كتبت فاطمة حوحو لـ”أخباركم ـ أخبارنا”
تتابع النائب نجاة عون صليبا، قضية حماية الارث الثقافي والتاريخي والإنساني العالمي في لبنان، من الاعتداءات الإسرائيلية التي لم توفره باستهدافاتها سواء في بعلبك أو صور أو صيدا. وقد وضعت مع مجموعة من نواب التغيير هذه القضية في مقدمة اهتماماتهم، إضافة إلى الإهتمام بالنازحين كل في منطقته، بعيداً عن المزايدات ورغبات الهيمنة على المساعدات والتحكم في توزيعها، وفقاً لأهواء “الثنائي الشيعي” الذي يريد حفظ ماء الوجه أمام جمهوره من “كيس الدولة” التي دمرها بسياساته المعرقلة لعمل المؤسسات، والهيمنة على قراراتها وكل ما يوحي بوجودها.
لا يغيب المنطق والنقاش الهادىء عن دكتورة الكيمياء التحليلية ومديرة مركز حفظ البيئة في الجامعة الأميركية في بيروت، فهي تؤكد على ضرورة لقاء الجميع حول موضوع سيادة لبنان وانتخاب رئيس وفقاً للنظام الديموقراطي، وليس عرقلته لكي يخدم مصلحة حزب أو دولة خارجية، فهو استحقاق داخلي ومن الواجب تحقيقه.
وترى في حوار مع “أخباركم – أخبارنا”، أن قرار تسليم “حزب الله” لسلاحه هو قرار إيراني وليس قراراً داخلياً، مشددة على أنه “من المفروض أن نتفق جميعاً كلبنانيين على خط واحد وقرار واحد، لكي ندعم موقف لبنان السيادي”.
وهنا نص الحوار:
*هل لديكم معلومات او أجواء خاصة عما يدور في المفاوضات لوقف النار، وهل سيرضى “حزب الله” بالتراجع عن سياسة توريط لبنان؟
- المفاوضات بدأت عندما جاء مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين في المرة الماضية الى لبنان حاملاً شروطاً إسرائيلية عالية النبرة، فكان رد اللبنانيين نحن ملتزمون بالقرار 1701 ونحن بالتأكيد مع نشر الجيش على جميع الأراضي اللبنانية، ولكن لا يجب ان يكون هناك انتهاك للسيادة اللبنانية والسماح لإسرائيل بأن تدخل إلى لبنان ساعة تشاء، أو اذا شعرت بأن هناك خطراً ما عليها. وتبقى مسألة تسليم سلاح “حزب الله” كلياً، من خلال تنفيذ القرار 1559 والذي يأتي ضمن قرارات 1701، لأن قرار تسليم سلاح (ا ل ح ز ب) هو قرار إيراني أكثر منه قرار داخلي، وقد عبّر الإيرانيون مرات عدة عن تدخلهم في مسألة تسليم سلاح (ا ل ح ز ب) بالتوقيت والطريقة التي يرونهما مناسبين.
لقد جرّب الرئيس نجيب ميقاتي في القمة العربية ـ الإسلامية، أن يقول إنها حرب الآخرين على أرضنا. لكن ذلك لا يكفي، بل من المفروض ان نتفق جميعاً كلبنانيين على خط واحد وقرار واحد كي ندعم موقف لبنان السيادي. - ما هي الحلول المنطقية للخروج من هذه الأزمة؟
- الحلول واضحة جداً، أولاً علينا ان نعود للإلتزام بالعمل المؤسساتي، حتى نستطيع إعادة هيبة الدولة. وهيبة الدولة تكون بإنتخاب رئيس للجمهورية، وهو أمر يعود قراره إلى الداخل ولا يحتاج مثل هذا القرار إلى إذن من أحد. ثانياً لا بد من تشكيل حكومة فاعلة لا الاستمرار بحكومة تصريف أعمال، حكومة مصغرة إنقاذية وهذا أمر ضروري، حتى لا نعود نراعي توازن الأحزاب في التمثيل الحكومي وتكريس المحاصصة وما يسمى بالديمقراطية التوافقية، تلك البدعة التي لم توصلنا إلا إلى الخراب. وعندما يحصل هذان الأمران، أي إنتخاب رئيس وتشكيل حكومة، يمكن لهذه المؤسسة التنفيذية إضافة للمؤسسة التشريعية أي مجلس النواب، الوقوف كسد منيع أمام التدخلات الأجنبية، والقول لا نريد إيران ولا نريد حرباً على أرضنا، بل نحن نريد حماية سيادة لبنان ونريد أن يكون الجيش اللبناني وحده مسؤولاً عن أمن هذه الدولة وحماية حدودها.
