أخباركم – اخبارنا
في حديث له مع جريدة “النهار”، عبّر الزعيم وليد جنبلاط عن رؤيته للوضع الراهن في لبنان والمنطقة، وأبدى ملاحظات ومواقف عدة حول ملفات حساسة تتعلق بالسيادة اللبنانية، التوازن الإقليمي، ومستقبل الحكم في لبنان.

يرى جنبلاط أن المنطقة تشهد تغييرًا كبيرًا يعيد رسم ملامح جديدة لخريطة سايكس-بيكو، مشيرًا إلى أن هذا التغيير قد بدأ منذ عام 2003 بغزو العراق، واستمر بمحاولات تأثيرات خارجية من بينها محاولة تقسيم سوريا. ويؤكد جنبلاط أن إزالة قطاع غزة بشكل ممنهج قد يفتح الباب أمام استهداف جديد للأردن وفلسطين، معتبرًا أن الفكر الصهيوني لا يعترف بوجود فلسطين بين البحر والنهر، بل يرى في الأردن بديلاً للأرض الفلسطينية وفقاً لما عبّر عنه السياسي الإسرائيلي إيغال ألون في الستينيات.

جنبلاط تطرق أيضاً إلى موضوع الوساطة الأميركية في ملف الحدود البحرية مع إسرائيل، معتبراً أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين خدع اللبنانيين، إذ لم يتمكن من فرض أي التزامات على الإدارة الإسرائيلية التي يترأسها بنيامين نتنياهو، مما يدل على ضعف تأثير واشنطن أمام تل أبيب في هذا السياق. ويرى جنبلاط أن الحزب الذي يواجه تحديات في الداخل كان قد نجح سابقاً في ضبط الأمور من خلال تفاهمات ضمنية بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلا أن الاغتيالات الأخيرة قد جعلت إيران المتحدث الرسمي بدلاً من “حزب الله”، الأمر الذي غير ديناميكية التفاوض وأضعف دور القيادة المحلية.

كما يشير جنبلاط إلى أن إسرائيل تقوم بعملية تدمير ممنهج للجنوب اللبناني، موضحًا أن هناك مشروعًا قديماً لترحيل شيعة جبل عامل إلى خارج لبنان، يعود إلى فترة الانتداب الفرنسي، وتستمر إسرائيل في السعي لتنفيذ هذا المشروع اليوم. أما بخصوص القرار 1701، يرى جنبلاط أن إسرائيل تحاول إدخال صيغة جديدة له تتيح لها حق التدخل الأمني في لبنان، كما كان الحال في اتفاقية 17 أيار التي رفضها اللبنانيون سابقاً، ويعتبر أن الظروف الحالية تستدعي من “حزب الله” التفاوض للوصول إلى حلول دائمة تحمي لبنان.

وحول الشأن الداخلي اللبناني، يؤكد جنبلاط دعمه للتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، مشيراً إلى دوره الكبير في حفظ الاستقرار، ويشدد على ضرورة تجديد قيادة الأركان والأجهزة الأمنية كجزء من تعزيز دور الجيش في هذه المرحلة. وفي ما يتعلق بانتخابات الرئاسة، يرفض جنبلاط الانخراط في تسمية مرشح بعينه لكنه يدعو إلى ضرورة انتخاب رئيس قبل الانتخابات النيابية المقبلة، وضرورة أن يتمتع الرئيس الجديد بحيثية وطنية توافقية تمكّنه من العمل على تهدئة الوضع الداخلي.

جنبلاط أبدى اهتمامًا خاصاً بمسألة النازحين، مطالباً بتوفير المزيد من مراكز الإيواء لهم، ويؤكد على ضرورة استمرار تقديم الدعم الإنساني لهم في ظل الوضع الأمني المتدهور، مفضلاً أن يتم التعامل مع الملف من منطلق إنساني وأمني، ويعتبر أن على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية التصعيد الأخير، وأن تتوقف عن استهداف المدنيين.

كما انتقد جنبلاط بعض التصريحات الأوروبية، مشيرًا إلى انحياز بعض الدول كألمانيا لصالح إسرائيل، وداعياً المسؤولين الأوروبيين إلى التراجع عن تصريحاتهم المسيئة للبنان. وفي سياق منفصل، اعتبر جنبلاط أن استمرار الاجتماعات بين الزعماء الدروز، كما حدث في بعذران، يهدف إلى تعزيز الحوار بين مختلف الأطراف وتوحيد الصف الداخلي.

واختتم جنبلاط حديثه بالتأكيد على أهمية اتفاق الطائف كإطار سياسي جامع للبنان، مشيراً إلى أن أي تعديلات في النظام السياسي يجب أن تكون مدروسة وبعيدة عن أي محاولة لتغيير الطائفية السياسية حاليًا، ودعا إلى اعتماد نظام لامركزي موسع ولكن ضمن إطار الوحدة الوطنية.

على صعيد اخر
أدان وليد جنبلاط قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتفجير رصيف في بلدة يارون، مُشيدًا بأهمية هذا الموقع التاريخي
. وكتب جنبلاط على منصة “إكس”: “هذا الرصيف في يارون ليس من ممتلكات إمبراطورية سليمان، ولكنه يقع ضمن حدود منطقة قبيلة نفتالي. اليوم دمّره الجيش الإسرائيلي. الذاكرة الخالدة للرّصيف وما يحمله من تاريخ يجب أن تجد صخراً من يارون تحفظ به أكاديمية التاريخ الفرنسية”.