كتب حنا صالح في صبيحة اليوم الـ 1853 على بدء ثورة الكرامة
دخلت الحرب الإسرائيلية على لبنان أخطر مراحلها، وهي ستمتد حتى دخول الرئيس المنتخب ترمب إلى البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني المقبل أي بعد 72 يوماً!
إنها مرحلة إستكمال تدمير المتبقي من بيوت بلدات الحافة الأمامية، وفي عمق يصل إلى أكثر من 8كلم. هنا كم يبدو الحديث عن أن العدو لم يتمكن من الدخول إلى بلدة واحدة مجافٍ للواقع.. مع ما نشهده من تزنير البيوت بالمتفجرات وتلغيمها وتفجيرها، بحيث بات الدمار يرسم أكثر من غزة في كل بلدات الشريط الحدودي. كما بدأت تشهد المرحلة الثانية شن الغارات المدمرة في العمق، في لبنان أساساً وفي سوريا كذلك، وعنوانها تدمير الأماكن المشتبه بها كمخازن أسلحة وفرض إقفال تام للحدود بين البلدين لمنع أي إمداد عن حزب الله. ولافت أن الغارات الواسعة تطال كل الحواضر ذات الأغلبية الشيعية كمدينتي بعلبك وصور ومعهما الضاحية الجنوبية حيث يتواصل التدمير الممنهج. وتترافق الغارات المدمرة مع تكثيف المطاردة بالمسيرات لتنفيذ بنك أهداف من التصفيات الجسدية تحت عنوان إنهاك حزب الله وإظهار محدودية قدرته أمام الترسانة المخيفة التي يمتلكها العدو!
ما يمر به لبنان الآن شبيه بما عرفته غزة منذ أشهر، ويعادل نكبة لم يعرفها لبنان في تاريخه. فكل الحروب السابقة لم تعرف إقتلاعاً جماعياً للمواطنين، ولم تعرف تدميراً بنسبة مئة بالمئة لكل قرى وبلدات جنوب الليطاني فيما الدمار فلكياً في شمال الليطاني..كما لم يشهد الجنوب في كل المراحل السابقة ما يشهده اليوم من تدمير وتلويث للتربة وحرق للبساتين والأحراج وجعل المنطقة قاحلة يباس! والأرجح أن الأعداد الكبيرة من الناس، ضحايا هذه الحرب الإسرائيلية الإيرانية، الذين يتسقطون أخبار قراهم ومنازلهم عبر الصور والفيديوهات القليلة التي يسربها العدو أو عبر غوغل، لا يريدون أن يصدقوا مشاهد التدمير العمد لجني أعمار وحياة وتاريخ، كما لا يريدون أن يصدقوا أن تهجيرهم هذه المرة ليس مؤقتاً..فيما لم تتوقف ابواق الممانعة عن رش الأوهام والدعوة إلى التعلق برهانات قاتلة، وأنه من المبكر “إعلان نتائج تتعلق بهوية المنتصر أو المهزوم والحرب لم تضع أوزارها بعد”(..) فيما يتأكد أن هاجس رأس محور الممانعة ترتيب الحد الممكن من وضعية حزب الله التنظيمية العسكرية ما يبقي لبنان ورقة في ملف هيمنتها وتجبرها!
وسط المشهد الكارثي الذي يمر به البلد، يقتصر الدور الفعلي للمتسلطين على الإنتظار، وينشغل البلد بأرانب بري وصديقه حسن عباس في ديترويت، وفي تعميم رهانات على إتصال تم بين وزيري الخارجية الأميركي والفرنسي، أو لقاء مع سفير أو خبر عن إستقبال مسؤول في عاصمة معينة لسياسي لبناني يريد توجيه رسالة إلى الداخل أن لا شيء يشغله عن هم البلد(..) فيما هم يتجاهلون جميعاً مسؤوليتهم الأخلاقية والسياسية، فتنعدم أي مبادرة سياسية، أو خطوة تطلق مرحلة ترميم الشغور الرئاسي والفراغ السياسي المسؤول عن تغطية قرار حزب الله أخذ البلد إلى النكبة..
كل هذا الفراغ السياسي الخطير وإنعدام المسؤولية، يتزامن مع خطر داهم نوعي عنوانه بزوغ “عصر ليكودي” قد يفرض أجندة خطرة ربما تمس بعض الحدود التاريخية والهويات! الخطر الليكودي لا يحد منه ما ستكون عليه رؤية ترمب للمنطقة، ولأدوار دولها ومصير مشاريع الهيمنة، خصوصاً مع كشف وزارة العدل الأميركية عن مخطط تقف خلفه إيران، وكان يقضي بإغتيال الرئيس ترمب قبل الإنتخابات! كما ما يمكن للقمة العربية الإسلامية أن تؤثر بالمخرجات التي ستصل إليها، على الطروحات الأميركية المنتظرة، والتي منطقياً قد لا تتجاهل كلية هواجس العرب.. هنا يبدو أن منظومة التسلط والإبادة المحلية منشغلة بما هو إختصاصها، ألا وهو وضع اليد على حصص من المساعدات التي باتت تتسرب إلى الأسواق، فيما مفترض أنها مخصصة للنازحين وهم بحاجة لكل شيء، كما للمجتمعات اللبنانية المضيفة الهشة!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.