرض لبنان سوى أوامر عمليات غب المصادر وما يُنقَل عن الغرف السوداء منذ عبد الناصر وعروبته ووحدته ومطابع تزييف الشعارات وقضية العرب المركزية القضية الفلسطينية ومنظمة التحرير وفتح لاند بعد اتفاق الذل في القاهرة مروراً بالبعث الغابر ونظام الغدر الأسدي وصولاً الى طهران والحرس الثوري وفتاوى المرشد الواحدة الموحدة بين ميليشيات الفرس والأذرُع وداعش، مسافات طويلة خاضها الوطن الصغير وحده من دون أي حليف ولا أي صديق في مواجهات تتكرر على مر العقود بين الحروب والفوضى والأطماع، بين احتلالات متعاقبة وعدو مفترس يستشرس في الإستباحة بقدر ما تُتاح له الفرص، بقدرٍ او من دون جميل القدر، بصراحة، لعلها من أشد اللحظات المفجعة أنك أمام دولة حطام حيث لا خَيار ولا قرار ولا قدرة على موقف، دولة تُنتَهَك يومياً في يوميات أبنائها، في كراماتهم، في عائلاتهم في أرزاقهم في عرقهم ودمهم من قِبَل مَن يدّعون أنهم من أبنائها، مرتزقة ولاءات وعدو يقتنص أي لحظات تَسَلُل حيث الأرض السائبة تسمح بكل ما على الأرض من حَرام..
بعد الحرب التي استدعاها حزب الله الى الداخل اللبناني، حرب غزة على أرض الجنوب وجنوب ينتحرون في أنفاقه وعلى ترابه وبشعبه وناسه وأهله، جنوب تحت العدوان والموت والدمار في خدمة المرشد وحرسه الثوري وورقة التفاوض والأطماع والفتاوى وحفلات الصيد وهواجس السلاح والخوف لحظة يتهاوى من انهيار الغلبة حيث فوضى التناسل لا تُعَوّض فائض الترهيب وتركيب الملفات والتخوين والأجهزة الممسوكة ووحدة الإرتباط والتنسيق وشرعنة فصائل الزعران والإعتداءات وسيناريوهات الخطف على الهوية السياسية وأي اعتراض في قاموس الحريات والسيادة وأي كرامة لا تستهوي فكر ((شيعة شيعة شيعة)) او تتخطى بوصلة الإنتساب الى سياحة المقاومة او تعتدي على فهرست مُنشِد الثورة الإسلامية فرع الضاحية والأضاحي، هذا المنسوب المُرتَفِع من ثقافة استقطاب الإنحطاط الحضاري الذي يطفو فوق تراكمات من انعدام التواصل بين قرار الحياة وفلسفة الإحتضار لا يتقاطع في أي اتجاه سوى نحو طريق مسدود حيث تسقط كل شراكة تجمع حتى في الإنسانية، اما المواطنة والوطن الواحد فحدّث ولا حرج عند مفترق يُحَدّد خارطة أي تسوية على حساب الرفض في التساوي..
هذا المشروع الظاهر للعيان اليوم ليس مجرّد أحاديث يومية ولا تعليقات رعناء على مواقع التواصل الإجتماعي ولا مجرّد سردية حفنة لا تُمَثّل الجَو العام لبيئة الثنائي الخارج عن الدستور والكيان والقوانين بقدر ما هو انعكاس كواليس إحكام ما تُمَثّل جمهورية الولي الفقيه قبضتها المباشرة على مربعات حزب الله السياسية والعسكرية والأمنية والإجتماعية، وطبعاً الوكالة الشرعية والتشريعية حيث هامش ملعب رئيس البرلمان اللبناني والبوابة الأساس التي تُفَرمِل عمل المؤسسات غب التكليف وأوامر العمليات، كافة الخواتيم تتسلل وفق مسار نهاية واحدة لا تحددها ظروف الحرب ولا نتائجها ولا مساحات النزوح وما يترافق مع طوفانها على مساحة لبنان، إنما هي أجندة بِبَندٍ واحِدٍ يُهَندِس ما يترتب على ما بعد غبار المعركة ووقف إطلاق النار، أي شروط يمتلك المُفَوَّض السامي الإيراني ليستكمل حركة التَوَسُع الإقليمي المتهاوي على طاولة ما تبقى من تفاوض ومُتَغَيّرات وأُفُق داهم اذا تَغَيَّرَت شروط الورقة اللبنانية وسقط مشهد الميدان أمام أجندة القرارات الدولية؟
في كافة الأحوال، الحلول والمجهول توأما الترقب والإنتظار، والساحة مفتوحة على كافة الإحتمالات فيما الخَيارات أضيَق من محدودة لدى مختلف فصائل الإختلاف والخلاف لحظة تضع الحرب أوزارها، أي حرب الى الواجهة، العبور الى الدولة ام الى الحرب؟