تقرير فلسطين السياسي اخباركم – أخبارنا
لم تنجح مصر في ردم الفجوات الكبيرة بين حركتي فتح وحماس فيما يتعلق بتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي وآليات عملها، فحماس تحاول ألا يكون هناك أي ارتباط بين اللجنة والحكومة الفلسطينية، وطلبت أن تكون مستقلة ولها ميزانية مستقلة ولا تتبع لخزينة الحكومة الفلسطينية.
كما لا ترغب أن يشرف أفراد من الأمن الفلسطيني التابع للسلطة على لجنة الإسناد المجتمعي، واللجنة التي سيتم التوافق على تشكيلها سيقتصر عملها على توزيع المساعدات الاغاثية على الناس في قطاع غزة.
ولتجاوز هذه العقبة اقترحت حركة فتح إجراء تعديل وزاري في حكومة مصطفى لخمس وزارات تشارك حماس في تسمية وزرائها وحتى الآن لم يتم التوافق على ذلك.
الا ان العقبة والمعضلة الأكبر ليست في تشكيل هذه اللجنة، بل في سماح إسرائيل لهذه اللجنة بالعمل داخل غزة وارتباط ذلك بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، ذلك أن الحديث عن اليوم التالي للحرب وعمل اللجنة مرتبط بإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي.
في المقابل اعتبر رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن الاحتلال الإسرائيلي يفرض تحديات كبيرة تعيق جهود التنمية الحضرية المستدامة في أكثر من 60% من أرض الضفة الغربية وكامل مدينة القدس الشرقية.
وأضاف عباس في كلمته بالمنتدى الحضري العالمي الثاني عشر التابع لبرنامج الأمم المتحدة، الذي افتُتح في العاصمة المصرية القاهرة،امس الاثنين، أن الاحتلال يمارس جرائم إبادة وتطهير عرقي، ودمر أكثر من 80% من مساكن قطاع غزة ومرافقها ومستشفياتها ومدارسها، ويرتكب جرائم سرقة الأرض والموارد الطبيعية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
ودعا المجتمع الدولي إلى وقف دولة الاحتلال عند حدها ومحاسبتها ومعاقبتها على جرائمها وتصرفاتها كأنها سلطة فوق القانون الدولي.
من جهة ثانية ما زالت قضية تسريب الوثائق من مكتب نتنياهو تتفاعل، ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “عاصفة سياسية” جديدة، تتعلق باتفاق إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة، بعد اعتقال 4 أشخاص على صلة بما يشتبه أنها عملية تسريب وثائق سرية من مكتبه.
وهزت قضية التسريبات الأمنية الخطيرة، التي يُعتقد أن المشتبه الرئيسي فيها أحد مساعدي رئيس الوزراء، الساحة السياسية في إسرائيل، وأثارت غضب عائلات المحتجزين لدى حركة “حماس”، وسط ضغوط من أجل التوصل إلى اتفاق لإعادتهم.
فقد كشفت محكمة إسرائيلية عن تورط مستشار إعلامي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تسريب وثائق سرية، الأمر الذي يحتمل أنه “عرقل اتفاق إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة”.
ونشرت صحيفة “جويش كرونيكل” البريطانية في 5 ايلول الماضي، تقريرا مفاده أن رئيس حركة “حماس” الراحل يحيى السنوار كان “يعتزم محاصرة نفسه بالأسرى والهروب معهم إلى إيران عبر الأنفاق في محور فيلادلفيا”، إلا أنه تبين لاحقا عدم صحة التقرير. واشتبه رجال التحقيقات الإسرائيليين في أن الشخص الذي قام بنشر هذا الخبر هو نفس المتحدث في مكتب نتنياهو.
والاشتباه الثاني كان في نشر صحيفة “بيلد” الألمانية في 6 ايلول الماضي، وثيقة من جهاز مخابرات “حماس”، موقعة باسم يحيى السنوار كتب فيها مبادئ إدارة مفاوضات وقف إطلاق النار وفي وقت لاحق أوضح الجيش الإسرائيلي أن الوثيقة لم يكتبها السنوار.
وقالت القناة 12 العبرية في 7 ايلول الماضي، نقلا عن مصادر خاصة إن الوثيقة التي تفصل استراتيجية حماس التفاوضية، والتي نشرت في صحيفة “بيلد” الألمانية، كانت في الواقع في أيدي الجيش الإسرائيلي منذ منتصف نيسان الماضي لدى الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات، ولكن لم يتم إطلاع الجمهور أو مسؤولي وزارة الدفاع أو الجيش الإسرائيلي أو فريق المفاوضات، وحتى أنه لم يتم إطلاع الجنرال نيتسان ألون، ولا رئيس الأركان ولا وزير الدفاع ولا حتى رئيس الوزراء نتنياهو نفسه عليها.
