كتب حسين قاسم لـ ” أخباركم – أخبارنا”
في ظل اشتداد الحرب، شهد الاقتصاد الإسرائيلي تقلبات ملحوظة، حيث تعرض لانكماش خلال الربع الأول من عام 2024 ثم تعافى تدريجياً مدعومًا بدعم مالي ومساعدات أميركية، ساعدت إسرائيل على مواجهة التكاليف الاقتصادية للعمليات العسكرية. ولكن، بالنظر إلى اقتصاديات دول المحور الإيراني أو ما يُعرف بدول “الممانعة”، مثل لبنان وسوريا وإيران، نجد أن تأثير الحرب على اقتصاديات هذه الدول كان أعمق وأكثر ضررًا. تتناول هذه المقالة تحليلاً للعوامل التي أسهمت في تعافي الاقتصاد الإسرائيلي، وتأثير المساعدات الأميركية عليه، إلى جانب مقارنة بالأعباء الاقتصادية التي واجهتها دول الممانعة في ظل الصراعات الإقليمية.
التباطؤ الاقتصادي في إسرائيل: نظرة على الأرقام
بحسب البيانات المتاحة، فقد شهد الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤًا واضحًا منذ اندلاع حرب غزة. ووفقًا للرسم البياني، يُلاحظ ما يلي:
- الربع الأول من عام 2024: سجل الاقتصاد الإسرائيلي نموًا ضئيلًا بنسبة 0.7% فقط، ما يعكس التأثيرات المبكرة للحرب.
- الربع الثاني من عام 2024: انخفض معدل النمو إلى أقل من 0.5%، مما يشير إلى استمرار التأثير السلبي للحرب على القطاعات الاقتصادية.
- النصف الأول من عام 2024: بحلول هذه الفترة، ارتفع معدل النمو الاقتصادي إلى حوالي 2.5%، مما يعكس تعافيًا جزئيًا للاقتصاد.
دور المساعدات الأميركية في استقرار الاقتصاد الإسرائيلي
لطالما شكلت المساعدات الأميركية دعامة أساسية للاقتصاد الإسرائيلي، وخاصة في أوقات الأزمات. وتأتي هذه المساعدات بأشكال متعددة، تشمل الدعم المالي المباشر والمساعدات العسكرية، التي تخفف من العبء الاقتصادي على إسرائيل في مواجهة تكاليف الحروب. في هذه الفترة، ساعد الدعم الأميركي في إعادة الاستقرار للاقتصاد الإسرائيلي والتخفيف من الآثار الاقتصادية للنزاع، ما أدى إلى تحسن نسبي في النمو الاقتصادي في النصف الأول من عام 2024.
تكاليف الحرب كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي
على الرغم من تكاليف الحرب، فإن التكاليف الاقتصادية المباشرة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بقيت منخفضة نسبيًا. ومع ذلك، سجلت التكاليف زيادة طفيفة بين الفترات المختلفة، مما يعكس التأثير المستمر للحرب على الاقتصاد.
تأثير الحرب على اقتصاديات دول المحور الإيراني (دول الممانعة)
على النقيض، عانت دول الممانعة مثل لبنان، سوريا، وإيران من تأثيرات أكثر خطورة نتيجة الصراعات المستمرة، مما أدى إلى تدهور اقتصادي عميق أثّر على معيشة مواطنيها. وتوضح المقارنة ما يلي:
- لبنان: يعاني من انهيار اقتصادي كبير زادت حدته مع تصاعد التوترات الإقليمية. البنية التحتية اللبنانية، المتأثرة بالانهيار المالي المستمر، تعاني من غياب الدعم المالي الدولي مقارنة بالمساعدات التي تحصل عليها إسرائيل.
- إيران: الاقتصاد الإيراني الذي يواجه عقوبات صارمة على الصعيد الدولي لم يتمكن من التعافي أو تحقيق استقرار داخلي، ويزداد عبء الإنفاق العسكري على الموارد الوطنية.
- سوريا: تفتقر إلى دعم اقتصادي دولي بسبب الأزمة الداخلية والحرب الممتدة، مما أدى إلى تراجع كبير في مستويات المعيشة ونقص في الموارد الأساسية.
مقارنة بين القدرة الاقتصادية الإسرائيلية وقدرة دول الممانعة
إن الدعم الأميركي يتيح لإسرائيل مرونة أكبر في التعامل مع تكاليف الحرب، ويعزز من قدرتها على الاستمرار دون انهيار اقتصادي حاد. على العكس، فإن دول المحور الإيراني تواجه قيودًا اقتصادية شديدة وندرة في الدعم الدولي، مما يعرضها لأزمات اقتصادية أشد ضررًا بسبب الحروب المستمرة.
رغم أن الاقتصاد الإسرائيلي تعرض لضغوط نتيجة الحرب، إلا أن الدعم الأميركي ساعده على استعادة بعض استقراره. وعلى الجانب الآخر، تعاني دول الممانعة من تحديات مالية واقتصادية مستمرة تجعلها أكثر تأثرًا بتداعيات الحرب، مما يعكس الفجوة بين الموارد والدعم الذي تحصل عليه إسرائيل وبين ما تواجهه هذه الدول من صعوبات اقتصادية شديدة.
المصادر الداعمة للتحليل
استندت هذه المقالة إلى عدد من المصادر التي تؤكد تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي وعمق الأزمة في دول الممانعة، ومنها:
- تقرير من هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) حول الانكماش السنوي للاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأخير من عام 2023.
- تقرير من وكالة الأناضول حول تخفيض تقديرات النمو في الربع الثاني من عام 2024.
- تحليل من موقع Al-Monitor يناقش التحديات الاقتصادية في إسرائيل جراء الحرب.
- دراسة من The Conversation تسلط الضوء على أثر الحرب المستمرة على الاقتصاد الإسرائيلي.
- تقرير من شبكة CNN حول التكلفة الاقتصادية العالية للحرب.