وهنا أعود للتأكيد على أنه إذا لم تفعّل المؤسستان التنفيذية والتشريعية لا يمكننا الوقوف والاستمرار، لذا نحن بحاجة إلى موقف واضح وجامع حتى نحمي سيادة لبنان. أما إذا بقي هنالك فريق يعمل لوحده، ويتفرد بالقرار في المحادثات والمفاوضات، فهذا يشكل نقطة ضعف وليس نقطة قوة للبنان. يعني لا يحق ابداً للرئيس نبيه بري بصفته هو رئيس الهيئة التشريعية، أن يكون المفاوض الوحيد مع هوكشتاين او مع الايرانيين أو مع المصريين أو غيرهم، كونه يمثل البرلمان اللبناني. ونجيب ميقاتي الذي يمثل رئيس السلطة التنفيذية في غياب رئيس الجمهورية، ليس لديه مجلس وزراء جامع. من هنا لا يستطيع ميقاتي أن يقف موقفاً صلباً، ولا يحق له ان يكون المفاوض الوحيد باسم الدولة اللبنانية. إن الطريقة الوحيدة السليمة التي لا بد لها من أن تعكس صورة صحيحة عن الوضع اللبناني وتحفظ سيادة لبنان، تكمن في تشكيل حكومة إنقاذية، فاعلة ومصغرة بعد انتخاب الرئيس، وعندها يمكن مع رئيس مجلس النواب أن يوضحوا ويظهروا الموقف اللبناني في حالة معبّرة تجسد صورة لبنانية جامعة وواضحة. بالتأكيد، نحن نريد سيادة لبنان، ونريد حمايته جميعاً مع بعضنا البعض، لا أن يقوم بذلك كل طرف بمفرده.
*لماذا لم تنجح فكرة التواجد في المجلس حتى انتخاب رئيس التي بادرت إلى القيام بها مع النائب ملحم خلف، وما هو المطلوب من النواب اليوم؟
- تواجدت في المجلس النيابي مدة 243 يوماً، وملحم خلف يتواجد منذ أكثر من 650 يوماً. ما حدث ان كل الكتل النيابية لا تزال تراهن على الفرص التي ستعطيها حظاً أكبر في أن تفرض رئيس الجمهورية تابعاً. كل المناورات والمراوغات التي حصلت منذ بدء الشغور وحتى اليوم، كانت تجري وفقاً لسياسات تخدم المصلحة الشخصية، أو المصلحة الحزبية، وتقدمها على المصلحة الوطنية. والا ما الذي يمنع النواب من النزول إلى المجلس، وانتخاب رئيس مثلما يحصل في اي نظام ديموقراطي في العالم؟ كامالا هاريس ودونالد ترامب اختلفا وتشاجرا وشتما بعضهما البعض أثناء الحملة الانتخابية، لكن يوم الانتخاب إلتزما بالنتائج، سواء كان الواحد منهما سعيداً أو حزيناً. لقد وضعا المصلحة الوطنية فوق مصلحتهما الشخصية، على الرغم من أن هناك من كان ضد أفكار ترامب ولكن لم يكسّروا بلدهم، ولم يقولا انه يجب ان يحصل فراغ وشغور في الرئاسة حتى يأتي الوقت المناسب الذي يضمن ربح أحدهما. وهنا أؤكد أن كل مراوغة وكل تأخير حتى ولو كان ثانية واحدة، لا يفيد حتى لو فكر البعض ان مصالح حزبهم فوق المصلحة الوطنية، علماً أن هذا التفكير معيب لأنهم يعتقدون انها طريقة مناسبة لتقوية حظوظهم بالفوز بكرسي الرئاسة. ما يحصل لا بد من أن يسجله التاريخ عليهم، والناس تعي ذلك وتعرف كم أن هذه الاحزاب تسعى إلى تخريب البلد وتحاول أن تقوى عليه، بدلاً من أن تقوى به.