وفي بداية إحدى جلسات مجلس الوزراء الإسرائيلي في 8 ايلول الماضي، أشار نتنياهو إلى التقرير الألماني حول وثيقة “حماس” وقال: “نشرت صحيفة بيلد الألمانية وثيقة رسمية لحماس تكشف عن خطة عملها في: زرع الفرقة في داخلنا، وشن حرب نفسية على أهالي المختطفين لممارسة ضغوط سياسية داخلية وخارجية، وعلى حكومة إسرائيل، ولتمزقنا من الداخل وتستمر في الحرب حتى هزيمة إسرائيل”.
وأضاف نتنياهو: “الغالبية العظمى من المواطنين الإسرائيليين لا يقعون في فخ حماس هذا، إنهم يعرفون أننا ملتزمون بكل قوتنا بتحقيق أهداف الحرب – القضاء على حماس، وإعادة جميع المختطفين. وضمان ألا تشكل غزة بعد الآن تهديدا لإسرائيل ولعودة سكاننا في الشمال والجنوب بأمان إلى منازلهم”.
بعد نشر وثيقة استراتيجية التفاوض مع حماس في صحيفة “بيلد” الألمانية، أكد الجيش الإسرائيلي أنه تم العثور عليها قبل حوالي خمسة أشهر – ولم يكتبها السنوار. وأوضح أيضا أن هذه وثيقة قديمة كتبت كتوصية من أعضاء متوسطي المستوى في حماس. وفيما يتعلق بتسريبها، قال الجيش إن “تسريب الوثيقة يعد جريمة خطيرة وسيتم فحصها والتحقيق فيها من قبل السلطات المختصة”.
والتقت زوجة رئيس الوزراء، سارة نتنياهو، بممثلي عائلات الأسرى في 10 ايلول الماضي، ووصفت المظاهرات بأنها “صادمة”، وادعت أنه إذا انسحب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، فسيكون ذلك بمثابة “7 أكتوبر جديدة”.
وعندما سألها أحد الممثلين عن مبدأ “الجميع مقابل الجميع، ووقف إطلاق النار”، أجابت: “مثير للاهتمام، هذه فكرة. سأتحدث عن ذلك مع رئيس الوزراء. ويجب عدم التخلي عن بقية المختطفين، قبل أن يتم تهريبهم إلى اليمن وإيران”. حينها لم تجد الأوساط الاستخبارية أي دليل على تصريحات سارة نتنياهو.
ويشار إلى أن المحكمة منعت نشر أسماء المعتقلين الآخرين بالقضية خشية التشويش على التحقيق، الذي يقوده جهاز الأمن العام (الشاباك)، تحت إمرة المدعي العام الإسرائيلي والمستشارة القانونية للحكومة.
في مجال آخر، ورغم الدعم الذي حظيت به حركة حماس خلال الساعات الأولى من الإعلان عن عملية “طوفان الأقصى”، التي استهدفت العمق الإسرائيلي، إلا أن هذا التأييد تراجع تدريجيًا نتيجة انعكاسات الهجوم العنيف الذي شنه الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة، بحسب أحدث الدراسات البحثية.
استطلاع للرأي العام الفلسطيني، أشرف عليه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أظهر تراجعًا ملحوظًا في نسبة تأييد هجوم السابع من أكتوبر، وفي التوقعات بفوز حماس، إلى جانب انخفاض معتدل في نسبة التأييد لحماس في الضفة الغربية، وبشكل خاص في قطاع غزة.
كما أظهرت النتائج التي نُشرت في 17 سبتمبر/ ايلول انخفاضًا في تفضيل استمرار سيطرة حماس على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وارتفاعًا في تفضيل عودة السلطة الفلسطينية.
وإلى جانب الخسائر البشرية التي خلفتها العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفصائل المسلحة في الضفة الغربية، شهد الاقتصاد الفلسطيني انكماشًا كبيرًا منذ اندلاع الحرب، فضلاً عن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في عدد من المخيمات.
وتشير الأرقام الرسمية الفلسطينية إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 35% منذ بدء الحرب، حيث خسر الاقتصاد الفلسطيني نحو 500 ألف فرصة عمل، وهو ما يعادل ثلث القوى العاملة، نتيجة الإجراءات العقابية التي فرضتها تل أبيب بمنع دخول العمال الفلسطينيين.