أخباركم – أخبارنا
في خضم الصراع المحتدم بين إسرائيل و”حزب الله”، باتت مدينة القصير السورية وريفها هدفاً متكرراً للغارات الإسرائيلية التي تجاوزت الحدود اللبنانية لتصل إلى الداخل السوري. هذه الهجمات تهدف إلى تقويض النفوذ العسكري للحزب وإضعاف خطوط إمداده الممتدة بين سوريا ولبنان، مما يعكس تعقيدات المشهد العسكري والسياسي في المنطقة.
لم تكتفِ إسرائيل باستهداف المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، بل وسعت دائرة غاراتها لتشمل الريف الغربي لمحافظة حمص، مع تركيز خاص على مدينة القصير ومحيطها، والتي تبعد حوالي 20 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية. الغارات دمرت عدداً من الجسور الحيوية مثل جسر نهر العاصي الرئيسي، الذي يعتبر شرياناً رئيسياً يربط المدينة بمحيطها في الريف الغربي والجنوبي، بالإضافة إلى طرق وحواجز عسكرية تابعة للنظام السوري.
وفقاً للجيش الإسرائيلي، فإن هذه الضربات جاءت لمنع تهريب الأسلحة إلى “حزب الله”، الذي يعتبر القصير مركزاً استراتيجياً له منذ عام 2013، عندما سيطر عليها بعد معارك طاحنة مع “الجيش السوري الحر”. هذه السيطرة جاءت بعد تدمير واسع للمدينة ونزوح سكانها إلى لبنان، لتتحول بعدها القصير إلى ما يشبه “دويلة” خاصة بالحزب، حيث تشكلت فيها مقرات عسكرية ومراكز تدريب للمقاتلين الموالين له.
في هذا السياق، أوضح مصدر في المعارضة السورية أن القصير أصبحت بمثابة العمق الاستراتيجي للحزب، نظراً لموقعها القريب من الحدود اللبنانية، والذي يمتد إلى منطقة الهرمل في لبنان، مروراً بالبقاع. ورغم عودة بعض السكان إلى المدينة لاستئناف نشاطاتهم الزراعية، فإن العودة اقتصرت على الموالين للنظام السوري وتحت رقابة صارمة من “حزب الله”، الذي يفرض سيطرته الأمنية التامة على المنطقة.
منذ اندلاع المواجهات مع إسرائيل، نقل الحزب معظم قواته وعدداً كبيراً من مخازن أسلحته من القصير إلى الداخل اللبناني. ومع ذلك، تبقى المنطقة تحت نفوذه القوي، وهو ما أكده العرض العسكري الضخم الذي نظمه في عام 2016 بمطار الضبعة، كإشارة واضحة إلى من تبقى من السكان المهجرين بأن العودة إلى ديارهم باتت صعبة.
القصير تعتبر اليوم نقطة لوجستية محورية لتجميع الصواريخ والمسيّرات التي تصل من إيران، وفق ما صرح به الخبير العسكري اللبناني العميد سعيد القزح، الذي أشار إلى أنها تضم مصنعاً لإطلاق صواريخ “الكاتيوشا” و”الغراد”. ويرى أن الغارات الإسرائيلية لا تستهدف الجسور والطرق فحسب، بل تمتد إلى الشاحنات التي تحمل الإمدادات نحو لبنان، مما يؤكد توسع إسرائيل في رقابتها الجوية حتى داخل العمق السوري.
الغارات الأخيرة لم تقتصر على تدمير البنية التحتية، بل أكدت وجود رقابة إسرائيلية مشددة تهدف لتعطيل كل طرق الإمداد الحيوية بين سوريا ولبنان، في محاولة لاحتواء وتعطيل “حزب الله” وتحجيم قدراته العسكرية على الجبهة الجنوبية للبنان.