كتب ابراهيم بيرم: يبني حزب الله في الآونة الاخيرة منظومة توقعاته وحساباته السياسية على أمرين:
الاول، نتائج جلسة الانتخاب الاخيرة في 14 حزيران الماضي، والتي برأيه، تمخضت عن معادلة سياسية مريحة بالنسبة اليه ولحلفائه في سياق السباق الرئاسي. وقد أصبحت الكرة في نظره، في مرمى الائتلاف السياسي الهجين الذي ركبته على عجل مشيئة سياسية خارجية كبرى.
وفي رأي الحزب أنه صار لزاماً على هذا الائتلاف ان يبيّن عما اذا كان ائتلافاً صالحاً لمرة واحدة، وقد انتهى مفعوله، ام ان تلك الخيارات والحسابات التي اجبرته على خوض غمار منازلة 14 حزيران ستملي عليه الالتزام به مرة ثانية وربما اكثر.
ووفق ما ابلغت مصادر في دوائر القرار المعنية بهذا الأمر في الحزب، الى موقع “اخباركم اخبارنا”، فان مكوّنات هذا الائتلاف تبدو في حال “حيص بيص”، فلا هي واثقة من دوام هذا الائتلاف او انه صالح للاستخدام مرة ثانية، ولا هي متيقنة انه آيل الى الانفراط وصار كل طرف من الاطراف الوالجة اليه مجبر على الشروع برحلة بحث عن خيارات بديلة.
ودليل ذلك، ان غالبية مكوناته توقفت منذ جلسة الانتخاب الأخيرة عن ممارسة لعبة الضغوط والتهويل على رئاسة مجلس النواب، مطالبة اياها بالدعوة الى عقد جلسة انتخاب كما هو الحال قبل تلك الجلسة.
وعليه، بدت مكوّنات “التقاطع” في الايام الماضية وكأنها في حال انكفاء الى الظل وفي اجازة، فلا هي تبرهن عن عزمها على المضي بمرشحها المعلن وهو جهاد ازعور، لا سيما بعد أن تلا بعض المصوّتين له في الجلسة الاخيرة فعل ندامة على هذا الخيار، ولا هي فاتحته في أمر الانسحاب من السباق على غرار فعلتها مع مرشحها الأول النائب ميشال معوض.
الثاني: بناء على كل ما تقدم، تذهب تلك المصادر الى الاستنتاج بأن الوضع عموماً عاد الى دائرة المراوحة واللايقين، أي الى الوضع الذي كان سائداً بعد جلسة الانتخاب الثالثة او الرابعة التي عقدت بعد وقت قصير من خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا في نهاية ولايته الرئاسية، حيث كما صار معلوماً ان الامور انكشفت عن تعادل سلبي بين الفريقين المتصارعين يحول دون أن يأتي احدهما بقوّة زنديه برئيس.
لذا، بات كل منهما محكوم بلعبة ملء الوقت المستقطع، في انتظار بروز معطى خارجي يساعد في امرين:
– اما ان يحسم لمصلحة اي منهما، فتتغلب ارادته على ارادة الآخر وظروف ذلك الخيار غير مهيأة اطلاقاً.
– واما ممارسة مزيد من الضغوط الداخلية والخارجية، فيساعد ذلك على انضاج تسوية تنتج رئيسا على أن يكون الأمر مقروناً بتفاهم على كل ما يلي ملء الرئاسة الأولى.
وعليه ايضاً، تلاحظ تلك المصادر انه في هذا السياق ارتفع في الايام العشرة الاخيرة منسوب الكلام عن مسألة الجنوح نحو خيار الحوار. فلجأ الرافعون لهذا الشعار والمتبنون له منذ زمن، إلى إعادة الاعتبار اليه والتركيز على اهميته بعد التجارب العقيمة لجلسات الانتخاب المتتالية، فيما انصرف المعارضون لهذا الشعار والمتوجسّون منه، الى اطلاق موجة تشكيك بجدوائيّته ورذله باعتباره “رجس من عمل شيطان محور الممانعة”.
وفي كل الأحوال، لا تخفي مصادر حزب الله أن الحزب ينتظر مع المنتظرين ما سيعود به الموفد الفرنسي من جهة، ولكي يتيقن من جدية الدعوة الى الحوار ومدى تجاوب الاطراف اللبنانية المعنية مع هذه الدعوة.