- لماذا يتحرك نواب “ثنائي الشيعي” في قضية مساعدة النازحين مع هيئة الطوارىء في معزل عن نواب الكتل الاخرى لدعم النازحين، وماذا فعل نواب التغيير في اطار تقديم ما يجب أن يقدموه في هذه الازمة؟
- نواب “الثنائي الشيعي” يعتبرون أن موضوع النازحين يعنيهم بالدرجة الأولى لأنه يطال اهلهم وبيئتهم، وهم يحاولون قدر الإمكان الإستفادة منه لأنهم أصبحوا مفلسين، ولم يعد هناك إيرادات قوية لكي يستفيدوا منها. لقد كانوا سابقاً يستفيدون كثيراً من الاعانات التي كانت تأتي ويهيمنون عليها. لذلك فهم يجربون اليوم ان يحصلوا على كل المساعدات التي ترد إلى هيئة الإغاثة، لكي يظهروا أمام جمهورهم بأنهم حريصين عليه. لقد تعوّدوا على هذه السياسة الزبائنية منذ العام 1990 وحتى اليوم، وأعتقد أنها صارت ضعيفة جداً جداً. في النهاية، ويا للأسف، وصلوا الى مكان يتطلب أن “يضعوا أيديهم” على الإعانات التي تصل لإغاثة الناس.
*ماذا فعل نواب التغيير في إطار تقديم ما يجب في هذه الأزمة؟
- أعتقد أن نواب التغيير أعطوا أهم شيء في هذه الأزمة، اولاً وقفوا على مسافة واحدة من كل الأطراف والأطياف وهذا كان خطابهم السياسي منذ البداية. ثانياً أوضحوا بأنهم يريدون بناء الدولة لا بناء طوائف ولا بناء أحزاب، وركزوا على فكرة أن بناء الدولة هو الأهم من كل شيء. ثالثاً كانوا يطالبون خلال حملاتهم الانتخابية ببناء الدولة وبناء جيش واحد وبناء مؤسسات، وتبين أنهم كانوا على حق. وفي الوقت نفسه، نقف اليوم جميعاً حتى نساعد أهلنا النازحين من الجنوب، وكل ضمن منطقته يقوم بدوره على قدر إمكاناته. *كيف تتابعون قضية الحفاظ على الأماكن التاريخية والأثرية علماً انه سبق أن قدمتم مذكرة من اجل حمايتها من الاعتداءات الإسرائيلية، فهل من جديد في اطار هذا التحرك؟
ـ بالنسبة إلى الأماكن التاريخية والأثرية المدرجة في لائحة الأونيسكو، في صور وصيدا وبعلبك، وجهنا نداء إلى المديرة العامة للأونيسكو أودري أزولاي وهو نداء يطلق لأول مرة في التاريخ، وقد وقعه 105 نواب من معظم الكتل النيابية، وقدمناه من خلال وزارة الخارجية للأونيسكو، وقد عدت وتواصلت مع المسؤولة عن الأونيسكو في لبنان والشرق الأوسط، وقد أكدت لي أن الموضوع يتابع. وفي الوقت نفسه، تواصلنا مع عدد كبير من المعنيين ومع الوسائل الاعلام متل “بيروت تايم” واطلقنا عريضة للتوقيع وهي تلقى اهتماماً من قبل الناس وقد وقعها أكثر من الفي شخص. سنقدم هذه العريضة الشعبية إلى وزارة الخارجية لكي نؤكد على اهتمام الناس بموضوع حماية الآثار والابنية التراثية، وعليه سيتم الطلب من جميع الدول في العالم، من خلال الأونيسكو، أن يضغطوا على اسرائيل حتى لا تدمر الإرث التاريخي والإنساني العالمي، الذي هو ملك العالم والبشرية جمعاء.