كتب ابراهيم بيرم لـ “أخباركم -اخبارنا”
على مقربة من الحدود اللبنانية الجنوبية، وقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل ايام، ليعلن بثقة وعنجهية بأنه قد انطلق لتوه في انفاذ خطة جديدة – قديمة عنوانها العريض العمل على قطع الاوكسجين عن رئتي “حزب الله”.
التعبير ليس جديداً فهو يحاكي التعبير الذي استخدمته ادارة بوش الابن يوم قررت الذهاب الى حربها مع ” الارهاب” الذي كان ضرب ضربته الموجعة في 11 ايلول عام 2001 وهو تعبير فحواه اننا نريد “تجفيف منابع الارهاب اولا” ليسهل علينا لاحقا قطع رأسه.
وليس خافياً ان نتنياهو لم يطلق تعبيره هذا فجأة، فهو لمح الى ذلك مراراً منذ ان بدأ عمليته البرية قبل شهر ونيف، ومن ثم انطلق لترجمته عملانياً من خلال العمل على قطع تدريجي للمعابر بين لبنان وسوريا باعتبارها الشريان الاساس الذي يستخدمه الحزب لتعزيز ترسانته العسكرية والحيلولة دون نفاذها.
وعليه، قطعت اغارات الطيران الاسرائيلي لحد الان ثلاثة من اصل خمسة معابر شرعية بين البلدين وهي معبر المصنع – جديدة يابوس اي المعبر الاساسي بين بيروت ودمشق ومعبر جوسية الذي يصل البقاع بحمص، واخيرا معبر جسر اكروم الذي يصل جزء من عكار بالساحل السوري.
وعليه، لم يتبق عملياً سوى معبري العريضة والبودية اللذين يصلان الشمال بالداخل السوري.
ويبدو ان اسرائيل تركت هذين المعبرين وشأنهما ليقينها ان الحزب ولاسباب لوجستية، لا يستفيد منهما بقدر استفادته من المعبرين الاولين.
لذا فان اسرائيل ركزت على قصف معابر اخرى غير شرعية كمثل معبر حوش السيد علي الذي يصل الهرمل بمنطقة القصير السورية.
والمعلوم ان هذا المعبر اساسي للحزب منذ ان دخل الميدان السوري، فهو معبره الى منطقة القصير، اي المعقل والقاعدة الخلفية الاستراتيجية للحزب منذ ان نجح في اجلاء المجموعات الارهابية عنها قبل نحو عقد من الزمن. ووفق تقديرات شنت اسرائيل ومنذ نحو سنة اكثر من 60 غارة على هذه المنطقة الحيوية للحزب وعلى معبرها (حوش السيد علي).
ووفق اوساط على صلة فان الحزب على قناعة ضمنية بأن اسرائيل هذه المرة تجهد لقطع كل المعابر التي تشكل حبل السرة الذي يغذي الحزب ويرفده بأسباب الصمود والقدرة على المواجهة. وهذا يعني بتقديرات الحزب ان الاسرائيلي قد بدا فعليا مرحلة ” قطع الاوكسجين” عن الحزب تمهيدا ليوم آت ينفذ فيه ما في ترسانات الحزب ومخازنه العديدة المنتشرة في مناطق عدة من صواريخ وقذائف ومسيرات وهي سلاحه الامضى في مواجهاته مع القوات الاسرائيلية.
وعليه فان الحزب بات يوقن بأن الاسرائيلي وسع من دائرة السبل الايلة الى بلوغه هدف ” خنق الحزب ” وان اقتضى الحال فرض حصار تدريجي على لبنان كله. ويتبدى هذا من خلال منع السلطات اللبنانية الرسمية المعنية من ردم الحفرة العميقة التي احدثتها غارات الطيران الاسرائيلي على معبري لمصنع وجوسية منذ نحو 20 يوما، مما يضطر العابر عليهما الى قطع مسافة تتجاوز الـ 300 متر سيراً.
واستكمالا لواقع الحال هذا الذي تسعى اسرائيل الى فرضه فالواضح ان القيادة الاسرائيلية قد بدات تصرف جهدا في الاونة الاخيرة لملاحقة الشاحنات والسيارات والفانات التي تشتبه بانها تنقل شحنات اسلحة وذخائر للحزب ابان عبورها طريق البقاع – بيروت.
ومن المعلوم ان الطيران الاسرائيلي اغار في الايام العشر الماضية على نحو 6 سيرات تعبر طريق عالية – بيروت ونجحت في النيل منها .
ولأن عملية ” خنق الحزب ” تتخذ عند الاسرائيلين طرقا مختلفة، اتت عملية خطف وحدة كوماندوس اسرائيلي للقبطان البحري عماد امهز قبيل ايام من البترون عبر البحر كجزء متمم لتلك الجهود الرامية الى ” اعدام ” الحزب. وبصرف النظر عن المزاعم الاسرائيلية حول هوية المختطف وعلاقته بالحزب، فان للفعل الاسرائيلي اهداف اوسع منها هي بعث رسالة للحزب تنباه فيها انها ولجت للتو عملية “قطع اذرعه” وملاحقته اينما اختبأ واستظل. فضلا عن ان عملية البترون نفسها هي بمثابة برهان عملاني اخر تقدمه اسرائيل لاثبات قدراتها المطلقة على التحرك ولضرب اي بقعة لبنانية وانها مقدمة لعمليات اوسع واكثر عمقاً وايلاماً.
وحيال ذلك، يبقى السؤال هل ان كل تهديات نتنياهو بقطع الهواء عن رئتي الحزب قابلة للتنفيذ؟
يقول الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد الياس فرحات في معرض اجابته على هذا السؤال، لا شك ان اسرائيل تعتبر ان سوريا قاعدة لوجستية للحزب وهي تقصف كل ما تشتبه ان له علاقة بالحزب في لداخل السوري. من هذا المنطلق تواصل ضربها للمعابر التي تربط لبنان بسوريا سعيا منها الى فرض حصار على لبنان.
وردا على سؤال، اجاب فرحات الاكيد ان الحزب على علم بهذا الهدف الاسرائيلي ولكنه يحرص على اظهار انه لا يتأثر بهذه الهجمة الاسرائيلية. وقد اكد المسؤول الإعلامي للحزب محمد عفيف اخيرا ان طرق الامداد للحزب مؤمنة.
اضاف العميد فرحات ان حجم نيران الحزب في التصدي للقوات لبرية الاسرائيلية اخيرا تدل على انه مرتاح في استخدام الذخيرة ولم تظهر اية بوادر على انه ذاهب الى تقنين.