كتبت عايدة الأحمدية لـ ” أخباركم – أخبارنا”
يشهد القطاع الصحي في لبنان أزمة غير مسبوقة نتيجة التصعيد العسكري المتواصل على لبنان ، وتضررت البنية التحتية الطبية وتعرضت المستشفيات والمرافق الصحية للاستهداف المباشر وغير المباشر. هذا الوضع القاسي أجبر 13 مستشفى حكوميًا وخاصًا في لبنان على الخروج عن الخدمة كليًا أو جزئيًا بسبب القصف الإسرائيلي الذي استهدفها أو استهدف محيطها كما اضطرت العديد من المستشفيات الى تقليص قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين والنازحين.
وقد أظهرت بيانات وزارة الصحة اللبنانية تضرر أكثر من 20٪ من المستشفيات في البلاد، بالإضافة إلى تسجيل 55 اعتداءً على المرافق الصحية، منها 36 استهدافًا مباشرًا، و200 اعتداء على فرق الإسعاف والجمعيات الإنسانية.
في بيروت وضواحيها الجنوبية، تقع 10 مستشفيات ضمن ما يُسمى “منطقة القتل”، وهي دائرة نصف قطرها 340 مترًا تتعرض فيها المباني لشظايا القنابل التي يمكن أن تسبب إصابات مميتة. وقد تضررت 9 مستشفيات، بينما أغلقت 3 منها أبوابها نتيجة الضربات الإسرائيلية منذ سبتمبر الماضي.
كما طالت الاعتداءات المستشفيات الكبرى، مثل مستشفى رفيق الحريري الذي يعتبر من أهم المستشفيات الحكومية، إذ تعرض لأضرار جراء القصف المستمر على منطقة الجناح في الضاحية الجنوبية لبيروت. وتعرض مستشفى السانت تيريز ومستشفى بهمن لأضرار كبيرة نتيجة القصف الذي طال محيطهما.
كذلك خرج مستشفى الساحل من الخدمة بعد ادعاء إسرائيل ان حزب الله خبأ في طوابقه السفلية اموال طائلة يستخدمها لنشاطاته الحربية
وفيما اخلي مستشفى الرسول الاعظم من المرضى ، تعرض مستشفى السانت تيريز في منطقة الحدث عند تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت لأضرار جسيمة بسبب هجوم إسرائيلي.
كما شن الطيران الإسرائيلي غارة على مبنى مقابل مستشفى بهمن مما تسبب بأضرار كبيرة في المستشفى.
في جنوب لبنان، خرج أيضًا مستشفى ميس الجبل الحكومي عن الخدمة بعد تضرر مبناه، كما تعرض مستشفى تبنين الحكومي لأضرار جسيمة نتيجة غارات العدو الإسرائيلي التي شُنّت في المحيط الملاصق للمستشفى، مما أدى إلى إصابة سبعة أشخاص بجروح داخل المستشفى وثلاثة آخرين خارجه. وتعمل وزارة الصحة على إجراء تقييم كامل لوضع المستشفى قبل اتخاذ القرار بإبقائه مفتوحًا، مع إيلاء الأولوية لسلامة العاملين فيه، علمًا بأن عدد الذين تلقوا العلاج في هذا المستشفى بلغ 1458 جريحًا منذ بدء العدوان في أكتوبر الماضي وحتى الآن.
في منطقة كفرجوز في النبطية، تسببت الصواريخ الارتجاجية المدمرة التي ألقتها الطائرات المعادية في أضرار فادحة بمستشفى النبطية الحكومي القريب من مكان الاستهداف.
كذلك أخلى مستشفى مرجعيون الحكومي في الجنوب من المرضى حفاظًا على أرواح الموظفين والفرق الطبية والتمريضية، بعد تعرض ساحة المستشفى، وتحديدًا المدخل الرئيسي، للقصف، مما أسفر عن استشهاد سبعة أفراد وإصابة خمسة آخرين من الطاقم الصحي. وبسبب هذا الاستهداف، لم يعد المستشفى قادرًا على استقبال أو نقل أي مصاب.
الامر نفسهة انسحب على مستشفى بعلبك الحكومي الذي. استهدف محيطه بينما كان يزدحم بالمرضى والجرحى، وقد أصيب بأضرار مادية.
في ظل هذه الظروف ، تعاني المستشفيات من أزمات إضافية و مشاكل أساسية قد تؤثر على استمرار عملها. فهي، على الرغم من تقديم الرعاية اللازمة للجرحى والمرضى رغم الصعوبات التي تواجهها، تعاني من نقص الإمكانيات المادية واللوازم الطبية والتمريضية. وبعضها يعاني من نقص حاد في أدوية العلاج الكيميائي التي كانت تُوفر من مركز النبطية التابع لوزارة الصحة اللبنانية قبل إغلاقه. كذلك، تواجه المستشفيات صعوبات في تأمين الأدوية الضرورية والإمدادات الأساسية كالأدوية والأكسجين، والتي لا تصل بانتظام، مما يزيد الوضع تفاقمًا.
تعتمد بعض المستشفيات حاليًا على الأدوية والمستلزمات التي تم شراؤها وتخزينها مسبقًا تحسبًا للأزمة، لكنها لن تكون كافية لفترة طويلة دون توفير إمدادات جديدة. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، تواجه المستشفيات أيضًا أزمة في وصول بعض الأطباء بسبب الظروف الأمنية، إلا أن الفريق الطبي المحلي يبذل قصارى جهده لتقديم الرعاية.
يضاف إلى ذلك انقطاع المياه، مما يضطر المستشفيات لشرائها عبر الصهاريج، إلى جانب انقطاع الهاتف الأرضي والإنترنت في بعض المناطق. وعلى الرغم من كل هذه التحديات، تستمر المستشفيات في تقديم الخدمات للمرضى، على أمل الحصول على دعم إضافي لضمان استمرارية العمل في ظل إغلاق عدد من المستشفيات.
وسط هذا الواقع المأساوي الذي تعانيه مستشفيات لبنان ،تؤكد وزارة الصحة اللبنانية مسؤولية إسرائيل عن هذه الانتهاكات التي تخالف القوانين والأعراف الدولية والإنسانية. ومع استمرار العدوان وغياب الاستجابة الدولية، يبقى القطاع الصحي في لبنان على حافة الانهيار، حيث يستمر الطاقم الطبي في تقديم الخدمات وسط نقص حاد في الموارد، آملين في الحصول على دعم إضافي لتخفيف حدة هذه الأزمة الإنسانية.