كتب ابراهيم بيرم: شرع حزب الله في الاونة الاخيرة، في المضي قدماً في انفاذ قرار اتخذه ضمناً عنوانه العريض: “الكف عن اي اداء سياسي او اداري من شأنه ان يساهم في رفع منسوب استياء المسيحيين على اختلافهم، والعمل الجدي في المقابل بغية تحسين مستوى العلاقات مع الفريق المسيحي، جمهوراً وقوى ومرجعيات”.
هذا التوجه ابلغه رسمياً نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الى رئيس حزب تيار التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، فضلاً عن ان ثمة قيادات تنفيذية في الحزب شرعت في ابلاغ حلفاء الحزب واصدقائه بضرورة الالتزام بهذا التوجه.
واذا كان ثمة معلومات سرت في الاوساط السياسية اللبنانية في الساعات الماضية، عن احتمال وشيك لاعادة بعث الحرارة في قنوات الاتصال والحوار بين الحزب والمرجعية الروحية المارونية، فان ثمة من يرى لتوجه الحزب هذا مقدمات اولى تجلت اكثر ما يكون في انحياز الحزب المبكر الى جانب الرفض المسيحي لتعيينات تقدم عليها حكومة تصريف الاعمال برئاسة نجيب ميقاتي، كمثل تعيين بديل عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يفترض ان يخرج من مقر المصرف رسميا في اليوم الاخير من شهر تموز الجاري، بعد ان امضى فيه ثلاثين عاماً بلا انقطاع.
ولقد كان للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله قصب السبق في هذا الاطار عندما اعرب في اطلالة اعلامية له قبل نحو شهور ثلاثة، عن رفضه الصريح لأي قرار بالتعيين قد تلجأ اليه حكومة تصريف الاعمال خلافاً للقوانين المرعية الاجراء.
وفي الساعات القليلة الماضية، ابلغ الحزب رسمياً الى التيار الوطني الحر، وفق ما صرح الوزير السابق والمستشار الاول للرئيس السابق العماد ميشال عون، سليم جريصاتي، بأنه (الحزب) لن يسير في مجلس الوزراء الحالي في اي خيار يقود الى تعيين بديل لسلامة، وان التعليمات اعطيت لوزيري الحزب في الحكومة علي حمية ومصطفى بيرم، بأن يكونا الى جانب الوزراء المحسوبين على التيار البرتقالي في اي قرار يسيرون به في هذا الشأن.
والتزام الحزب بهذا التوجه ينطوي على الاحتمالات الاتية:
– انه سيدخل في خلاف وتعارض مع حليفه الدائم الرئيس نبيه بري ووزرائه في الحكومة، خصوصاً وان بري سرب اجواء مفادها انه يجاري الرئيس ميقاتي في “تعيين الضرورة” .
– وبناء عليه، ثمة استحالة في تأمين النصاب اللازم لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء، وهذا يعني استطراداً بأن مشكلة من يتسلم مهمات حاكم مصرف لبنان في اواخر الشهر الجاري ستبقى قائمة بلا حل خصوصاً ان النائب الاول للحاكم ( الحسوب على بري ) والذي يفترض تلقائياً ان يتسلم صلاحيات الحاكم قد اعلن عزوفه عن ذلك، ولوح مع زملائه الثلاثة الباقين بتقديم استقالتهم جماعياً اذا لم يتم تعيين بديل للحاكم الحالي، لأنهم ليسوا في وارد تحمل المسؤولية.
وهكذا، وعلى نحو نادر، يماشي حزب الله شريكه في التفاهم المعلق ( تفاهم مار مخايل ) على حساب علاقته الوثقى بحليفه الثابت الرئيس بري.
والذريعة التي يستند اليها الحزب لتسويغ توجهه هي: يكفي ضغطاً على المسيحيين ومضايقة لهم.